الحدث:
أخلى "حزب كوملة" الكردي الإيراني المعارض معسكراته الموجودة قرب الحدود مع إيران، في مناطق "بانه كورة" و"زركويز" و"زركويزله" قرب محافظة السليمانية شرق كردستان العراق، في الخامس من أيلول/ سبتمبر الجاري، ونقل أفراده إلى منطقة سورداش بالقرب من مدينة دوكان التابعة لمحافظة السليمانية.
الرأي:
يمثل إخلاء "حزب كوملة" (الفرع الكردي للحزب الشيوعي الإيراني) لمعسكراته في كردستان العراق، ونقلها إلى منطقة سورداش التي يصعب التسلل منها إلى داخل إيران، ونزع أسلحته الثقيلة، نجاحًا للضغوط الإيرانية على حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان شمال العراق.
من جهتها، مزجت طهران بين الدبلوماسية الأمنية والضغوط العسكرية لإبعاد مقاتلي الأحزاب الكردية عن المناطق الحدودية، التي تتيح التسلل لتنفيذ هجمات داخل إيران. ولتحقيق ذلك، وقعت طهران اتفاقية تعاون أمني عام 2023 مع الحكومة العراقية تقضي بنزع سلاح الأحزاب الإيرانية الكردية المتواجدة شمال العراق، وهي الاتفاقية التي أعقبت شن الحرس الثوري أربع هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على تلك المعسكرات نهاية عام 2022، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات من المقاتلين الأكراد، على خلفية اتهام الأجهزة الأمنية الإيرانية للأحزاب الكردية بتأجيج المظاهرات والهجمات خلال الاحتجاجات، التي أعقبت وفاة الشابة الكردية الإيرانية "مهسا أميني" على يد شرطة الأخلاق في طهران، فضلًا عن تنفيذ هجمات داخل البلاد بالتنسيق مع جهاز "الموساد" "الإسرائيلي".
تجدر الإشارة إلى أن عمليات الإخلاء المشار إليها تستبق الزيارة المقررة التي سيقوم بها الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى بغداد وكردستان، والتي ستكون الزيارة الخارجية الأولى له بعد توليه منصبه، في إشارة لأهمية العراق لدى طهران. ويلاحظ أيضًا أن اللقاءات الرسمية الإيرانية مع المسؤولين العراقيين والأكراد، عادةً ما يليها أو يسبقها اتخاذ إجراءات ضد عناصر المعارضة الكردية الإيرانية المتواجدين شمال العراق، فبعد اجتماع اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني بين البلدين في أيلول/ سبتمبر 2023، جرى إلغاء جوازات السفر العراقية لنحو 76 شخصًا من قيادات الأحزاب الكردية الإيرانية.
في هذا الإطار، استفادت طهران من علاقاتها الوطيدة مع الحكومة العراقية الحالية، ومن ضغوطها العسكرية على حكومة كردستان العراق التي تحرص على تجنيب مناطق سيطرتها عمليات القصف الإيراني المتكرر، التي تؤدي إلى فقدان الشعور بالأمن وتؤثر على الاستثمارات الأجنبية، بينما لا تجلب أنشطة الأحزاب الكردية الإيرانية مكاسب ملموسة للإقليم. ومن المتوقع أن تتواصل الضغوط الإيرانية لتقييد أنشطة الأحزاب الكردية الأخرى، مثل حزب الحياة الحرة الكردستاني "بيجاك" وحزب الحرية الكردستاني "باك"، بينما لا تملك حكومة كردستان بالمقابل كثيرًا من الأوراق لمقاومة الضغوط الإيرانية، حتى إنها عمدت لتسليم عضو "حزب كومله"، بهزاد خسروي، إلى طهران بحجة عدم امتلاكه تأشيرة دخول صالحة لدخول كردستان، ورغبته في العودة الطوعية لإيران، وهو ما نفاه "حزب كومله"، فيما يعد حادث التسليم أحد مظاهر تقرب "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة "بافل طالباني" من طهران.