الحدث:
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية في حصيلة غير نهائية استشهاد 558 مواطنًا، بينهم 35 طفلًا و58 امرأة على الأقل، وإصابة أكثر من 1835 شخصًا، وذلك في سلسلة غارات متواصلة للطيران "الإسرائيلي" استهدفت جميع الأقضية في محافظات الجنوب والنبطية والبقاع و"بعلبك – الهرمل"؛ حيث طالت الهجمات أكثر من 1300 نقطة أو هدف وفق بيان الجيش "الإسرائيلي". بالمقابل، قصف "حزب الله" بالصواريخ مناطق الجليل الأعلى والغربي ومدنيتي حيفا وعكا ومحيطهما والناصرة ومستوطنات شمال الضفة الغربية، وضرب بصواريخ "فادي 1" و"فادي 2" قاعدة "رامات ديفيد" الجوية ومطار "مجدو" العسكري، إضافةً إلى شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية وقاعدة "عاموس" للنقل اللوجستي.
الرأي:
دخل لبنان مرحلة جديدة ضمن معركة "طوفان الأقصى"؛ فقد أصبح جبهة حرب أساسية لها الأولوية بالنسبة لجيش الاحتلال الذي بدأ موجة جديدة غير مسبوقة من التصعيد، افتتحها بعمليتي تفجيرات الأجهزة اللاسلكية، مرورًا باغتيال قائد فرقة الرضوان، إبراهيم عقيل، ومساعده، أحمد وهبي، في الضاحية الجنوبية، وصولًا إلى الهجمات الجوية واسعة النطاق جغرافيًا ونوعيًا، على مراكز ومستودعات ومنصات إطلاق تابعة لـ"حزب الله"، والتي أعلن أنها بداية عملية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم "سهام الشمال".
وقد طالت الاعتداءات الجوية "الإسرائيلية" أهدافًا مدنية؛ مثل طرقات ومنازل ومرافق صحية، بزعم أن "حزب الله" يستخدمها لأغراض عسكرية. ومن الواضح أن الاحتلال يركز في هجماته على تقويض قدرات "حزب الله" الصاروخية واللوجستية والميدانية وشل منظومة السيطرة والتحكم، لا سيما وأنها تترافق مع عمليات الاغتيال لقادة الحزب العسكريين التي كان آخرها محاولة الاغتيال الفاشلة في الضاحية الجنوبية، لقائد الجبهة الجنوبية، علي كركي.
بالمقابل، ورغم توسيع "حزب الله" نطاق استهدافاته، لكنّه يركز جهوده على استهدف القواعد والأهداف العسكرية "الإسرائيلية"، وهو ما يشير إلى أن الحزب ما زال يتجنب استهداف "مدنيين إسرائيليين"، كي يتجنب مزيدًا من استهداف البنية المدنية في بيروت، وهو الأمر الذي يلوح به قادة الاحتلال من وقت لآخر.
في ضوء ذلك، تتجه الأوضاع نحو مزيد من التصعيد عبر توسيع العمليات الجوية المركزة وعمليات الاغتيال؛ بحيث صار التساؤل الآن حول مستوى الحرب الدائرة وليس احتمال وقوع الحرب. ويعزز ذلك مصادقة هيئة الأركان على مزيد من الضربات في عمق لبنان تقارب 10000 هدف، مع بقاء "الدخول البري المحدود" خيارًا مطروحًا على الطاولة حتى الآن، بل إن احتمال وقوعه أصبح مرتفعًا.
من جهة أخرى، تبقى طبيعة ردود وهجمات "حزب الله" عاملًا أساسيًا في مسار التصعيد؛ فما زال الحزب ومن خلفه إيران يحاول تفويت الفرصة على "نتنياهو" الذي يحاول فرض حرب واسعة في لبنان، تبرر له تحقيق أكبر مستوى ممكن من التدمير المدني، الذي يشمل بالضرورة القضاء على الكثير من قدرات الحزب التي راكمها خلال العقدين الماضيين.