الحدث:
قال مسؤولون إن سفينة حربية مصرية سلّمت شحنة ثانية كبيرة من الأسلحة إلى الصومال، تشمل مدافع مضادة للطائرات ومدفعية. من جهتها، قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان الإثنين الماضي: "وصلت شحنة من المساعدات العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو لدعم وبناء قدرات الجيش الصومالي"، موضحةً أن الشحنة "تؤكد الدور المركزي المستمر لمصر في دعم الجهود الصومالية لتطوير القدرات الوطنية اللازمة لتحقيق تطلعات الشعب الصومالي للأمن والاستقرار والتنمية". وقالت وكالة "رويترز" إن السفينة الحربية المصرية بدأت تفريغ الأسلحة يوم الأحد الماضي، فيما قال عاملان في الميناء ومسؤولان عسكريان للوكالة إن قوات الأمن أغلقت رصيف الميناء والطرق المحيطة به يومي الأحد والإثنين، بينما كانت القوافل تحمل الأسلحة إلى مبنى تابع لوزارة الدفاع وقواعد عسكرية قريبة.
الرأي:
تؤكد هذه الخطوة جدية مصر في مواجهة تحرك إثيوبيا في القرن الأفريقي، خصوصًا في الصومال؛ فقد سبق أن أرسلت دفعة أولى من المعدات والقوات في آب/ أغسطس الماضي، ما أثار انتقاد أديس أبابا. لذلك، من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من الاحتكاك والتوتر الأمني بين البلدين وبين إثيوبيا، خاصة في ظل تقارير تؤكد إرسال إثيوبيا مساعدات عسكرية إلى سلطات إقليم "أرض الصومال" الانفصالي.
من جانبها، تسعى القاهرة لمنع إثيوبيا من تنفيذ مشروعها في أرض الصومال، الذي يشمل الحصول على قاعدة عسكرية بحرية وحق استخدام ميناء بربرة، مقابل الاعتراف باستقلال أرض الصومال. وبهذا لا تدافع مصر عن وحدة الصومال فحسب، التي ستكون مهددة في ظل سعي أقاليم أخرى إلى الانفصال ما يهدد الأمن عمومًا في القرن الأفريقي، لكنّ القاهرة تخشى من النفوذ الذي ستمنحه القاعدة العسكرية لإثيوبيا على الملاحة في قناة السويس، وهو ما يزيد أوراق أديس أبابا قوة في تنافسها مع مصر بعد أن فرضت الأمر الواقع في ملف مياه النيل.
وقد بدأت مصر بالفعل نشر نحو ألفي جندي كدفعة أولى، حسبما ورد، وهي المرة الأولى منذ حرب اليمن في الستينيات، لكن من غير الواضح بعد إذا كان هذا الانتشار مرتبطًا فقط بمساهمة مصر في قوات الاتحاد الأفريقي لدعم الصومال، أم إن هذا الانتشار مرتبط باتفاقية التعاون العسكري الثنائية، وهو ما يفتح الباب لتواجد مصري أطول في الصومال. وتجدر الإشارة إلى أن الدفعة الأولى أُرسلت جوًا عبر طائرات مصرية، لكن وصول السفن المصرية قد يكون مقصودًا للتلويح باستعداد مصر لإرسال سفنها العسكرية لدعم مقديشو وإجهاض مشروع الانفصال.
في ظل هذه التوترات، ليس من المستبعد أن تحدث صدامات عسكرية محدودة مع القوات الإثيوبية المنتشرة في الصومال، ضمن مهمة الاتحاد الأفريقي، والتي طلبت مقديشو انسحابها قبل نهاية العام عقب الاتفاق الإثيوبي مع أرض الصومال. لكن احتمال الصدامات العسكرية سيتراجع إذا ابتعدت القوات المصرية عن المناطق الحدودية الإثيوبية وتركزت في العاصمة مقديشو. من جهة أخرى، فإن المؤشرات تؤكد أن إثيوبيا ما زالت ماضية في خططها التي تعتبرها ضرورية لـ"تصحيح الظلم"، الذي تعرضت له منذ استقلال إريتريا وتحوّل البلاد إلى دولة حبيسة وهو ما حدّ من نفوذها الإقليمي.