الحدث:
أعلن "حزب الله" أن المقاومة الإسلامية في لبنان استهدفت مقر قيادة "الموساد" في ضواحي "تل أبيب"، بصاروخ باليستي من نوع "قادر1". وقال الحزب في بيان مقتضب إن المقر المستهدف هو المسؤول عن عمليات الاغتيال لكبار مسؤولي الحزب وتفجير أجهزة "بيجر" والأجهزة اللاسلكية. بالمقابل، أفادت إذاعة الجيش "الإسرائيلي" باعتراض صاروخ "أرض-أرض" أُطلق من لبنان تجاه "تل أبيب" الكبرى، في سابقة منذ بداية الحرب "الإسرائيلية" على غزة قبل نحو عام، مضيفةً أن صافرات الإنذار دوت في أكثر من 20 بلدة وسط "إسرائيل".
الرأي:
تعد هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها المقاومة اللبنانية "تل أبيب" بشكل مباشر بصاروخ باليستي متوسط المدى، ويأتي ذلك بعد دخول جبهة لبنان مرحلة جديدة في الحرب الدائرة التي بدأها جيش الاحتلال بموجة من التصعيد والقصف المكثف، نحو العمق اللبناني واغتيال العديد من كبار القادة العسكريين لـ"حزب الله" أبرزهم "إبراهيم عقيل" وعدد من مساعديه في قيادة "فرقة الرضوان"، وكذلك "إبراهيم قبيسي" الذي تدعي "إسرائيل" أنه قائد المنظومة الصاروخية في الحزب.
ويأتي استهداف "تل أبيب" بعد ادعاء جيش الاحتلال بأنه دمر جزءاً كبيراً من القدرات الصاروخية للحزب، تصل إلى 50% وذلك بعد تنفيذ أكثر من 1500 غارة في اليوم الأول من التصعيد الحالي، والذي قابله الحزب بإدخال صواريخ جديدة للمواجهة، مثل "فادي 1" و"فادي 2"، إضافةً لتوسيع دائرة النار واستهداف جميع مستوطنات الشمال وصولًا إلى حيفا وما بعدها، مع التركيز على الأهداف العسكرية وتحديدًا القواعد العسكرية والاستخباراتية.
كما يشير استهداف مقر قيادة "الموساد" بوضوح إلى أن الحزب يلجأ لتوسيع متدرج في استهدافه لمناطق جديدة نحو العمق "الإسرائيلي"، ردًا على مواصلة "إسرائيل" عمليات الاغتيال في الضاحية الجنوبية وتوسعة استهداف العمق اللبناني. ويعتبر هذا التصعيد المتدرج محاولة أخيرة من الحزب للحفاظ على أوراق الضغط والمفاجأت لديه، وردع حكومة "نتنياهو" عن التمادي في زيادة الهجوم على لبنان.
ولا شك أن استهداف "تل أبيب" يزيد من الضغوط على حكومة "نتنياهو" وهيئة الأركان، لا سيما وأن جماعة "أنصار الله" قد نجحت في استهداف "تل أبيب" بصاروخ "باليستي فرط صوتي" قبل نحو أسبوع، والذي فشلت الدفاعات "الإسرائيلية" في اعتراضه. وبالتالي، فإن استخدام هذه الصواريخ يحمل رسالة واضحة لقيادة الاحتلال نحو رسم معادلات جديدة من جبهات الإسناد اليمنية واللبنانية، في حال استمرت قيادة الاحتلال في تصعيد الموقف الذي قد يدفع هذه الجبهات لتكثيف استهدافها للعمق "الإسرائيلي"، في حال الذهاب لمواجهة مفتوحة. لكن بالمقابل، فإن استهداف "تل أبيب" سيدفع جيش الاحتلال لمزيد من تكثيف الضربات في الجنوب اللبناني؛ حيث يهدد قادته بفرض واقع جديد ومنطقة أمنية عازلة، وهي حاجة ملحة لاستعادة الردع ومعالجة هاجس الأمن الذي أطيح به في السابع من أكتوبر.