الحدث:
نفذ الجيش السوداني عملية عسكرية واسعة في مدن ولاية الخرطوم الثلاث (الخرطوم، أم درمان، بحري)، شاركت فيها قوات برية وجوية وبحرية؛ حيث تقدم خلالها عبر ثلاثة جسور تربط مدن العاصمة نحو أهداف قوات الدعم السريع، وسيطر على مواقع مهمة وسط الخرطوم، في تطور بارز بالمعارك التي بدأت قبل 17 شهرًا. في التفاصيل، عبر الجيش السوداني جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفايا التي تربط أم درمان مع الخرطوم وبحري، وتقدم باتجاهات مختلفة نحو أهداف استراتيجية للسيطرة على وسط الخرطوم. والتحمت قوات أم درمان التي اقتحمت السوق العربي مع قوات القيادة العامة وسط الخرطوم، ما يعني إنهاء الحصار على القيادة العامة للجيش بصورة كاملة.
الرأي:
كان الجيش السوداني يتبع تكتيكات دفاعية ويتحصن بمواقعه في العاصمة منذ اندلاع الصراع بينه وبين الدعم السريع حتى قام، الخميس الماضي، بشنّ هجمات كبيرة على مناطق في الخرطوم، والخرطوم بحري، منطلقًا من تمركزه الرئيسي في أم درمان. وقد أحدثت هجمات الجيش على الخرطوم والخرطوم بحري صدى كبيرًا؛ حيث تمكّنت قوات الجيش من بسط سيطرتها على كل ضاحية الكدرو شمال بحري، والتي كانت تحت سيطرة "الدعم السريع" منذ بداية الحرب. وتمكّن الجيش من إقامة دفاعاته عند المدخل الشرقي من جسر "الحلفايا"، تمهيدًا للانفتاح جنوبًا نحو مدينة الحلفايا التي تُعتبر معقلًا رئيسيًا لأعداد كبيرة من "قوات الدعم" وقيادتهم.
وتكمن أهمية انتشار الجيش في أحياء مدينة بحري في أنها تمهد الطريق لتحرير "مصفاة الجيلي"، التي تبعد 45كلم من شمال مدينة بحري وتعد من أهم المواقع العسكرية لقوات الدعم السريع، على اعتبار أن مقاومة الدعم السريع ستضعف بسبب نفاد الغذاء وتناقص فرص الإمداد من خارج دائرة المصفاة، بسبب الحصار الذي فرضه الجيش بتقدمه الأخير.
بالمقابل، نفت قوات الدعم السريع تحقيق العمليات العسكرية للجيش السوداني أي نجاحات تذكر، مشيرةً إلى أنها تصدت لما تسميه "كتائب البرهان" في كل المحاور، فيما حرصت أصوات إعلامية موالية لـ"الدعم السريع" على التجول وسط وغرب الخرطوم لتأكيد بقاء الوضع كما هو لصالحها.
بالمحصلة يتوقف تقييم العملية العسكرية الأخيرة لقوات الجيش السوداني على قدرتها على تثبيت سيطرتها على النقاط التي وصلت إليها، أو تحقيق تقدم إضافي في الأيام القادمة، وإلا فستكون هذه العلمية في إطار المناورات التكتيكية. لذلك من المبكر الحديث عن نتائج استراتيجة مترتبة على هذا التقدم، رغم أثره المعنوي الكبير على الجيش السوداني وأنصاره في عموم البلاد.