الحدث:
شارك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في توديع سفينة "الريس عروج" المتجهة إلى سواحل الصومال في مهمة تمتد إلى سبعة أشهر، للتنقيب عن النفط رفقة سفينتي دعم وإسناد وسفينة تتبع، إضافةً إلى فرقاطتين تابعتين للبحرية التركية.
الرأي:
يأتي إرسال سفينة "الريس عروج" إلى سواحل الصومال للتنقيب عن النفط، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين أنقرة ومقديشو عام 2024، تتويجًا للجهود التركية للاستفادة من الموارد الصومالية في تعزيز أمن الطاقة وتقليل عجز استهلاك تركيا للطاقة البالغة تكلفته 50 مليار دولار سنويًا. ويلعب تحرك أنقرة في هذا الاتجاه دورًا محوريًا في الأزمة التي يمر بها الاقتصاد التركي والذي ينعكس سلبًا على شعبية "حزب العدالة والتنمية" الحاكم. بالمقابل، تأمل مقديشو في الحصول على مصدر إيرادات جديد يعزز من الاقتصاد الصومالي، ويقلل من اعتماد الميزانية الحكومية على المنح من الجهات الدولية والدول الصديقة.
من ناحية أخرى، فإن انخراط فرقاطتين تركيتين في مهام تأمين عمليات التنقيب عن النفط في ثلاث مناطق امتياز تبلغ مساحة كل منها خمسة آلاف كيلومتر أمام سواحل الصومال، يعزز من ثقل أنقرة كقوة بحرية قادرة على العمل بعيدًا عن السواحل التركية، بما يتضمنه ذلك من اكتساب خبرة في الإمداد اللوجستي وتعزيز القدرات التشغيلية، كما يُكسب تركيا عمقًا بحريًا استراتيجيًا جديدًا يضاف إلى وجودها في البحر المتوسط والبحر الأسود، ويوفر لها حضورًا غرب المحيط الهندي.
بالمقابل، فإن الحضور التركي البحري أمام سواحل الصومال سيضع أنقرة في قلب الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، بخصوص حصول أديس أبابا على منفذ بحري من إقليم "أرض الصومال" مقابل اعترافها باستقلاله عن دولة الصومال، وهو ما يتزامن مع إخفاق الدبلوماسية التركية في دفع إثيوبيا والصومال لحل خلافاتهما عبر رعاية اجتماعين في أنقرة بين وزيري الخارجية الصومالي والإثيوبي.
رغم ذلك، يُرجح أن يزداد الحضور العسكري البحري التركي في الصومال بموجب "اتفاقية إطار التعاون الدفاعي والاقتصادي" الموقعة بين البلدين؛ فبمقتضاها ستشرف البحرية التركية على بناء وتطوير القوات البحرية الصومالية وحماية سواحل الصومال، ما سيعزز التواجد التركي في القرن الأفريقي ويزيد من أهمية الصومال كمرتكز للحضور التركي عالميًا.