الحدث:
أعلن جيش الاحتلال في بيان له أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، يحيي السنوار، قُتل خلال اشتباك مسلح في منطقة تل السلطان برفح جنوب قطاع غزة. وأضاف بيان الجيش أن قوة من اللواء 828 الموجودة في المنطقة اشتبكت مع ثلاثة مقاتلين وقتلتهم، وتبين بعد الفحص أن "السنوار" أحد هؤلاء الثلاثة؛ حيث لم يكن يعلم جنود الاحتلال بوجود "السنوار" في المبنى الذي وقع به الاشتباك. ووفقًا للمصادر "الإسرائيلية"، فإن الحادث كان عرضيًا تمامًا ومصادفة وليس ضمن عملية "إسرائيلية" خاصة، وبعد فحص الحمض النووي تم تأكيد أن "السنوار" "قد قُتل". من جهتها، نعت "حماس" قائدها على لسان القيادي، خليل الحية، مؤكدةً على استمرار المقاومة وأن أسرى الاحتلال لن يعودوا إلا بوقف العدوان على غزة والانسحاب الكامل منها، وخروج الأسرى الفلسطينيين من المعتقلات.
الرأي:
يُعدّ القضاء على قيادة المقاومة أحد أبرز أهداف الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة، لا سيما "السنوار" الذي تتهمه "إسرائيل" بأنه العقل المدبر لعملية "طوفان الأقصى" ومهندسها. ويأتي استشهاد "السنوار" مشتبكًا مع جيش الاحتلال في الصفوف الأمامية بأحد محاور القتال في رفح مفاجئًا للجميع، ويهدم سردية الاحتلال وأوساط غير "إسرائيلية"، كانت تزعم أن الرجل مختبئ بأحد الأنفاق ويحيط نفسه بعدد كبير من الأسرى "الإسرائيليين" لحماية نفسه. لكن صورته الأخيرة فندت كل ذلك وبينت كذب الادعاءات "الإسرائيلية"، لا سيما الأمنية والاستخباراتية، وأنها لم تكن على معرفة بتحركاته ومنطقة تواجده، رغم التباهي الدائم بالقدرات الاستخباراتية في ملاحقة قادة المقاومة واغتيالهم.
كما منعت هذه الصورة الأخيرة "للسنوار" "نتنياهو" والقيادة الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" من التفاخر بقدرتها على الوصول إليه واغتياله، وخلق صورة النصر التي يريدها "نتنياهو"، كما كانت تفعل بعد كل عملية اغتيال لأي قائد في المقاومة الفلسطينية واللبنانية. فالحدث كبير جدًا وكان يمكن لـ"نتنياهو" أن يسوقه للجمهور بطريقة مغايرة في محاولة لاستغلال الحدث بشكل أكبر، في ظل تصاعد الحرب في جميع الجبهات، لكن الأمور سارت على عكس ما أراد "نتنياهو"؛ حيث سيزيد استشهاده من قدرة المقاومة على مواصلة التعبئة.
على المستوى القيادي للحركة، فإن استشهاد "السنوار" بعد نحو شهرين من توليه قيادتها بعد استشهاد "هنية"، يفتح باب التكهنات حول مستقبل قيادة الحركة في المرحلة القادمة، لكن "حماس" أثبتت أن غياب الشخصيات القيادية لا يؤثر بشكل كبير على مسيرة المقاومة، وهو الأرجح في ظل المرحلة القادمة، رغم أن القيادة الجديدة للحركة ستواجه تحديات كبيرة، نظرًا لتداعيات "طوفان الأقصى" على مستقبل قطاع غزة، بل على مستقبل القضية الفلسطينية ككل.
بالمقابل، سيواجه "نتنياهو" العديد من التساؤلات بشأن الجدية في إجراء صفقة لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب، في ظل غياب "السنوار" عن المشهد، والذي كان يُحمّله مسؤولية فشل التوصل لاتفاق بشأن ذلك. ومع هذا، من المرجح أن تظل المفاوضات متعثرة في الأسابيع القادمة، في ظل غموض تصورات اليوم التالي وتركيز الاحتلال على تحقيق تقدم على الجبهة الشمالية.