إقالة "عباس كامل" من المخابرات المصرية ستنعكس على بعض توجهات "السيسي" لكنها لن تغيّر توجهات الجهاز تجاه حرب غزة

الساعة : 14:39
21 أكتوبر 2024
إقالة

الحدث:

قام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بتعيين اللواء، حسن رشاد، رئيسًا للمخابرات العامة خلفًا للواء، عباس كامل، الذي تم تعيينه مستشارًا ومبعوثًا خاصًا لرئيس الجمهورية ومنسقًا عامًا للأجهزة الأمنية. وشغل "كامل" (68 عامًا) منصب رئيس جهاز المخابرات العامة منذ 2018، أما "رشاد" فقد تخرج في الكلية الفنية العسكرية عام 1990 وانتقل مباشرة للمخابرات العامة، حيث تدرج في مختلف المهام والتخصصات داخل الجهاز إلى أن أصبح وكيلًا له.

الرأي:

يثير توقيت إقالة "عباس كامل" تساؤلًا كبيرًا؛ حيث كان الشخص المحوري من جانب القاهرة في مفاوضات التهدئة في غزة، والمفاوضات مع الجانب "الإسرائيلي" بخصوص محور فيلادلفيا. وقد راهن البعض حين صدور القرار على أن إضافة وظيفة "مبعوث خاص للرئيس" تعني إبقاء "كامل" في إدارة الملفات الخارجية المهمة، لكن هذا الاحتمال تراجع كثيرًا بعد أن استقبل مدير المخابرات الجديد رئيس جهاز الاستخبارات "الإسرائيلي"، رونين بار، الأحد الماضي، لمناقشة مفاوضات التهدئة في غزة، وهي رسالة واضحة أن "كامل" لم يعد معنيًا بهذا الملف.

من جهة أخرى، تعدّ وظيفة "المنسق العام للأجهزة الأمنية" مهمة مستحدثة وليس لها سابقة في تاريخ أجهزة الأمن المصرية، ومن المرجح أن تكون وظيفة شرفية لتكريم "كامل"، الذي تجمعه بـ"السيسي" مسيرة عمل طويلة تقترب من عشرين عامًا، فقد كان محل ثقته في فترات بالغة الحساسية، ما جعله دون منازع الشخص الثاني في النظام من حيث النفوذ والتأثير.

وربما تكون هذه المكانة هي التي تجعل بعض المراقبين يميلون إلى أخذ مهمة التنسيق بين الأجهزة الأمنية على محمل الجد، ويستبعدون إمكانية إبعاد الرجل بهذه البساطة. وهذا احتمال غير مستبعد لكننا نعتبره غير مرجح؛ فطالما لم يصدر مرسوم صريح يحدد صلاحيات واختصاص هذا المنصب، فسيظل منصبًا شرفيًا لا يمكن اعتباره مركزًا أمنيًا مؤثرًا في ظل رسوخ الظاهرة البيروقراطية المؤسسية في مصر، حيث تتمتع الأجهزة الأمنية بنفوذ معروف، فضلًا عن تنافسها فيما بينها. وقد عمل وزير الداخلية الأسبق، اللواء أحمد جمال الدين، مستشارًا لـ"السيسي" لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب لأكثر من عشر سنوات، لكنّه اعتُبر منصبًا شرفيًا، ولم يكن مشرفًا بأي معنى تنظيمي على وزارة الداخلية.

وإن كان من الصعب الآن الجزم بالسبب الحقيقي وراء إبعاد "كامل" عن المخابرات في هذا التوقيت؛ سواء كان ترقية أم خروجًا لائقًا من المشهد، لكنّ ثمة مؤشرات عن عدم ارتياح أمريكي تجاه العمل معه، ليس فقط على خلفية قضية الرشوة التي تورط فيها السناتور الأمريكي، روبرت ميننديز، إنما نتيجة إدارة ملف مفاوضات محور فيلاديلفيا، لكنّ تظل هذه الاحتمالات غير يقينية.

في كل الأحوال، ليس من المرجح أن نشهد تغيرًا أساسيًا في مواقف مصر تجاه الملفات التي تديرها المخابرات العامة، خصوصًا الحرب في غزة، في ظل أن رئيس الجهاز الجديد ليس وافدًا عليه وأنه سيظل في نهاية المطاف خاضعًا لتوجهات الرئيس مباشرة. لكن من غير الواضح بعد كيف سينعكس أفول نجم "عباس كامل" على بعض توجهات "السيسي" في ظل أن "كامل" كان من أكثر الشخصيات المحيطة به تأثيرًا عليه.