الحدث:
قتلت قوات الاحتلال أردنيين دخلا عبر الحدود ونفذا عملية إطلاق نار على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من مستوطنة إيلوت جنوب البحر الميت، حيث أصيب في العملية جنديان "إسرائيليان" بجراح متوسطة وتم نقلهما إلى مستشفى سوروكا، فيما تمكّن مهاجم ثالث كان برفقة الاثنين تمكّن من العودة إلى الأردن. وفي عمّان، احتشد آلاف الأردنيين مساء الجمعة الماضية للمشاركة في "عرس الشهيدين، عامر قواس وحسام أبو غزالة"، الذين نفذا العملية، حيث أقامت الحركة الإسلامية التي ينتمي إليها "قواس" و"أبوغزالة" عزاءً رمزيًا. من جهته، بارك "حزب جبهة العمل الإسلامي" العملية وطالب الحكومة الأردنية بـإعادة النظر في كافة الاتفاقيات الموقعة مع العدو الصهيوني، وإعادة العمل بالجيش الشعبي لإعداد الشباب ليكون سندًا للجيش الأردني لمواجهة تهديدات العدو الصهيوني.
الرأي:
تؤكد هذه العملية على استمرار حالة التحوّل النوعي في شكل تعبير الأردنيين عن غضبهم وتفاعلهم مع الأحداث في غزة، خصوصًا بعد استشهاد رئيس حركة "حماس"، يحيى السنوار. وقد جاءت هذه العملية بعد نحو شهر على العملية النوعية التي نفذها سائق الشاحنة، ماهر الجازي، التي قتل خلالها ثلاثة "إسرائيليين" في معبر الكرامة.
لكن اللافت في هذا السياق هو أن العملية شكلت اختراقًا جديدًا محرجًا للمنظومتين الأمنيتين الأردنية و"الإسرائيلية" معًا؛ وأبرزت القدرة على تجاوز كل التدابير الأمنية والعسكرية المشددة، رغم أن المنفذين على الأرجح تحركا بترتيب شخصي لا يرتبط بوجود جهد منظم أكثر تطورًا.
من جهة أخرى، فإن الخلفية الإخوانية والتنظيمية لمنفذَي العملية تفتح تساؤلًا كبيرًا في الساحة الأردنية حول نهج ومسار جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يعد في عرف الدولة وأجهزتها الأمنية تطورًا خطيرًا. لذلك، فقد حاولت الجماعة تخفيف الانطباع الذي تركه بيان "حزب جبهة العمل الإسلامي"؛ حيث أصدرت بيانًا لاحقًا وصف عملية البحر الميت، بـ"العمل البطولي" لكنه "رد فعل فردي"، نتيجة "مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة". وأكد البيان أن الجماعة "ستبقى كما كانت دومًا في خندق الوطن تحرص على وحدته وأمنه واستقراره"، وهي الرسالة نفسها التي شدد عليها المراقب العام لإخوان الأردن في تصريحات صحفية توضيحية.
رغم هذا، فإن تحرك الشابين والتفاعل الشعبي والتنظيمي معه يرسل رسالة واضحة للسلطات الأردنية، وفي حال ثبوت أن العملية كانت عملًا منظمًا من قبل الجماعة وليس تحركًا فرديًا، وهو احتمال غير مرجح، يتوقع أن تتخذ الدولة عدة تدابير مشددة ضد الجماعة. وحتى في حالة الاحتمال الراجح، أي التحرك الفردي، فمن المتوقع أن تزيد الدولة من إجراءات الرقابة والتضييق على مناشط الجماعة، فضلًا عن احتمال قيامها باعتقالات للتعرف على التوجهات الداخلية للجماعة وأعضائها بصورة استباقية.