الحدث
طالب المتحدث باسم الخارجية الألمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري مواطني بلاده بمغادرة إيران حفاظا على سلامتهم ولتجنب القبض عليهم كرهائن، وذلك إثر إغلاق السلطات الألمانية للقنصليات الإيرانية في هامبورغ وفرانكفورت وميونيخ، ومغادرة السفير الألماني لطهران، ردا على إعدام السلطات الإيرانية نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لزعيم تنظيم تندر "جمشيد شارمهد" المزدوج الجنسية الألمانية الإيرانية.
الرأي
تمثل الإجراءات الألمانية أحدث حلقة في مسلسل تصاعد التوتر بين طهران وبرلين على خلفية تداعيات حرب أوكرانيا، وانحياز ألمانيا إلى جانب "إسرائيل" في حربي غزة ولبنان. فقبيل إعدام "شارمهد" بأيام معدودة قرر حزب الله اللبناني قطع اتصالاته السياسية والأمنية مع ألمانيا، وطالب عبر قنوات التواصل مع الوسطاء بإبعاد القوات الألمانية من قوة اليونيفيل، وذلك عقب إسقاط الفرقاطة الألمانية "بادن وورتنبرج" أمام سواحل لبنان لطائرة مسيرة أطلقها الحزب تجاه الأراضي المحتلة، مع العلم بأن الفرقاطة المذكورة تعمل ضمن خمس قطع بحرية من ألمانيا وتركيا واليونان وإندونيسيا وبنغلاديش تشكل قوة بحرية تابعة لليونيفيل.
وعقب التوتر بين حزب الله وألمانيا، ورعاية ألمانيا لحملة عقوبات أوروبية مشددة ضد طهران على خلفية اتهامها بنقل صواريخ إلى روسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا ودعم حركة حماس، أقدمت السلطات الإيرانية على إعدام شارمهيد الذي سبق اختطافه من دبي في عام 2020 لمحاكمته بتهمة الضلوع بالتخطيط لتفجير حسينية سيد الشهداء في مدينة شيراز عام 2008، حين إقامته في الولايات المتحدة، مما أدى لمقتل 14 شخصا وإصابة 200 آخرين. وقد اعتبرت برلين تنفيذ الإعدام بمثابة رسالة من طهران تستوجب الرد، فأقدمت على خطوات إغلاق القنصليات الإيرانية الثلاث بألمانيا، ومغادرة السفير الألماني لطهران، مع استدعاء السفير الإيراني في ألمانيا لمحادثة توبيخ في وزارة الخارجية الألمانية، فيما تعهد الاتحاد الأوروبي على لسان جوزيب بوريل بدراسة اتخاذ إجراءات ضد إيران ردا على ما وصفه "بإعدام مواطن أوروبي".
يرجح أن يرتبط مدى التوتر الألماني الإيراني بتطورات ومستقبل الحرب في أوكرانيا، والحرب في غزة ولبنان. فمساعدة إيران لروسيا، ودعم إيران لحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، مقابل قيادة ألمانيا للعقوبات الأوروبية ضد إيران، وانحيازها السافر "لإسرائيل"، سيحدد مستوى العلاقات الإيرانية الألمانية، ومدى قدرتها على تجاوز التوتر الحالي أو المضي نحو المزيد من الإجراءات العقابية المتبادلة وصولا إلى القطيعة.