الحدث
زار وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زادة دمشق في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، ووزير الدفاع العماد علي عباس، ورئيس هيئة الأركان العماد عبد الكريم إبراهيم، ورئيس مكتب الأمن الوطني كفاح ملحم، كل على حدا. وتأتي هذه الزيارة بعد يوم واحد من زيارة علي لاريجاني مستشار مرشد الثورة إلى العاصمة السورية للقاء بشار الأسد فضلا عن زيارة لاريجاني لبيروت.
الرأي
تتواكب زيارات المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين إلى دمشق مع تصاعد الغارات "الإسرائيلية" على أهداف تابعة لحزب الله اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية على الأراضي السورية، وبالأخص المقرات السكنية والإدارية في العاصمة دمشق، فضلاً عن استهداف مخازن الأسلحة في القصير ومعابر نقل العتاد على الحدود السورية اللبنانية، وحدوث تحركات عسكرية "إسرائيلية" في الجولان، دون أي رد من النظام السوري على الاعتداءات "الإسرائيلية".
وبحسب قراءة مركز "صدارة"، فإن الرئيس السوري يُرجح أن يكون قد تذرّع في لقائه مع لاريجاني بضعف القدرات العسكرية السورية على التصدي لاعتداءات جيش الاحتلال، ولذا جاء في اليوم التالي إلى دمشق وزير الدفاع الإيراني رفقة وفد عسكري رفيع، وأطلق تصريحات عن استعداد بلاده "لتقديم كافة التسهيلات للدول الصديقة، والحرص على تطوير التعاون وتبادل الخبرات". وفي هذا السياق، يمثل ملف إعادة تسليح حزب الله أولوية لدى إيران في ظل الهجمات "الإسرائيلية" على مخازن الحزب داخل لبنان، ومحاولة جيش الاحتلال منع أي إمدادات أسلحة إيرانية من الدخول عبر الأراضي السورية إلى لبنان، وتهديد تل أبيب للنظام السوري باتخاذ إجراءات تصعيدية حال سماحه بنقل أسلحة إلى الحزب.
وبجوار ملف الاعتداءات "الإسرائيلية"، فقد حضر ملف مواجهة فصائل الثورة السورية على الطاولة، وبالأخص مع قدوم إدارة ترامب ووجود توجهات داخلها لسحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، مما سينتج حالة فراغ حال تنفيذ الانسحاب، وهو ما ستعمل تركيا والفصائل الموالية لها على استثماره في مواجهة قسد، الأمر الذي يتطلب تنسيقاً إيرانياً سورياً للاستعداد لهذا الاحتمال، وتجهيز خطط عسكرية مسبقة للتحرك في مواجهة الفصائل الموالية لتركيا. وضمن هذا السياق، تحدث بشار الأسد في لقائه مع وزير الدفاع الإيراني عن "تعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة الإرهاب وتفكيك بنيته".
في المحصلة، تمر العلاقات الإيرانية السورية بمنعطف حرج على وقع تداعيات الحرب على لبنان، والمطالب "الإسرائيلية" بإخراج إيران من سوريا مقابل تجنب اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد النظام السوري، وذلك بهدف جعل كلفة التحالف مع إيران أكبر من إيجابياته، لكن في المقابل يدرك الأسد أن تخلّيه عن إيران سيفقده أحد أبرز حلفائه، ويجعله عرضة للتقلبات السياسية بالمنطقة، ولن يجد بديلاً عنها لديه الاستعداد لتقديم الدعم له وقت الأزمات بالسلاح والمال والرجال. وبالتالي سيحاول الأسد المزاوجة بين تجنب إزعاج "إسرائيل"، والمحافظة على العلاقة مع إيران في حدود يمكن تمريرها "إسرائيلياً" وغربيا.