الحدث
أسفرت نتائج انتخابات رئاسة مجلس النواب الأردني، وعضوية المكتب الدائم للرئاسة، عن إقصاء كامل لكتلة نواب جبهة العمل الإسلامي (أكبر كتلة برلمانية فازت بالانتخابات بـ31 نائب)، والحاصلة على أعلى الأصوات في الانتخابات الأخيرة، حيث تم انتخاب النائب أحمد الصفدي رئيساً لمجلس النواب بعد حصوله على 98 صوتاً، بينما حصل منافسه النائب عن حزب جبهة العمل الإسلامي صالح العرموطي (الأول على المملكة بعدد الأصوات) على 37 صوتاً. كما تم اختيار مصطفى الخصاونة لمنصب النائب الأول للرئيس، وأحمد الهميسات لمنصب النائب الثاني، ومحمد المراعية وهدى نفاع لمنصب المساعد، وجميع النواب الفائزين محسوبون على تيار الدولة.
الرأي
تعكس عملية هندسة انتخابات رئاسة المجلس، والتي جاءت مرتبة ومنظمة، مدى الاستياء من نتائج تقدم الإسلاميين اللافتة في الانتخابات، ومحاولة لتصحيح هذا "الخطأ"، وهي بهذا المعنى تمثل رسالة سلبية من السلطات للشارع الأردني الذي منح نواب العمل الإسلامي أعلى الأصوات وبفارق كبير عن منافسيهم في نتائج الانتخابات الأخيرة.
ويمثل إقصاء الإسلاميين صفعة قوية لجهود ودعوات الإصلاح السياسي التي سبق الترويج لها رسمياً، وهو ما ستكون له تداعيات لناحية ارتفاع مستوى غضب وإحباط الشارع وتراجع ثقته بوجود إرادة حقيقية للتغيير.
وعليه، من المرجح أن تشهد الدورة التشريعية للمجلس الجديد، تصاعد وتيرة التصادم مع تيار الدولة المحافظ، واستمرار نهج التحجيم والإقصاء لكتلة العمل الإسلامي، كما تميل أغلب الترجيحات إلى أن المجلس الجديد سيعمد، بدفع من الحكومة، إلى إحداث تعديلات في قانون الانتخاب لضمان عدم تكرار فوز الإسلاميين مجدداً بهذا العدد.
وفي موازاة ذلك، كشفت مصادر أردنية مطلعة عن قرارات كبرى اتخذها العاهل الأردني بإحالات للتقاعد داخل جهاز المخابرات العامة، طالت عدداً من الضباط الكبار والقدماء وأصحاب النفوذ داخل الجهاز، على رأسهم محمد البطوش المعروف بـ"أبو نادر"، وهو الجنرال المسؤول عن ملف الإسلاميين داخل وخارج المملكة، حيث تحمل تلك القرارات العديد من الرسائل الداخلية والخارجية، التي أرادها صانع القرار في المملكة، إذ تتزامن مع فوز الإسلاميين الكبير في الانتخابات البرلمانية، وفشل الأجهزة الأمنية في ضبط مخرجاتها، إلى جانب فشل الأحزاب المدعومة من الدولة. كما تشير الإحالات لحاجة صانع القرار في المملكة لإعادة ضبط المؤسسة الأمنية الأهم في الدولة، ورسم سياسات جديدة لدورها في الداخل والخارج، في ظل واقع إقليمي وأمني مفتوح على كل الاحتمالات.