الحدث
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، والوزير المُقال، يوآف غالانت، وذلك على خلفية مسؤوليتهم عن ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، مؤكدة أن عدم موافقة "إسرائيل" على اختصاصها ليس ضروريًا لمتابعة الإجراءات القانونية. وفي المقابل، هاجم "نتنياهو" القرار وفي بيان صدر عن مكتبه قال "لن نعترف به"، معتبرا أن القرار "سقوط أخلاقي" لمحكمة الجنايات ولمدعيها العام، كما اعتبر أن هذا "يوم أسود" وأن المحكمة وقرارها "معاديان للسامية".
الرأي
لا شك أن إصدار مذكرتي الاعتقال ضد "نتنياهو" و"غالانت" يُعد سابقة تاريخية ضد الاحتلال "الإسرائيلي"، لا سيما أنه جاء وسط جرائم إبادة غير مسبوقة في قطاع غزة ترتكبها "إسرائيل"، حيث أكدت المحكمة وجود "أسباب منطقية للاعتقاد" بأنهما أشرفا على جرائم ضد المدنيين في القطاع والتي شملت القتل والاضطهاد واستخدام التجويع كسلاح وأسلوب من أساليب الحرب، إلى جانب مسؤوليتهما عن تعطيل المنظمات الدولية عن تقديم الغذاء والاحتياجات الأساسية للسكان وتدمير القطاع الصحي والمستشفيات والخدمات الأساسية.
وبإصدار مذكرتي الاعتقال فإن "نتنياهو" و"غالانت" سيكونان ممنوعين من زيارة نحو 124 دولة موقعة على نظام روما الأساسي، المؤسس للمحكمة الجنائية، حيث تترتب على القرار تداعيات قانونية ملزمة لهذه الدول بالتعاون مع المحكمة لتنفيذ اعتقالهم عند دخولهم لهذه الدول، مما سيحد من قدرتهما على السفر، رغم بعض المعيقات نظرًا لعدم اعتراف بعض الدول بسلطة المحكمة كالولايات المتحدة والصين وروسيا، أو تجنب بعض الدول لتنفيذ الاعتقالات خشية التوترات السياسية والدبلوماسية والعسكرية.
ومن جانب آخر، هناك خشية "إسرائيلية" من أن هذ القرار يعد سابقة وأزال حواجز نفسية وقانونية قد تعقبها شكاوى للمحكمة الدولية ضد مسؤولين عسكريين وضباط وجنود ووزراء آخرين، شاركوا في الحرب على غزة أو كانوا جزءًا من متخذي القرارات المتعلقة بالحرب ولا سيما رئيس هيئة الأركان وغيره من القيادات العسكرية.
وعليه، فإن القرار يضع "إسرائيل" في مواجهة دبلوماسية وقانونية مع العديد من الدول في ظل تباين ردود الفعل الدولية حيال ذلك ولا سيما في ظل تعهد قادة بعض الدول الأوروبية الالتزام بالقرار، حيث أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن قرار المحكمة "ملزم ويجب أن يحترم وينفذ" من قبل جميع الدول الأعضاء في المحكمة بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي. هذا الأمر سوف يؤثر بشكل كبير على السياسة الخارجية لـ"إسرائيل" ويزيد من الضغوطات على تلك الدول لفرض عقوبات عليها أو وقف تصدير الأسلحة لها أو الاتجاه لقطع العلاقات الدبلوماسية معها أو إبقائها عند الحد الأدنى لا سيما في ظل استمرار الحرب ووجود "نتنياهو" كرئيس للوزراء وبالتالي الإضرار بصورة "إسرائيل" على المستوى الدولي. ومن جهة أخرى، لن يمنع خروج المسؤولين "الإسرائيلين" والضباط من مناصبهم من ملاحقتهم بعد ذلك كما حدث مع "غالانت".