الحدث:
استقبل وزير الدفاع التركي، يشار غولر، وزير دفاع النيجر، الفريق ساليفو مودي، في العاصمة أنقرة، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون والتنسيق المشترك. وتعد هذه الزيارة هي الأحدث ضمن سلسلة زيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين؛ إذ سبقها في تموز/ يوليو الماضي زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى "نيامي" بمشاركة وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية، إضافةً لوزيري التجارة والطاقة والموارد الطبيعية، لمناقشة آليات تعزيز الشراكة في المجالات العسكرية والاستخبارية ومجالي التعدين والطاقة. وهي زيارة أعقبت لقاء رئيس وزراء النيجر، علي لامين، في أنقرة مع الرئيس التركي "أردوغان" مطلع شباط/ فبراير 2024.
الرأي:
تعتبر تركيا النيجر شريكًا استراتيجيًا في منطقة الساحل الأفريقي، وتستند في علاقاتها على رصيد من العلاقات التاريخية بين البلدين منذ حقبة الوجود العثماني في طرابلس الليبية مطلع القرن العشرين، فيما بدأ التواجد التركي الحديث في النيجر مع تبادل فتح السفارات عام 2012. وتوجد بين البلدين مصالح مشتركة عسكرية وأمنية وتجارية؛ فالنيجر تحتوي على 5% من احتياطي اليورانيوم عالميًا، كما تنتج 20 ألف برميل نفط يوميًا وسط آمال بوجود احتياطيات نفط وغاز تحتاج لعمليات استكشاف يمكن أن تساعد فيها أنقرة، كما توجد بالنيجر مناجم ذهب، بينما يمثل الذهب 70% من صادرات النيجر إلى تركيا.
بدورها، تعول "نيامي" على دعم أنقرة في مواجهة الجماعات المسلحة الناشطة على أراضي البلاد، وفي مقدمتها تنظيم "داعش"؛ فقد سبق أن اشترت النيجر ست طائرات مسيرة من طراز "بيرقدار" عام 2022، وتأمل في الحصول على المزيد من التدريب العسكري لقواتها، وتوفير معدات الاستخبارات والمراقبة التي تتيح رصد المناطق الصحراوية الشاسعة بالبلاد، وأسلحة حديثة تركية تعزز قدرات جيشها.
وقد تعزز التعاون التركي مع النيجر مؤخرًا عقب طرد المجلس العسكري الحاكم في النيجر للوجود العسكري الفرنسي البالغ 1500 جنديًا من البلاد عام 2023، ثم إلغاء اتفاقية التعاون العسكري الموقعة مع واشنطن، في آذار/ مارس من العام الجاري، ما تضمن بدء مغادرة نحو 1000 جندي أمريكي لأراضي النيجر. ويعني ذلك حدوث تغييرات جذرية في علاقات نيامي الدولية، ووجود حالة من الفراغ تسعى أنقرة لشغلها سريعًا لتصبح شريكًا موثوقًا للنيجر بدلًا من واشنطن وباريس.
من جهة أخرى، فإن تعزيز النفوذ التركي بالنيجر يتقاطع مع تعزيز علاقات أنقرة مع حليفَيْ "نيامي"، "بوركينا فاسو" و"مالي"، ويعضد النفوذ الأمني التركي في منطقة الساحل الإفريقي، والذي يتكامل مع نقطتي الارتكاز التركي في ليبيا والصومال، بوابة القرن الأفريقي، ما يعزز الدور الأمني التركي في القارة الإفريقية بصورة عامة.