الحدث:
استقبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالمجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة وفدًا من الإدارة السورية الجديدة يضم وزير الخارجية، أسعد الشيباني، ووزير الدفاع، اللواء مرهف أبو قصرة، ورئيس الاستخبارات العامة، أنس خطاب، وذلك بحضور وزير الخارجية، هاكان فيدان، ورئيس الاستخبارات، إبراهيم قالن.
الرأي:
يشير استقبال الرئيس "أردوغان" للوفد السوري إلى ارتقاء التعامل التركي مع الملف السوري؛ بحيث لم يعد مقتصرًا على المقاربة الأمنية فقط، بل أصبح يشمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تحظى برعاية ومتابعة الرئاسة التركية. ويُعد "أردوغان" أول رئيس دولة يلتقي ممثلين من الإدارة السورية الجديدة، كما كان وزير الخارجية التركي من أوائل وزراء الخارجية الذين زاروا دمشق بعد سقوط نظام "الأسد".
في هذا السياق، سيظل البعد الأمني أساسيًا في الدور التركي في سوريا، نظرًا لطبيعة التهديدات التي تواجه الإدارة السورية الجديدة، خصوصًا التدخل "الإسرائيلي" المستمر منذ سقوط النظام، والذي من المتوقع أن يدفع دمشق لتطوير التعاون الأمني والعسكري مع تركيا.
كما توجد ملفات عديدة في سوريا على الأجندة التركية، في مقدمتها تفكيك "قسد" وطرد عناصرها غير السوريين إلى خارج البلد، ودمج مقاتليها المحليين في الجيش السوري الجديد، والمساعدة في إعادة بناء الجيش السوري، وتوقيع اتفاقيات دفاع مشترك بين البلدين. هذا، إضافةً إلى مساهمة الشركات التركية في مشاريع إعادة الإعمار، وهو ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد التركي، ويهيئ المجال لعودة اللاجئين السوريين البالغ عددهم قرابة ثلاثة ملايين شخص في تركيا إلى بلدهم، وهذا سيمكّن الإدارة التركية من سحب الورقة التي طالما استخدمتها المعارضة التركية ضد "حزب العدالة والتنمية" الحاكم.
من جهة أخرى، تلعب تركيا دور الضامن للإدارة السورية الجديدة إقليميًا ودوليًا، وتسعى لتوفير مظلة دبلوماسية تدفع باتجاه رفع العقوبات عن سوريا، وإزالة الإدارة الجديدة من قوائم الإرهاب، وطمأنة الدول الأخرى من أن سوريا الجديدة لن تمثل تهديدًا لأحد من جيرانها. وهذا يتطلب تنسيقًا وثيقًا بين الجانبين في الملفات ذات الاهتمام المشترك، لتحقيق التناغم في المواقف وحل العقبات التي تعترض مسيرة بناء الدولة الجديدة.
وبالتالي، من المُرجح أن ترتقي اللقاءات التركية السورية لتجمع بين القائد، أحمد الشرع، والرئيس "أردوغان" خلال الفترة القادمة؛ وقد رشحت أنباء بالفعل عن احتمال زيارة "أردوغان" قريبًا إلى دمشق أو زيارة "الشرع" إلى أنقرة، ما سيمثل نقلة إضافية في العلاقات بين تركيا وسوريا، ويتيح تجاوز أي تحديات بيروقراطية يمكن أن تعترض مسار التنسيق بينهما.