ثلاثة عشر سؤالًا مفصلياً يجيب عليها خبراء غربيون حول مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

الساعة : 12:20
24 أكتوبر 2025
ثلاثة عشر سؤالًا مفصلياً يجيب عليها خبراء غربيون حول مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

المصدر: أتلانتك كاونسل

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

ماذا يجب أن تتضمن المرحلة التالية؟ من أو ما الذي قد يلعب دور المفسد في جهود بناء السلام؟ وما التحركات التي يجب أن نتوقعها من مختلف الأطراف وأصحاب المصلحة؟ لفهم ما قد يحدث لاحقًا بشكل أفضل، يجيب خبراء المجلس الأطلسي على ثلاثة عشر سؤالًا ملحًا أدناه.

1- هل ستعيد حماس الرهائن المتوفين إلى إسرائيل؟

داني سيترينوفيتش: زميل غير مقيم في برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وخدم سابقًا لمدة 25 عامًا في استخبارات الدفاع الإسرائيلية.

لا تتعلق مسألة قدرة حماس على إعادة الأسرى المتوفين، الذين ما زالوا في غزة، بالجانب الإنساني لإعادة جثثهم وإنهاء معاناة عائلاتهم فحسب، بل تتعلق أيضًا بمستقبل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. فإذا لم تُعِد حماس جميع الجثث ولم يشعر "الإسرائيليون" بأنها تبذل كل ما في وسعها لإعادتها، فإن مستوى الثقة الهش أصلًا بين الطرفين سيتضرر أكثر، وسيُعقّد ذلك القدرة على تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق.

من المحتمل طبعًا أن تكون حماس قد فقدت الاتصال بالمناطق التي دفنت فيها الجثث، لكن السؤال المحوري ليس إذا كانت جميع الجثث ستُعاد، بل حول استعداد حماس للمساعدة؛ فهل ستبذل جهودًا كبيرة للعثور على جميع هؤلاء كوسيلة لبناء الثقة مع "إسرائيل" والوسطاء، بطريقة تُظهر استعدادًا عميقًا للتوصل إلى إنهاء الحرب والامتثال لشروط الصفقة؟ لا نعرف الإجابة بعد.

2- هل ستخرج القوات "الإسرائيلية" من غزة؟

دانيال إي موتون: زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط التابعة لبرامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي

عند الحديث عن مسألة إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار سيتطور من "المرحلة الأولى" إلى انسحاب كامل لقوات الدفاع "الإسرائيلية" من غزة، فإن الحذر واجب؛

-        أولًا: رغم أن خطة "ترامب" تدعو لتنفيذ تدريجي ومؤقت لانسحاب "إسرائيل" من غزة، فإن عناصر الخطة هي شروط واضحة "نعم أو لا". وتشمل هذه الأمور الحاسمة مثل التحقق من نزع سلاح حماس، وإنشاء قوات أمن دولية، وهيكل حكم بديل لغزة. وقد صرح "نتنياهو" في الـ10 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بأنه "في المرحلة الثانية من الاتفاق، سيتم نزع سلاح حماس، وسيتم تجريد قطاع غزة من السلاح. وسيحدث ذلك إما دبلوماسيًا، وفقًا لخطة ترامب، أو عسكريًا، من قبلنا".

-        ثانيًا: ستتجاوز متطلبات الأمن "الإسرائيلية" أي مخاوف سياسية تتعلق بعدم رضا الولايات المتحدة عن التزامها بأي جدول زمني للانسحاب؛ حيث تشير النقطتان 13 و16 من الخطة الشاملة إلى أن "إسرائيل" لديها الحرية في الحفاظ على وجود جيشها في غزة، لضمان القضاء على القدرة العسكرية لحماس وعدم إمكانية إعادة تشكيلها. وإضافةً لمتطلبات نزع السلاح، أصر مسؤولو الأمن "الإسرائيليون" مرارًا وتكرارًا على أهمية الحفاظ على السيطرة الجغرافية على المناطق الاستراتيجية داخل غزة؛ فقد أصروا سابقًا على أن "إسرائيل" لن تنسحب من ممر فيلادلفيا رغم الشروط التي تشير إلى أن "إسرائيل" ستحتاج في النهاية لمغادرة المنطقة العازلة الأمنية. ولا تزال هذه المنطقة العازلة تحت السيطرة "الإسرائيلية"، ومن المرجح أن تستمر في تمثيل عقبة أمام انسحاب "إسرائيل" من القطاع.

-        ثالثًا: يجب ملء الفراغ السياسي في غزة بسلطة حاكمة ذات كفاءة؛ إذ لا تثق "إسرائيل" في السلطة الفلسطينية لإدارة هذه المهمة، كما إنها لا تمتلك القدرة على حكم غزة وتأمينها والإشراف على إعادة إعمارها.

-        وأخيرًا، حتى لو تم استيفاء جميع الشروط المذكورة أعلاه، فإن ائتلاف "نتنياهو" يظل قيدًا كبيرًا؛ حيث تعارض حكومته التي تعتمد على أحزاب اليمين المتطرف بشدة أي انسحاب. وقد أكد كبار المسؤولين "الإسرائيليين" أن وقف إطلاق النار لا يؤدي إلا إلى "انخفاض في إطلاق النار، وليس وقفًا كاملًا لإطلاق النار"، وأن الجيش "الإسرائيلي" سيبقى "في عمق غزة". وصف مسؤول آخر الاتفاق بأنه يسمح لإسرائيل "بالحصول على جميع الرهائن، والبقاء في غزة، ومواصلة التفاوض". ويشير هذا إلى أن إسرائيل ترى بالفعل وقف إطلاق النار بمثابة فائدة خالصة للبلاد؛ حيث يُعد إطلاق سراح الرهائن والحفاظ على وجود مستمر إنجازين رئيسيين.

وبالتالي، فإن التوقعات الأكثر واقعية للمرحلة الثانية هي إعادة انتشار "إسرائيلية" جزئية وتكتيكية داخل غزة، وستشمل هذه التحركات تقليل وجود القوات في بعض المناطق مع الحفاظ على السيطرة على الممرات الاستراتيجية والمناطق العازلة والمناطق الحدودية، بدلًا من الخروج الكامل الذي تنص عليه المرحلة الثانية رسميًا. فبعد ما شهدته "إسرائيل" في السابع من أكتوبر، فإنها غير مستعدة لفعل أي شيء أقل من ذلك، وسيعتمد الانسحاب الكامل على قدرة الإدارة الأمريكية على الإشراف على تنفيذ خطة "ترامب".

3- هل ستتخلى حماس عن السلطة السياسية وعن سلاحها؟

آلان بينو: زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط، وعمل سابقًا لمدة 37 عامًا في وكالة الاستخبارات المركزية

ستحاول حماس الحفاظ على دور سياسي هام في غزة بعد الحرب، وستقاوم مقترحات نزع سلاحها بالكامل؛ فقبول الحركة لوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن يمثل براغماتية، وليس اعتدالًا؛ فيبدو أن حماس وافقت على وقف إطلاق النار وإعادة جميع الرهائن تحت ضغط شديد من دول إقليمية مستعدة لإنهاء الحرب. كما أدركت الحركة أن النفوذ الذي اكتسبته من احتجاز الرهائن آخذ في التراجع بشكل ملحوظ؛ وبعد عامين من نزوحهم من ديارهم ومعاناتهم من ظروف إنسانية مزرية، يطالب المدنيون الفلسطينيون في غزة بشكل متزايد بإنهاء الحرب، ما يُخاطر بإلقاء اللوم على حماس من قبل سكان غزة لرفضها "خطة ترامب للسلام".

لكن حتى مع توقيعها على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى (ما يُمثل المرحلة الأولى من خطة السلام الأمريكية)، أبدت حماس معارضتها لشروط رئيسية من المرحلة الثانية: نزع سلاحها وإنهاء دورها في إدارة غزة، وتشكيل قوة أمنية دولية لمراقبة غزة.

وقد تحاول حماس صرف الضغط لنزع سلاحها بالكامل وإبعادها عن إدارة غزة من خلال تقديم تدابير جزئية وتأمين دعم الدول الإقليمية الرئيسية؛ ففي مفاوضات جرت في وقت سابق من هذا العام أبدى قادة حماس بعض المرونة بشأن هذه القضايا، قائلين إنهم سينظرون في التخلي عن الأسلحة الثقيلة التي تمتلكها الحركة، مثل الصواريخ والقذائف، وإنهم على استعداد لمغادرة بعض كبار مسؤولي حماس غزة. ومن المرجح أن تسعى الحركة أيضًا للحشد الدعم من مصر، التي دعت إلى أن يكون للحركة صوت في الحكم الفلسطيني المستقبلي في غزة، وتركيا التي يصف قادتها حماس بأنها حركة مقاومة شرعية.

4- هل ستوافق "إسرائيل" على دولة فلسطينية؟

دانيال بن شابيرو: زميلٌ مرموقٌ في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

تحتوي خطة "ترامب" على نقطة ضعف سياسية تجاه "نتنياهو" في بند واحد: الدعوة إلى مناقشات حول مسار موثوق به نحو دولة فلسطينية، وهو عنصر لا شك أن "ترامب" أجبر "نتنياهو" على قبوله. فقبل الانتخابات "الإسرائيلية" عام 2026، من المرجح أن يُجادل "نتنياهو" بأن شروط إصلاحات السلطة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة لم تتحقق، ومن المرجح أيضًا أن يذهب إلى أبعد من ذلك ويسأل الناخبين "الإسرائيليين" عمّن يثقون به لمنع قيام دولة فلسطينية: هو (بسجله الطويل في معارضة هذه النتيجة) أم منافسيه الأقل خبرة. وقد يكون لهذا الجدل أهمية لدى بعض الناخبين الذين يحتاج إلى كسبهم؛ حيث إن الكثير من "الإسرائيليين" بعد السابع من أكتوبر ليسوا منفتحين على احتمال قيام دولة فلسطينية، رغم أنه من غير الواضح إذا كان إقناع هؤلاء الناخبين سيكون كافيًا. كما إن هذا الموضوع في الخطاب السياسي "الإسرائيلي" قد يُضعف حماس الدول العربية للقيام بدورها في المرحلة التالية في غزة؛ من تمويل إعادة الإعمار إلى قوات الاستقرار ودعم إصلاحات السلطة الفلسطينية وحكم غزة.

5- ماذا ينتظر الضفة الغربية بعد ذلك؟

جينيفر جافيتو: زميلة أولى غير مقيمة في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

لقد حوّل السابع من أكتوبر والحرب التي تلته انتباه الرأي العام بعيدًا عن الارتفاع الحاد في هجمات المستوطنين والقوات "الإسرائيلية"، على الفلسطينيين وممتلكاتهم في السنوات الأخيرة. ومع وقف إطلاق النار الذي يسمح الآن بإعادة انتشار أوسع للقوات "الإسرائيلية"، من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه. ففي عام 2025، وثّقت الأمم المتحدة 180 حالة وفاة فلسطينية مرتبطة بعنف المستوطنين والقوات العسكرية، وعزز الجيش "الإسرائيلي" وجوده في الضفة الغربية بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة قبل الأعياد اليهودية، ومن المرجح أن يرتفع مستوى العنف مع تفاقم عدم استقرار الوضع الأمني هناك.

كما إن عدم الاستقرار سيتفاقم بشكل أكبر بتجدد الاهتمام الفلسطيني والدولي بولاية رئيس السلطة الفلسطينية الفاسدة المنتهية صلاحيتها، محمود عباس. وتتضمن "خطة ترامب للسلام" طويلة الأمد دورًا للسلطة الفلسطينية في كل من حوكمة غزة وأمنها، لكن بعد إجراء إصلاحات رئيسية تعالج هذه القضايا. ومع ذلك، فإن "نتنياهو" يعارض مثل هذا الدور الموسع للسلطة الفلسطينية. ومع استمرار "عباس" في الاستفادة من فترة ولايته الطويلة، فقد يجد هو و"نتنياهو" نفسيهما حليفين غير متوقعين في إحباط أي تحرك نحو شرعية أكبر للسلطة الفلسطينية، حتى مع استمرار تصاعد العنف.

6- ما مستقبل علاقة "ترامب" و"نتنياهو"؟

جوناثان بانيكوف: مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

خلال خطاب "ترامب" مؤخرًا أمام الكنيست، وجّه طلبًا مفاجئًا للرئيس "الإسرائيلي" بخصوص قضية الفساد المُعلقة بـ"نتنياهو": "لماذا لا تمنحه عفوًا؟"

لقد كان "نتنياهو" مدينًا نسبيًا لـ"ترامب"، لكن دعم الأخير أصبح أكثر أهمية سياسيًا الآن، وحتى العفو عنه غير مُرجّح في أي وقت قريب. ففي حين أن الوقف الدائم للحرب من المُرجّح أن يُخفّف في النهاية بعض العداء الذي تُواجهه تل أبيب من قِبَل المجتمع الدولي، إلا أن اعتماد "نتنياهو" على الدعم الأمريكي قد ازداد منذ بداية ولاية "ترامب" الثانية، وشعبيته في "إسرائيل" مُتراجعة. وإن كانت عودة الرهائن قد تُعطي دفعةً في شعبيته، لكن شريحةً كبيرةً من الشعب لن تكفّ عن إلقاء اللوم عليه في أحداث السابع من أكتوبر وتداعياتها، كما شهد "ويتكوف" و"كوشنر" ذلك بشكل مباشر.

في الوقت نفسه، من المرجح أن يُدرك "ترامب"، الذي سيستمتع بالإشادات الكبيرة التي يُلقيها عليه "الإسرائيليون" من مختلف الأطياف الأيديولوجية والسياسية، أن نفوذه على "نتنياهو" في أعلى مستوياته على الإطلاق، في ظل تقلبات مستقبل العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل". فعلى سبيل المثال، ستنتهي صلاحية مذكرة التفاهم الأمريكية "الإسرائيلية" التي تبلغ مدتها عشر سنوات عام 2028، وسيتعين أن تبدأ المفاوضات بشأن مذكرة جديدة قبل ذلك بكثير. وسيحدث ذلك في وقتٍ ينسجم فيه جناح "ترامب" "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" في الحزب الجمهوري بشكل متزايد مع يسار الحزب الديمقراطي في تشككه في دعم "إسرائيل".

بالنظر إلى علاقة "ترامب" و"نتنياهو" اليوم، قد تحتاج تل أبيب إلى أن تكون أكثر مراعاةً لتفضيلات واشنطن في الأشهر المقبلة. لكن التاريخ أثبت مرارًا وتكرارًا أنه إذا لم تكن الولايات المتحدة و"إسرائيل" متوافقتين في سياسة ما، فمن غير المرجح أن يُذعن "الإسرائيليون" ببساطة لتفضيلات واشنطن. وإذا حدث ذلك، فإن سراب العلاقة "غير القابلة للكسر" بين "ترامب" و"نتنياهو" اليوم قد يتبخر بسرعة، تمامًا كما حدث في نهاية الولاية الأولى للرئيس.

7- كيف سيكون رد فعل اليمين المتطرف في "إسرائيل"؟

شالوم ليبنر: زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

رغم فرحة "الإسرائيليين" بإطلاق سراح الأسرى من غزة، لكنهم ممزقون حول معايير الصفقة التي ضمنت لهم حريتهم، ولا يوجد مكانٌ أشدّ وطأةً من صفوف الصهيونية الدينية (RZ) والقوة اليهودية (JP)، الشريكين اليمينيين المتطرفين في حكومة "نتنياهو"، واللذين كانا الأكثر انخراطًا أيديولوجيًا في وعده بـ"النصر الشامل".

ففي الأيام التي تلت سريان وقف إطلاق النار، انسحب الجيش "الإسرائيلي" من حوالي نصف قطاع غزة؛ حيث أعاد عناصر حماس المسلحون انتشارهم بشكل بارز في الشوارع. وهذه التطورات وحدها، دون مراعاة أي تنازلات "إسرائيلية" إضافية لم تُقدّم بعد، تُشكّل بالفعل انتهاكًا مباشرًا للخطوط الحمراء التي وضعتها الصهيونية الدينية والقوة اليهودية، اللذين ينذر قادتهما بأن أيامهم في ائتلاف "نتنياهو" قد تكون معدودة. لكن هذه التهديدات تُخفي واقعًا سياسيًا مُعقّدًا يواجه هذين الحزبين، وكلاهما مُعرّض لخطر الانكماش الكبير عند ذهاب "الإسرائيليين" إلى صناديق الاقتراع. ويبدو أن "RZ" و"JP" قد قرّرا إبقاء موقفهما مُستعدًا للرد والبقاء في الائتلاف في الوقت الحالي؛ إذ إن الاستقالة على خلفية لمّ شمل الأسرى مع عائلاتهم استراتيجية ستكون خاسرة، وقد تُثبت أيضًا أنها بلا جدوى. وفي ظل غموض تفاصيل وجداول زمنية للمراحل اللاحقة من الاتفاق، واحتمال تعثر المفاوضات، فلدى الكيانين سببٌ للانتظار ورؤية إذا كانت آمالهما في استئناف الحرب حتى القضاء على حماس تمامًا ستتحقق في النهاية. بالمقابل، قد تُسرّع العديد من المحفزات رحيلهما وانهيار الحكومة؛ فهناك بعض السيناريوهات المحتملة التي قد تدفعهما إلى الانسحاب، بما في ذلك الإعلان الرسمي عن انتهاء الحرب، وهو أمر تصرح به الولايات المتحدة ووسطاء آخرون علنًا.

رغم ذلك، تبقى أوراق عديدة في يد "نتنياهو"، كما إن احتمال إجراء انتخابات مبكرة، وهو أمر غير مؤكد لكنه ممكن إذا قرر "نتنياهو" محاولة الاستفادة من الاتفاق، سيجعل أي إنذار نهائي من "RZ" و"JP" غير ذي جدوى. وفي هذه الحالة، ومن المفارقات، قد يجد اليمين المتطرف نفسه جزءًا من حكومة تصريف أعمال، لكنه مُجرد من نفوذه.

8. ما دور الدول العربية في غزة مستقبلًا؟

د. علي بكر: زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

يعتبر تحديد دور الدول العربية في المراحل اللاحقة من خطة "ترامب" أمرًا صعبًا، نظرًا لافتقار الخطة إلى إطار عمل شامل يتجاوز المرحلة الأولى. ومن المتوقع أن تُسهم الدول العربية، إضافةً إلى تركيا، في قوة استقرار دولية تُركز على مراقبة وقف إطلاق النار وضمان الأمن وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة وإرساء القانون والنظام المحلي. وإن كانت هذه الدول أعربت عن دعمها لهذه القوة، لكن معظمها لم يُعلن عن تقديم قوات علنًا بعد، ومن المرجح أن تكون اختارت المساعدة المالية والدبلوماسية بدلًا من ذلك.

وإضافة للجهود الأمنية، من المتوقع أن تلعب الدول العربية دورًا دبلوماسيًا حاسمًا في الإشراف على هيكل الحكم الجديد في غزة، كما إن مساهماتهم الاقتصادية ستكون حيوية. لكن الدعم المالي الكبير غير مرجح دون ضمانات بشأن إجراءات "إسرائيل" المستقبلية، ومستوطناتها غير القانونية، وإقامة دولة فلسطينية؛ فمعالجة هذه القضايا ضرورية لحل الأسباب الجذرية للصراع. لكن في هذه المرحلة سيبقى الحذر سيد الموقف وسيظل التفاؤل متواضعًا. من جهة أخرى، ستعتمد فعالية الدول العربية في هذه العملية ومستوى مشاركتها وتأثيرها في تشكيل مستقبل غزة، إلى حد كبير، على نتائج المفاوضات في المرحلة المقبلة، والتي ستحدد مستوى مشاركتها وتأثيرها في تشكيل مستقبل غزة.

9. ما دور تركيا في غزة في المستقبل؟

ريتش أوتزن: مستشار جيوسياسي وزميل أول غير مقيم في برنامج تركيا التابع للمجلس الأطلسي

كانت أنقرة داعمًا رئيسيًا لحملة "ترامب" من أجل وقف إطلاق نار دائم في غزة. وقد كان رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالن، لاعبًا محوريًا في المفاوضات متعددة الأطراف، ومن المقرر أن ينضم المراقبون الأتراك إلى آخرين من مصر وقطر والولايات المتحدة والإمارات في منظمة مراقبة وقف إطلاق النار، وهي مركز التنسيق المدني العسكري.

لكن انعدام الثقة والعداء بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، و"نتنياهو" قد يحد من نطاق دور تركيا فيما سيأتي لاحقًا، في حين أنه لإنجاح محاولات تثبيت الاستقرار في غزة يجب أن يوجد دور تركي، بما في ذلك قدرات البناء وعلاقات العمل مع الفلسطينيين والدول العربية والخبرة في عمليات المساعدات والإغاثة. وهناك حالات سابقة لتجاهل "أردوغان" و"نتنياهو" عداوتهما المتبادلة للسعي إلى تسوية مؤقتة، ويمكن أن يتراجع الانقطاع التجاري والدبلوماسي الحالي بين تل أبيب وأنقرة إذا تحرك الجانبان بشكل عملي. وسيتطلب هذا من "ترامب" الوفاء بعرضه في السابع من نيسان/ أبريل للمساعدة في "حل الأمر" بين البلدين؛ حيث يرى الحزبان الحاكمان في كلا البلدين بعضهما البعض كتهديد ومنافسين لبعضهما في المنطقة، لكن لا سبيل ولا منفعة لأي منهما في المواجهة المستمرة.

10. كيف تنظر إيران إلى هذه التطورات؟ وهل ستحاول التدخل؟

نيكولاس هوبتون: زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

صدر الرد الرسمي على وقف إطلاق النار وخطة السلام في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، من علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد للشؤون الخارجية حيث قال: "قد يكون بدء وقف إطلاق النار في غزة بمثابة نهاية لوقف إطلاق النار في أماكن أخرى، كالعراق واليمن ولبنان". كما أشار وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى وقف إطلاق النار كخطوة إيجابية، موضحًا أن إيران لا تستطيع قبول دعوة مصر لحضور قمة السلام التي يرأسها "ترامب" في شرم الشيخ، وقال إنه من غير الممكن لإيران التواصل مع الولايات المتحدة في ظل تهديدها بضرب إيران مجددًا. ومن الواضح أن قرار الولايات المتحدة برفض منح تأشيرات للوفد الإيراني لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة كانا عاملين في القرار.

على نطاق أوسع، قدّم النظام وأنصاره اتفاق السلام على أنه انتصار لحماس وشبكة المقاومة من حلفاء إيران ووكلائها، بينما تتباين الآراء بين الشعب الإيراني، بما في ذلك دعوات من المعسكر الإصلاحي للتواصل مع الولايات المتحدة وقبول الدعوة المصرية. ويشير البعض إلى وجود فرصة لاستئناف المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووي ورفع العقوبات.

في الواقع، يبدو أن هذا أيضًا في ذهن "ترامب"؛ حيث بدأ يتطلع إلى ما وراء وقف إطلاق النار الحالي من أجل تسوية إقليمية أوسع، بينما ينتقد بعض الإيرانيين أيضًا حماس، متسائلين عن سبب دعم إيران للحركة. وقد وُصفت حماس بأنها جاحدة للجميل، وأُلقي عليها باللوم في جلب الموت والدمار إلى إيران والمنطقة من خلال هجمات السابع من أكتوبر. ويُشار إلى أن حماس لم تشكر إيران في بيانها بشأن وقف إطلاق النار، بينما ذكرت الدول العربية التي ساعدت في التوسط.

في هذه المرحلة، يبدو من المرجح أن يركز النظام الإيراني على إعادة بناء منشآته التي دمرتها الهجمات "الإسرائيلية" وموقفه ضد "إسرائيل". وقد يشمل ذلك إعادة بناء أنظمة الدفاع الجوي لطهران وقمع المعارضة الداخلية والبحث عن ما يسمى بالجواسيس "الإسرائيليين"، والبحث تدريجيًا عن طرق لتعزيز حلفائها في لبنان واليمن وأماكن أخرى. وقد تدعو الأصوات الأكثر حكمة في طهران أيضًا إلى إعادة إطلاق المفاوضات مع الولايات المتحدة، وتتطلع إلى الاستفادة من اندماج إيران الجديد في المجتمع العربي والإسلامي الأوسع، الذي سهلته حملة "إسرائيل" على غزة، إضافةً إلى هجماتها على قطر ولبنان وسوريا وإيران.

11. كيف يتفاعل حزب الله في لبنان؟

نيكولاس بلانفورد: زميل أول غير مقيم في برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي

لم يعلق "حزب الله" صراحةً بعد على قرار حماس بقبول شروط وقف إطلاق النار في غزة، لكن التصريحات العامة للحزب بشأن نهاية الحرب تميل إلى تبرير ضرورة استمرار روايات المقاومة ضد "إسرائيل"، والتي تتناسب مع جهوده للاحتفاظ بسلاحه بينما تتحرك الحكومة اللبنانية لنزعه ووضعه تحت سيطرة الدولة. وقد التزم الحزب عمومًا بوقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، الذي أنهى 13 شهرًا من الصراع في لبنان، رغم أن "إسرائيل" تواصل شن غارات جوية شبه يومية تستهدف بشكل رئيسي أفراد الحزب ومنشآته.

وهناك تكهنات كثيرة في لبنان بأنه إذا صمد وقف إطلاق النار في غزة، فقد يسمح ذلك لـ"إسرائيل" بأن تولي اهتمامًا أكبر لجبهتها الشمالية، ما قد يؤدي لتوسيع وتصعيد هجماتها ضد الحزب. وقد يؤدي انتهاء الصراع في غزة لإعادة تركيز الاهتمام الدولي على هدف نزع سلاح "حزب الله"، ما قد يزيد من الضغط على الحكومة اللبنانية ويفاقم التوترات في البلاد في الأسابيع والأشهر المقبلة.

12. كيف يتفاعل الحوثيون مع هذه التطورات؟

أسامة الروحاني: زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط

لا يعتبر الحوثيون الهدنة الحالية بين "إسرائيل" وحماس نتيجة مثلى، بل يرونها مجرد مناورة تكتيكية من "إسرائيل". وعلى مستوى أعمق، فإن الهدنة تُقوّض طموحاتهم الأوسع وتُضعف أهميتهم الإقليمية وزخمهم السياسي الذي اكتسبوه من خلال أعمالهم "العدائية" في البحر الأحمر والهجمات على "إسرائيل"، ناهيك عن أن الحوثيين أصبحوا أقوى عضو في "محور المقاومة" المرتبط بإيران.

أيديولوجيًا، لا يُرجح أن يمتنع الحوثيون عن حربهم ضد "إسرائيل" في المستقبل؛ فقضيتهم متجذرة بعمق في عقيدة يجسدها شعارهم: "الموت لإسرائيل"، كما إنها ضرورة سياسية. وتُعتبر القضية الفلسطينية المدخل الرئيسي للحوثيين في هذه المعركة كجزء من محور المقاومة، وبالتالي سيسعون إلى رصد واستغلال أي ثغرة في وقف إطلاق النار الحالي أو الأحداث المستقبلية كمبرر لاستئناف الأعمال "العدائية". لذلك، فإن ما سيحدث لاحقًا لا يزال قضية مفتوحة. ومن وجهة نظر "إسرائيل"، ما زال الحوثيون يُشكلون تهديدًا طويل الأمد يتجاوز صراع غزة، لذلك تعتزم القضاء على هذا التهديد، ومن المتوقع أن تستمر مواجهتهم، على الأقل في المستقبل المنظور.

13. كيف تنظر الميليشيات العراقية لوقف إطلاق النار وما تأثيره على العراق؟

فيكتوريا ج. تايلور: مديرة مبادرة العراق في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي

أصدرت الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران، مثل "كتائب حزب الله"، بيانات ترحب فيه بوقف إطلاق النار وتدين "إسرائيل"، لكن هذه الجماعات كانت قد اتخذت بالفعل خطوات لفصل أفعالها عن القتال في غزة. فبالنسبة للعديد من هذه الميليشيات، كانت حرب "إسرائيل" على غزة فرصة للضغط على الوجود العسكري الأمريكي في العراق، لكن تنفيذ بعض الهجمات كان ضروريًا أيضًا لإظهار تضامنهم مع محور المقاومة. ومع ذلك، لا تتمتع أي من هذه الجماعات، على عكس الحوثيين في اليمن، بالتزام أيديولوجي قوي بالقضية الفلسطينية، وبالتالي فإن الجمع بين الضربات الأمريكية والتهديد بالانتقام "الإسرائيلي" والضغط من قبل الحكومة العراقية والتوجيه الإيراني قد أوقف ضربات الميليشيات بشكل فعال خلال عام 2024.

وإن كانت الميليشيات العراقية ما زالت مرتبطة بطهران وتتلقى الدعم منها، لكن العديد من الجماعات أصبحت بشكل متزايد جهات فاعلة سياسيًا واقتصاديًا لها مصالحها المحلية الخاصة. في الوقت الحالي، فإن هذا يعني التركيز على الانتخابات البرلمانية العراقية في الـ11 من تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، بدلًا من المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس. أما بالنسبة للحكومة العراقية، فإن وقف إطلاق النار هو تطور مرحب به، يزيل أحد مصادر عدم الاستقرار المحتملة. فقد أظهرت فترة ما بعد السابع من أكتوبر أن استقرار العراق هشٌّ للغاية في مواجهة التطورات الإقليمية، سواءً من حرب غزة أو أي تصعيد بين "إسرائيل" وإيران.