تشمل سبعاً من أكبر اقتصادات العالم.. توقعات بارتفاع نسبة الاضطرابات المدنية حول العالم في العام 2026

الساعة : 15:39
8 ديسيمبر 2025
تشمل سبعاً من أكبر اقتصادات العالم.. توقعات بارتفاع نسبة الاضطرابات المدنية حول العالم في العام 2026

المصدر: ڤيريسك ميݒلكروفت

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

التوقعات السياسية للمخاطر لعام 2026

تشير بيانات الاضطرابات المدنية إلى أن معدل الاحتجاجات عالميًا قد ازداد خلال العامين الماضيين، في وقت أصبحت فيه الممتلكات التجارية عرضة للاستهداف بشكل متزايد خلال الاحتجاجات، ما أدى لخسائر وتعطّل في الأعمال بمئات ملايين الدولارات. بموازاة ذلك، سيُسهم الاستقطاب السياسي المتصاعد، والضغوط المتنامية على المالية العامة، والدور المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم مشاعر السخط الشعبي. والرسالة الأساسية المستفادة من ذلك هي أن: على الحكومات والشركات وشركات التأمين توقّع احتجاجات وأعمال شغب متكررة ومسبّبة للاضطراب خلال عام 2026.

في التفاصيل، يُظهر مؤشر الاضطرابات المدنية أن سبعًا من أكبر اقتصادات العالم تقع ضمن الدول الأكثر عرضة للاضطراب خلال العام القادم، فيما توجد خمس دول أوروبية ضمن أعلى عشر دول من حيث المخاطر، تشمل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة عالميًا من حيث المخاطر؛ حيث سجّلت أكبر زيادة في حجم الاحتجاجات خلال العام الماضي، ما يجعلها نقطة توتر محتملة أخرى. كما تشمل قائمة الدول العشر الأكثر تعرضًا للمخاطر كلًا من البرازيل والمكسيك والهند وميانمار، وهو ما يؤكد مدى اتساع رقعة الدول المتأثرة بالاضطرابات المدنية.

ومع ازدياد الاضطرابات التي تواجهها الشركات، وقيام شركات التأمين بتعديل سياساتها استجابةً لزيادة الأحداث عالية التأثير، زادت الحاجة إلى تقييم مخاطر الاضطرابات المدنية، وهو ما لم يكن بهذه الأهمية من قبل. وللحفاظ على القدرة على الصمود، يجب على شركات التأمين والمؤسسات أخذ مواقع الأصول في الاعتبار، ومدى رمزيتها أو لفتها للأنظار، إلى جانب مستوى المخاطر الأساسية للاضطرابات في كل موقع، لضمان فهم كامل لنطاق التعرض للمخاطر.

جميع المناطق حول العالم معرّضة لارتفاع مخاطر الاضطرابات المدنية

مرّت الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 دون أحداث بحجم ما شهدته تشيلي عام 2019، والولايات المتحدة عام 2020، وجنوب أفريقيا عام 2021، وفرنسا عام 2023، وكاليدونيا الجديدة عام 2024؛ وكلها أحداث تجاوزت خسائرها المؤمن عليها مليار دولار، رغم ذلك فإن خطر موجة جديدة من الاضطرابات المدمّرة يتصاعد. فقد أظهرت بيانات الاضطرابات المدنية أنه استنادًا إلى وتيرة وشدة الاحتجاجات خلال العام الماضي (بالمجمل سجّلت 53 دولة زيادة في الهجمات على الممتلكات التجارية)، من المتوقع أن تكون الاضطرابات المدنية العالمية أكثر إرباكًا خلال عام 2026 مقارنةً بسابقه. وتشمل العوامل الأساسية التي تخلق بيئة خصبة للاضطرابات: التقلبات الاقتصادية، وعدم المساواة في الدخل، وسلوك قوات الأمن، والفساد.

ففي إندونيسيا، من المتوقع أن تتجاوز تكلفة الأضرار الناتجة عن أعمال الشغب واسعة النطاق خلال شهر آب/ أغسطس 50 مليون دولار من الخسائر المؤمن عليها، في حين سجّل مؤشر جاكرتا المركّب في البلاد تراجعًا بنسبة 7% في ذروة الاحتجاجات، مع تأثير أشد على شركات الصناعات التحويلية والتكنولوجيا. وفي نيبال، يُتوقّع أن تكون الخسائر المؤمن عليها الناجمة عن الاحتجاجات مماثلة لتلك الناتجة عن زلزال عام 2015 المدمر، والتي تجاوزت 200 مليون دولار. كما شهدت كل من كينيا وموزمبيق والهند والمكسيك وبيرو أكبر زيادة في الهجمات على الممتلكات التجارية خلال العام الماضي. وتضم قائمة الدول العشر الأكثر ارتفاعًا مزيجًا من الاقتصادات المتقدمة الكبرى مثل ألمانيا وإسبانيا، واقتصادات ناشئة كبيرة مثل الهند والمكسيك، إلى جانب أسواق ناشئة أصغر تعتمد على صادرات الموارد الطبيعية مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وبيرو.

وقد اختلفت مسببات الاحتجاجات الكبرى في عام 2025، لكن هناك قواسم مشتركة؛ حيث تُظهر البيانات أن الفساد يشكّل منذ فترة طويلة عاملًا رئيسيًا لمخاطر الاضطرابات المدنية في كل من إندونيسيا ونيبال والفلبين، بينما شكّلت مشاعر الغضب الشعبي تجاه الفساد السياسي محورًا أساسيًا في موجة الاضطرابات الأخيرة في جنوب وجنوب شرق آسيا. كما كان سلوك قوات إنفاذ القانون عاملًا مشتركًا آخر؛ حيث تصاعدت الاحتجاجات في كل من إندونيسيا ونيبال وأنغولا ردًا على استخدام قوات الأمن القوة المميتة.

بذور الاضطرابات تترسخ في أوروبا والولايات المتحدة

تعتبر أوروبا والأمريكتان المنطقتين الوحيدتين اللتين لا توجد فيهما أي مدن كبرى ضمن الفئة الأقل تعرضًا للمخاطر؛ حيث تُظهر بيانات الاضطرابات المدنية أن الاحتجاجات في أوروبا لا تزداد حجمًا فقط، بل تتسبب كذلك في أضرار للممتلكات الخاصة بوتيرة متزايدة في العديد من الدول والمدن. وما زاد الطين بلّة هو تفاقم الضغوط المالية، ما يضع الحكومات في موقف صعب في الوقت الذي تكافح فيه لإدارة السخط الشعبي المتصاعد. وبالتالي، فإن زيادة الإنفاق الدفاعي، وتقلبات التجارة العالمية، والمخاوف بشأن قدرة أوروبا التنافسية في الاقتصاد العالمي، كل هذا يفرض ضغوطًا كبيرة على المالية العامة في أنحاء المنطقة. وتكمن المخاوف في أن الضغوط الاقتصادية المتزايدة ستؤدي لارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة الاجتماعية، وكلها عوامل تغذي مخاطر الاضطرابات المدنية وفقًا للبيانات.

وتتجلى هذه المعضلة بأوضح صورها في فرنسا؛ حيث أثار الرفض الشعبي لاقتراحات خفض الإنفاق العام احتجاجات واسعة النطاق، خرج خلالها ما يُقدّر بـ195 ألف متظاهر إلى الشوارع في بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. كما تهدد الاستقطابات السياسية المتصاعدة في أوروبا بإذكاء السخط الشعبي تجاه قضايا الهجرة؛ فقد شهدت المملكة المتحدة وألمانيا احتجاجات تجاوز عدد المشاركين فيها مائة ألف شخص، وكان محورها الرئيسي الدعوات لتشديد ضوابط الهجرة. ورغم أن معظم هذه الاحتجاجات كانت سلمية، فإن احتجاجات مرتبطة بالهجرة في دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وهولندا، تحولت إلى العنف. ومن هنا، فإن تداخل هذه العوامل يخلق مزيجًا قابلًا للاشتعال، خصوصًا في أكبر اقتصادات أوروبا؛ حيث تبدو توقعات الاستقرار الاجتماعي قاتمة.

على الجانب الآخر من الأطلسي، سجّلت الولايات المتحدة أكبر زيادة في متوسط حجم الاحتجاجات الشهرية خلال هذا العام؛ حيث ارتفع المتوسط من 172 ألف شخص في الربع الرابع 2024 إلى 696 ألفًا في الربع الرابع 2025. وكما هو الحال في أوروبا، يعتبر تصاعد الانقسام السياسي مصدر قلق متزايد؛ حيث تظهر استطلاعات الرأي اتساعًا متسارعًا في الاستقطاب على مدى العقد الماضي. ومع تزايد النشاط الاحتجاجي، فإن هذه الانقسامات السياسية العميقة تزيد مخاطر تحول الأحداث لاضطرابات أكثر تدميرًا خلال العام القادم. وقد تم التحذير في أيلول/ سبتمبر الماصي من أن مخاطر الاضطرابات المدنية في الولايات المتحدة ليست مرشحة للانحسار بعد الانتخابات الرئاسية؛ لأن الأدلة تظهرة أن الانتخابات تاريخيًا لم تكن عاملًا حاسمًا في خفض مستوى الاضطرابات أو الحد من خطورتها، ولا تعتبر مؤشرًا قويًا على احتمال حدوث اضطرابات مدمّرة.

تداعيات ارتفاع نسبة الاحتجاجات التي تتحول للعنف

تُظهر الأبحاث أن 90% من الاحتجاجات سلمية وأن 10% فقط تتحول للعنف، بما يشمل الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن أو بين مجموعات متعارضة من المتظاهرين. أما نسبة الاحتجاجات التي تتسبب مباشرة في إلحاق أضرار بالممتلكات الخاصة عبر التخريب والنهب فهي أقل من ذلك؛ إذ تشكّل أقل من 1% من إجمالي الاحتجاجات.

لكن، مع تصاعد الاستقطاب السياسي وتزايد قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تأجيج الاحتجاجات، فإن احتمال حدوث موجات كبرى من الاضطرابات خلال العام القادم في أنحاء العالم آخذ في الارتفاع، ما يفرض تكاليف إضافية على الشركات في بيئة اقتصادية مضطربة بالفعل. وبالنسبة للشركات المتأثرة بهذا الاضطراب، سيكون استخدام البيانات والتحليل لفهم المخاطر الأساسية للاحتجاجات في كل دولة ومدينة أمرًا بالغ الأهمية، لمساعدة الشركات وشركات التأمين على التمييز بين نقاط التوتر المؤقتة والمخاطر طويلة الأمد المرتبطة بالاضطرابات المدنية الهيكلية.