الحدث:
نفذت قوات الجيش "الإسرائيلي" هجومًا على بلدة "بيت جن" في ريف دمشق الغربي جنوب سوريا، بزعم اعتقال 3 أشخاص ينتمون لما تسميه "تنظيم الجماعة الإسلامية"؛ حيث شهد التوغل تبادلًا لإطلاق النار بين أهالي البلدة والقوات "الإسرائيلية"، أدى إلى إصابة 6 عسكريين "إسرائيليين" بينهم 3 ضباط إصابة بعضهم خطيرة، فيما استشهد 13 شخصًا من أبناء البلدة بعد قصف مدفعي وصاروخي وتدخل للطائرات الحربية.
الرأي:
يُعد هذا التصدي هو الأول لتوغل قوات الجيش "الإسرائيلي" في الجنوب السوري، والثاني في المواجهات المباشرة، بعد تفجير قامت به مجموعة "المقاومة الوطنية" استهدف مدخل موقع عسكري "إسرائيلي" بريف القنيطرة. ومع هذا، فإن هذه الأحداث تظل ضمن المعادلة الأمنية السائدة – حتى لو كانت مؤقتة – في الجنوب السوري، في انتظار التوصل لاتفاق أمني بين الجانبين، أو تدهور الأوضاع إلى مواجهة واسعة.
ويمثّل اقتحام "بيت جن"، والاشتباكات التي تلته، ضمن إطار عملية "سهم باشان"، حادثة ذات دلالة بالنسبة للقوات "الإسرائيلية"، لأنها تقوّض فرضية أنّ جنوب سوريا سيكون آمنًا، ولن يُقدّم مقاومة مؤثرة أمام العمليات البرية "الإسرائيلية". كما يُبرز تحديًا جديدًا بالنسبة لها يتمثل في ظهور مجموعات مقاومة سورية محليّة، لا ترتبط بإيران أو محورها، وتعمل ضمن هرمية غير واضحة بالنسبة لـ"إسرائيل"، ما يجعل التعامل مع هذه المجموعات "غير قابل للتوقّع"، ويزيد احتمالات التصعيد المفاجئ خلال أي توغل بري. وبناءً عليه، فإن تكتيكات الاحتلال قد تكون أكثر حذرًا وتعقيدًا في أي محاولات اقتحام بري قادمة.
ورغم أنّ موازين القوى على الأرض ما زالت تميل نحو "إسرائيل"، إلّا أنّ حكومة "الشرع" في دمشق ما زالت ترفض فكرة "المناطق المنزوعة السلاح" في الجنوب التي طرحتها "إسرائيل". ومن غير المتوقع أن تُقدم دمشق على اتّفاق يُبقي الاحتلال في موقعه الحاليّ ويكرّس الأمر الواقع الذي يعطي لمحافظة "السويداء" حكمًا ذاتيًا من الناحية العملية. بالمقابل، تعيش "تل أبيب" لحظة أمنيّة داخليّة مشحونة بضغط الجيش لتثبيت خطوطه الحمر، وخشية القيادة السياسيّة أن يُقرأ أيّ تراجع عن الوضع الحالي كضعف.
إزاء هذا الواقع، فإنه من الممكن أن نشهد تصعيدًا تدريجيًّا في العمليات العسكرية والأمنية من كلا الطرفين، إذا أصرّت "إسرائيل" على تعديل قواعد الاشتباك في منطقة "جبل الشيخ"، وتصاعدت بالمقابل العمليّات ضدّ المواقع "الإسرائيليّة" من قبل منظّمات قريبة من دمشق. في حين ستعمل الدول الإقليمية والدولية على بقاء التهدئة المؤقتة، ودعم مسار التوصل لاتفاق.