الحدث:
أعلن جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام "الشاباك" اغتيال القيادي البارز في "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، رائد سعد، في غارة استهدفت مركبة غرب مدينة غزة، وذلك في تصعيد جديد لخروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار. وقال الاحتلال إن عملية الاغتيال جاءت ردًا على تفجير عبوة استهدفت قواته داخل الخط الأصفر بقطاع غزة. من جهتها، نعت "كتائب القسام" "سعد"، الذي كان يقود ركن التصنيع العسكري، موضحةً أنه تم تكليف قائد جديد للقيام بالمهام التي كان يشغلها "سعد". كما نعت حركة حماس "سعد" إلى جانب عدد من مساعديه، وهم رياض اللبان، وعبد الحي زقوت، ويحيى الكيالي، مشيرةً إلى أنهم استشهدوا في عملية اغتيال "إسرائيلية" غادرة.
الرأي:
تعتبر عملية اغتيال "سعد" الأولى من نوعها التي تستهدف شخصية رفيعة المستوى من حماس و"كتائب القسام" عقب اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2025، بينما سبقها العديد من عمليات الاغتيال لقادة ميدانيين في "القسام" أبرزهم، عبد الله اللداوي، وتاج الدين الوحيدي، وغيرهم في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وتمثل عملية اغتيال "سعد" تأكيدًا لطبيعة المقاربة "الإسرائيلية" تجاه حماس وغزة، والتي تتضمن تعميم "النموذج اللبناني" في غزة بشكل واسع، من خلال مواصلة استهداف كوادر وبنية الحركة ضمن اتفاق الهدنة القائم، مراهنًا على أن الحركة لن تغامر برد يفتح المجال لعودة الحرب مجددًا. من ناحية أخرى، يواصل الاحتلال عمليات الاغتيال في لبنان، والتي كان آخرها اغتيال القيادي العسكري البارز في "حزب الله"، هيثم الطبطباي، قبل نحو ثلاثة أسابيع في الضاحية الجنوبية ببيروت.
ويعتبر اغتيال "سعد" ضربة مؤثرة لـ"كتائب القسام"؛ وذلك نظرًا لدوره المحوري باعتباره من الجيل المؤسس وأحد القادة العسكريين المخضرمين القلائل الذين لم يتمكن الاحتلال من استهدافهم أثناء الحرب. فقد تولى "سعد" مسؤوليات مركزية عديدة من أبرزها قيادة لواء غزة، وقيادة ركن العمليات المركزية، وتأسيس القوة البحرية، وصولًا لقيادة ركن التصنيع العسكري، فضلًا عن كونه أحد أعضاء المجلس العسكري المصغر إلى جانب القائد العام، محمد الضيف، ونائبه، مروان عيسى. كما تتهمه "إسرائيل" بأنه المسؤول الأول عن وضع الخطط العملياتية والإشراف على الخطوات الإستراتيجية لتنفيذ عملية "طوفان الأقصى"، من خلال إنشاء "كتائب النخبة" وإعداد خطة "سور أريحا" الهادفة لهزيمة فرقة غزة في جيش الاحتلال. ونظرًا لخبرات "سعد"، فإن تقديرات "إسرائيل" تصنفه الشخصية الثانية بعد "عزالدين الحداد"، وبالتالي فإنها تستهدف باغتياله حرمان الحركة من جهوده في إعادة بناء القدرات العسكرية لـ"القسام" بعد عامين من الحرب.
بالمحصلة، يسعى الاحتلال لترسيخ عمليات الاغتيال كأداء لإدارة الصراع والحرب، في ظل تعثر الانتقال للمرحلة الثانية حتى الآن، كما يسعى لاستطلاع رد فعل المقاومة على مثل هذا الخرق للاتفاق. من جانبه، يسعى "نتنياهو" لتسويق العملية داخليًا كنجاح له وتوسيع الخروقات، كرسالة مسبقة قبل التوجه إلى واشنطن في محاولة لفرض معادلة ميدانية جديدة، والحفاظ على الحرية العملياتية الأمنية والاستخباراتية داخل القطاع دون أي التزامات سياسية أو قانونية.