بحث وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، مع نظيره المالي، عبد الله ديوب، خلال انطلاق أعمال الدورة الـ18 للجنة الثنائية الاستراتيجية الجزائرية-المالية، تعزيز التقارب الاستراتيجي بين البلدين حول القضايا المتعلقة بالأمن في المنطقة، وآفاق تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة بمالي. وترأس "لعمامرة"، بصفته رئيس لجنة الوساطة الدولية حول مالي، اجتماعها السادس بحضور رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مالك دياو، ورئيس المجلس العسكري الحاكم، أسيمي غويتا، والحركات الموقعة على اتفاق المصالحة، إضافةً لعدد من كبار المسؤولين الأمنيين من دول المنطقة والشركاء الثنائيين، لتنفيذ مخرجات الاجتماع، الذي عقد في آب/ أغسطس الماضي، بين القوى والحركات المالية والحكومة المركزية في باماكو، لإدماج 26 ألفًا من مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش المالي.
تحمل زيارة "لعمامرة" إلى العاصمة المالية باماكو رسائل عديدة، أبرزها حرص الجزائر على تعزيز نفوذها الأمني في منطقة الساحل، وترسيخ تواجدها الاستراتيجي بما يسمح لها برسم السياسات الإقليمية للأمن في هذه المنطقة، لا سيما بعد انسحاب القوات الفرنسية من الساحل الأفريقي.
وليس من قبيل المصادفة أن تأتي الزيارة بعد بلورة تفاهمات جزائرية - فرنسية تخص الوضع في مالي ومنطقة الساحل الأفريقي، والتي تمت خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الجزائر؛ حيث كانت "مالي" محل انشغال فرنسي لافت خلال الزيارة. كما كانت مالي في صلب الاجتماع الأمني والعسكري الأول من نوعه الذي جمع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بنظيره الفرنسي، ماكرون، وبحضور كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية من البلدين. فقد بدا واضحًا من خلال تصريحات "تبون" أن الجزائر تطرح اشتراطات حساسة تخص ملف التنسيق الأمني، وأن باريس باتت أكثر حرصًا على التنسيق مع الجزائر في ترتيبات الأمن بمنطقة الساحل، لكونها تتصل بالأمن القومي الجزائري، وهو ما يمثل فرصة للجزائر لممارسة دور أمني أوسع في ظل أن العلاقة بين باماكو وباريس "في أسوأ حالاتها".