الحدث:
أفادت وسائل إعلام عبرية بإصابة أكثر من 40 جنديًا منهم 15 بجروح خطيرة، ومقتل أحد المصابين فيما بعد وذلك بعد أن نُشر في البداية بأن عدد القتلى يفوق 5 قتلى ونحو 50 إصابة، في عملية دهس وقعت في محطة للحافلات قرب قاعدة "غليلوت" شمالي "تل أبيب، والتي تضم مقرات وكالات الاستخبارات. وقد تعاملت أجهزة الأمن "الإسرائيلية" مع الحادثة على أنها "هجوم نفذ على خلفية قومية، حيث أشارت إلى أن منفذ عملية الدهس يدعى، رامي الناطور، من مدينة قلنسوة في الداخل المحتل 1948، وقد تم تحييده بعد إطلاق النار عليه.
الرأي:
تعد هذه العملية واحدة من أكبر عمليات الدهس التي شهدتها "إسرائيل" حتى الآن، وذلك بالنظر لعدد القتلى والإصابات والذي يبدو أن الرقابة العسكرية على الإعلام قيدت النشر بخصوصه، وهذا ما ظهر بشكل واضح في تضارب الأرقام وتتالي البيانات حول عدد القتلى والإصابات منذ بدء العملية، خاصة مع الأخذ في الاعتبار نوعية المستهدفين والذين في غالبهم من جنود يعملون في أجهزة الأمن والاستخبارات وكانوا في طريقهم إلى القاعدة العسكرية، ما دفع الإعلام "الإسرائيلي" لوصفها بالعملية "الخطيرة وغير المسبوقة".
وفي ضوء تصاعد وتيرة الحرب على مختلف الجبهات، فإن الضفة الغربية و"إسرائيل" شهدت العديد من محاولات تنفيذ عمليات فردية وعمليات دهس، إلا أن هذه العملية تعد الأبرز والأنجح بالنظر للموقع الذي حدثت فيه، إذ تحظى قاعدة "غليلوت" بأهمية باعتبارها العمود الفقري لأجهزة الاستخبارات والتنصت في "إسرائيل"، وكانت المقاومة اللبنانية قد أعلنت عن استهدافها عدة مرات بالصواريخ بعيدة المدى، ويبدو أن هذا الأمر دفع المنفذ لاختيار مكان قريب للقاعدة لتحقيق أكبر خسارة ممكنة في صفوف جنود الاحتلال.
إن هذا النوع من العمليات سيبقى من أكبر المعضلات في مواجهة المنظومة الأمنية وحكومة الاحتلال بالرغم من وعودها بجلب الأمن "للإسرائيليين"، وذلك بالنظر لاختيار المنفذين تكتيات وأساليب جديدة في كل مرة تمكّنهم من تجاوز كل الإجراءات الأمنية والاستخباراتية، فضلًا عن كون المنفذ هذه المرة من الداخل المحتل ويحمل الجنسية "الإسرائيلية" وهو ما يعيد للواجهة دور فلسطيني الداخل المحتل في ظل الحرب الجارية. ولا شك بأن مثل هذه العملية قد تكون ملهمة لأفراد آخرين للقيام بعمليات مماثلة في العمق "الإسرائيلي" في ظل استمرار الإبادة المستمرة في قطاع غزة. وفي المقابل، من المرجح أن تتخذ حكومة الاحتلال إجراءات انتقامية تجاه أسرة المنفذ من أجل الضغط على فلسطيني الداخل وردع أي تحركات فردية محتملة، وإن كانت التجربة المتكررة تؤكد أن هذه العمليات ستتواصل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه العملية تأتي وسط ارتفاع عدد القتلى الصهاينة، خلال شهر أكتوبر الجاري في جميع جبهات القتال بالشمال والجنوب والعمليات الفدائية داخل "إسرائيل"، إلى أكثر من 74 قتيلًا من الجنود والضباط والمستوطنين بحسب الإعلانات الرسمية فقط وهي الحصيلة الأعلى منذ أكتوبر 2023.