الحدث:
أعلن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إقالة وزير الحرب، يوآف غالانت، من منصبه، وعين وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، خلفًا له، كما عين "جدعون ساعر" وزيرًا للخارجية. وعلق "نتنياهو" على ذلك بقوله: "أزمة الثقة التي حلت بيني وبين وزير الدفاع لم تجعل من الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة"، ومن جهته قال "غالانت" عقب إقالته إن "أمن دولة إسرائيل كان وسيبقى رسالته في الحياة".
الرأي:
من الواضح أن ملف إقالة "غالانت" كان على طاولة "نتنياهو" الذي استطاع إدارة الخلافات والمناورة معه طوال الفترة الماضية، إلا أن "نتنياهو" استغل الفرصة واختار الوقت الأنسب للإقالة في خضم الانشغال بمعرفة نتائج الانتخابات الأمريكية، وانشغال الأوساط "الإسرائيلية" بما أصبح يعرف بقضية "التسريبات الأمنية"، المتهم فيها عدد من مساعدي "نتنياهو" والعاملين في مكتبه، والتي أضرت بأهداف الحرب "الإسرائيلية" على غزة.
وتعد هذه المرة الثانية التي يتم فيها الإطاحة بـ"غالانت" من منصبه؛ حيث سبق أن تم إقالته في آذار/ مارس2023 على خلفية الخلافات حول التعديلات القضائية، قبل إعادته تحت ضغط الشارع والاحتجاجات. لكن الخلافات تفاقمت بينه وبين "نتنياهو" حول عدد من المسائل المرتبطة بإدارة الحرب على جبهتي غزة ولبنان، وحول إجراء صفقة لاستعادة الأسرى "الإسرائيليين" ومسؤولية تحمل الفشل في السابع من أكتوبر، التي ما زال "نتنياهو" يتهرب منها ويلقي بها على المنظومتين الأمنية والعسكرية، وأخيرًا رفْض "غالانت" إعفاء المتشددين دينيًا "الحريديم" من الخدمة في الجيش. وعلى جانب أخر، فقد كان "غالانت" متوافقًا أكثر مع رؤية إدارة "بايدين" فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة؛ حيث كان يرفض احتلال القطاع عسكريًا، وذلك على عكس ما يريد "نتنياهو" وحلفاؤه من المتطرفين الذين لديهم خطط لإعادة الاستيطان.
وبالنظر للتعينات الجديدة، نرى أن "نتنياهو" يحكم قبضته على القرارين السياسي والعسكري؛ حيث إن "كاتس" و"ساعر" كليهما على توافق معه. وقد تفتح الإقالة الباب لمزيد من الإقالات أو الاستقالات لا سيما في القيادات العسكرية والأمنية، التي يريد "نتنياهو" إبعادها، وعلى رأسهم رئيس هيئة الأركان وقائدي "الشاباك" و"الموساد" الذين يؤيدون تقديم تنازلات لاستعادة الأسرى، بينما يصر "نتنياهو" على مواصلة الحرب حتى النهاية من أجل تحقيق "النصر المطلق" كما يزعم.
من جهة أخرى، ستزيد تداعيات هذا الحدث من تعقيدات المشهد الداخلي "الإسرائيلي"، وستواصل المعارضة التي وصفت الإقالة بـ"العمل الجنوني" للجوء إلى الشارع والاحتجاجات، في محاولة للضغط على "نتنياهو" وحكومته لاستعادة الأسرى والكف عن تقديم المصالح الشخصية على حساب أمن "إسرائيل".
ومن المرجح أن تتجه "إسرائيل" إلى التشدد أكثر في محاولة تحقيق أهداف الحرب، وهو ما يبعد إجراء أي صفقة لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب، فضلًا عن إمكانية توسيعها في ظل تبادل الهجمات الصاروخية مع إيران التي توعدت بالرد على الهجوم "الإسرائيلي" الأخير. كما إن فوز "ترامب" بالرئاسة الأمريكية سيعزز من توجهات "نتنياهو" وحلفائه المتشددة، باعتبار أنه سيكون الأفضل لصالحهم من الإدارة الديمقراطية التي كانت تحجّم "إسرائيل" عن توسيع الحرب نحو إيران.