الحدث
أعلن الرئيس التركي أردوغان توقيع بلاده اتفاقية مع إندونيسيا لإنتاج وتصدير 48 مقاتلة تركية من طراز "قآن" بقيمة 10 مليار دولار مع جدول تسليم يمتد على عشر سنوات. وقد جرى توقيع الاتفاق في جاكرتا خلال معرض "إندو ديفينس 2025"، بحضور كل من الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ووزير دفاعه، إلى جانب رئيس الصناعات الدفاعية التركية، ورئيس مجلس إدارة شركة "توساش" المصنعة للطائرة المقاتلة، ونائب وزير الدفاع التركي.
الرأي
تكشف الصفقة خلفيات اللقاءات المكثفة بين المسؤولين الإندونيسيين والأتراك خلال العامين الأخيرين، ففي أكتوبر 2023 زار وزير الدفاع الإندونيسي أنقرة، واطّلع خلال زيارته على برنامج المقاتلة "قآن"، وأجرى محادثات موسعة مع مسؤولي شركة توساش. وفي المقابل، زار رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية جاكرتا مرتين في 2024، تمهيدًا لتوقيع مذكرات تفاهم تقنية ونقل تكنولوجيا.
ورغم عقد تركيا العديد من صفقات تصدير للطائرات المسيّرة والأنظمة الدفاعية، إلا أن تصدير مقاتلات مأهولة من الجيل الخامس يمثل قفزة في مسار الصناعات الدفاعية التركية، وأيضا قفزة في نفوذ تركيا الأمني المتصاعد في العالم الإسلامي. فهذا هو أول تصدير فعلي لمقاتلات من الجيل الجديد قبل دخولها حتى الخدمة الكاملة في الجيش التركي، حيث قامت الطائرة "قآن" برحلتها الأولى في فبراير 2024 بينما من المقرر تسليم أول 10 طائرات مقاتلة منها إلى القوات الجوية التركية بين عامي 2028 و2033.
بموازاة ذلك، تسعى جاكرتا إلى تنويع مصادر تسليحها بعيدًا عن الاحتكار الغربي أو الاعتماد على الصين، خاصة مع تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي. وفي المقابل، تحرص أنقرة على بناء شراكة صناعية مع إندونيسيا، فهي أكبر دولة مسلمة، وعضو بمجموعة العشرين.
من جانب آخر، يقدّم الاتفاق مكسبًا سياسيًا مهمًا للرئيس أردوغان، الذي يسعى لإظهار نجاح رؤيته في بناء استقلال صناعي عسكري، كما أن الصفقة تخدم أجندته في بناء تحالفات استراتيجية مع القوى الإسلامية الصاعدة عبر الدبلوماسية الدفاعية. وترسل الصفقة رسائل إلى الولايات المتحدة وأوروبا، بأن تركيا باتت تمتلك خيارًا مستقلًا في التسليح والتصدير رغم القيود الغربية التي طالت مشروع إف-35.
في المحصلة، قد تواجه الصفقة تحديات عملية من قبيل توفير قدرات التصنيع الضخمة المطلوبة لتسليم 48 مقاتلة خلال عشر سنوات، في وقت تعمل خلاله تركيا على تجهيز مقاتلاتها لسلاح الجو المحلي أولًا، فضلا عن احتمال حدوث ضغوط غربية على إندونيسيا لإعادة النظر في الصفقة، أو عرقلة إنتاج "قآن" في حال احتياج تصنيعها إلى مكونات حساسة غربية تخضع لرقابة التصدير. ورغم تلك التحديات تعزز الصفقة صورة تركيا كدولة صناعية صاعدة، ما قد يدفع دولاً أخرى عربية وإسلامية لتوقيع صفقات شبيهة.