الحدث:
أجريت يوم الأربعاء 16 تموز/ يوليو الجاري، القراءة الثانية لمشروع "قانون هيئة الحشد الشعبي"، خلال جلسة اعتيادية للبرلمان العراقي، تمهيدًا لجلسة تصويت على إقرار القانون قريبًا، الأمر الذي أثار امتعاض كتلة حزب "تقدم" النيابية بزعامة محمد الحلبوسي (كتلة سنية)، بسبب إضافة فقرة "قراءة قانون هيئة الحشد الشعبي" دون المناقشة والتوافق السياسي المسبق. وبحسب تقارير عراقية، فإن من أبرز بنود القانون الجديد، ما يلي:
1- هيئة الحشد الشعبي ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة ولا علاقة لها إداريًا بوزارتي الدفاع والداخلية، ويكون رئيس هيئة الحشد بدرجة وزير.
2- تأسيس "أكاديمية الحشد الشعبي"، ترفد الحشد بالضباط المدربين بمعزل عن (الكلية العسكرية) التي تقوم بنفس العمل للجيش العراقي.
3- خضوع "مجاهدي" الهيئة من العسكريين لأحكام القوانين العسكرية والموظفين المدنيين لأحكام القوانين المدنية لحين إقرار قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الهيئة.
4- استثناء المرتبطين بالحشد قبل صدور هذا القانون، من شرطي العمر والشهادة المنصوص عليهما في قانون الخدمة والتقاعد العسكري.
5- تكون لهيئة الحشد موازنة مستقلة تمول من الموازنة العامة الاتحادية ومن عوائد أموال الهيئة والتبرعات.
الرأي:
بحسب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي (محسوب على الإطار التنسيقي)، يهدف مشروع قانون الحشد الشعبي إلى تنظيم هيكلية وعمل الهيئة، وسيكون "بديلًا عن القانون النافذ الصادر عام 2016. بالمقابل، ترى الولايات المتحدة أن "الإصلاحات" التي يتم مناقشتها في البرلمان لهيئة الحشد الشعبي، تهدف إلى تحويل الحشد الشعبي لنسخة أخرى من "الحرس الثوري" الإيراني، مع الإبقاء على شخصيات مصنفة إرهابية أمريكيًا في مناصب رئيسية. يُذكر أن البرلمان العراقي قد سحب، في الـ11 من آذار/ مارس الماضي، مشروع "الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي" من جدول المداولات، بسبب ضغوط أمريكية. كما كشف رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، في الـ13 من تموز/ يوليو الجاري، أن "تهديدات أمريكية" أرسلت لجميع القيادات السياسية بشأن الحشد الشعبي، تمنع فيها عرض قانون الحشد في البرلمان. وبالتالي، فإن القراءة التي جرت في البرلمان والاتجاه لعرض القانون للتصويت، هو تحدٍّ من الأطراف الموالية لإيران للولايات المتحدة.
ومن المرجح أن يهدف الإصرار على تمرير القانون في هذا التوقيت لمواجهة الضغوط الأمريكية التي تستهدف حصار الحشد الشعبي وتقييد تمويله. ويلاحظ في مشروع القانون أنه يفتح بابًا للتمويل غير الرسمي ومجهول المصدر، مع ازدياد مخصصات الدولة لميزانية "الحشد الشعبي" وأفراده بشكل كبير في السنوات الأخيرة؛ حيث ارتفع عدد منتسبي الحشد من 122 ألف عنصر إلى 238 ألف عنصر، لتتجاوز ميزانيته 3.4 مليار دولار عام 2024 بعد أن كانت 2.8 مليار دولار عام 2023. ويعقتد أن بعض هذه الوظائف وهمية، ومن ثم تعتقد واشنطن أن بعض هذه الأموال المخصصة للحشد يتم توجيهها إلى إيران بالعملة الصعبة.
إضافةً لذلك، فإن أحد الأسباب المهمة للسعي لإقرار القانون الجديد هو أن القانون السابق لعام 2016 كان تشريعًا مقتضبًا يتألف من ثلاث مواد فقط، ولا يتضمن تفاصيل كافية بشأن شروط توظيف القوات أو هيكلها الإداري. وللتعامل مع هذه الثغرة كان البدء في العمل على إصدار "قانون الخدمة والتقاعد"، رغم أن الدولة العراقية تمتلك لموظفيها "قانون خدمة وتقاعد عسكري" معمول به، لكن قادة الحشد يرفضون الامتثال لهذا القانون لأنه سيفرض سنًا إلزاميًا للتقاعد، وهذا ما تم معالجته في مشروع القانون الجديد للحشد؛ حيث تم استثناء المنتمين للحشد قبل إصدار هذا القانون من شرط العمر والتقاعد. ولولا هذا الاستثناء، لكن من الممكن أن يتم إحالة رئىس هيئة الحشد، فالح الفياض (68 سنة) للتقاعد مع 180 شخصًا من كبار موظفي وقيادات الحشد.
وفيما يتعلق بالفقرة الخاصة بـ "أكاديمية الحشد الشعبي"، فإن الإصرار على إقرارها رغم وجود كلية عسكرية رسمية ترفد الجيش بالضباط المدربين، يعزز المخاوف من أن هدفها هو رفد الحشد الشعبي بضباط عقائديين تم تنشئتهم على الولاء للمرجعية الشيعية الإيرانية، وعدم الارتباط بالأجندة الوطنية لكن بالولاء للمذهب العابر للحدود الوطنية.
ومن المرجح أن تصطدم مساعي إقرار القانون الجديد للحشد الشعبي بمعارضة الكتل السنية والكردية، فضلًا عن الضغوط الأمريكية على الحكومة والقادة السياسيين العراقيين، والتي قد تصل إلى فرض عقوبات، ما قد يؤدي لامتناع طيف من الكتل الشيعية عن دعم القانون خوفًا من العقوبات الأمريكية.