اتحاد الفصائل المسلحة وتصعيد عملياتها ضد النظام يثبت فشل رهان طهران على المقاربة الأمنية في حل أزمات بلوشستان

الساعة : 11:40
19 ديسيمبر 2025
اتحاد الفصائل المسلحة وتصعيد عملياتها ضد النظام يثبت فشل رهان طهران على المقاربة الأمنية في حل أزمات بلوشستان

الحدث

أعلنت قاعدة القدس التابعة للقوات البرية بالحرس الثوري مقتل 3 عناصر أمن ومدني واحد خلال اشتباك عند مدخل مدينة فهرج على طريق فهرج–زاهدان بمحافظة سيستان بلوشستان، وقد أعلنت جماعة "أنصار الفرقان" مسؤوليتها عن الحادث الذي وقع بعد أسبوع من تعرض أربع سيارات للحرس الثوري في 10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري لهجوم أسفر عن مقتل 3 عناصر من بينهم قائد عمليات الحرس الثوري في في منطقة لار الحدودية بزاهدان، وتبنته "جبهة المقاتلين الشعبيين".

الرأي

تتصاعد الهجمات في بلوشستان عقب إعلان جيش العدل في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري اندماجه مع جماعات بلوشية، أبرزها "حركة بادا بلوش"، و"حركة نصر بلوشستان"، و"جماعة محمد رسول الله"، لتشكيل "جبهة المقاتلين الشعبيين". وقد دعت الجبهة في ميثاقها "عموم الشعب الإيراني لإسقاط نظام ولاية الفقيه"، موضحة أنها ستقوم بأنشطة سياسية وإعلامية ودبلوماسية بجوار العمليات العسكرية. وبذلك تنتقل الجماعات البلوشية المسلحة من العمل المتفرق إلى التنسيق وبناء أطر ذات خطاب سياسي وإعلامي ضمن مشروع يستهدف نزع الشرعية عن النظام، ويطرح نفسه كطليعة تعمل على تحريك موجات احتجاج.

ويحمل اختيار محيط زاهدان كنقطة انطلاق لأولى هجمات الجبهة الجديدة دلالة نظرًا لكون المدينة مركزًا للاحتجاجات البلوشية، ولارتباطها بحادث الجمعة الدامية في عام 2022 الذي أسفر عن مقتل 90 متظاهرا على يد قوات الأمن، فيما يبدو أن تبني جماعة "أنصار الفرقان" لهجوم "فهرج" يهدف لإثبات الوجود مقابل "جبهة المقاتلين الشعبيين".

وتُعدّ محافظة سيستان وبلوشستان من أكبر محافظات إيران مساحة، ويقطنها نحو 3.1 مليون نسمة، ثلثاهم من البلوش السُنّة. وهي المحافظة الأفقر في البلاد، حيث يعاني السكان من ضعف البنية التحتية ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية والتعليم. ورغم أن الرئيس مسعود بزشكيان عيّن في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أول حاكم بلوشي سني للمحافظة، إلا أن البلوش لا يزالون يشتكون من التمييز الحكومي ضدهم. وقد حاولت طهران تشجيع النمو الاقتصادي في بلوشستان من خلال تطوير ميناء تشابهار في إطار مبادرة ثلاثية تضم إيران والهند وأفغانستان، إلا أن نجاحها كان محدودًا بسبب العقوبات الدولية.

وتثبت هذه التطورات مجددا فشل رهان طهران على المقاربة الأمنية في بلوشستان في كسر دوامة العنف أو الحد من نفوذ الجماعات المسلحة التي تعتمد على امتداد بلوشي في باكستان وأفغانستان للتدرب بقواعد خلفية آمنة، والتسلل لتنفيذ هجمات ضد قوى الأمن والحرس الثوري ورموز الدولة. في المقابل، فإن تبني مقاربة شاملة تدمج الأمن بالتنمية والتمثيل السياسي، تتطلب الخروج من ضغط العقوبات القاسية التي تكبل الحكومة.