الحدث
وقّعت مؤسسة التضامن العسكري التركية “أوياك” اتفاقية تعاون استراتيجي مع وزارة الثروة السمكية والاقتصاد الأزرق الصومالية لتنظيم أنشطة الصيد البحري داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للصومال. وبموجب الاتفاقية، أُسندت مهمة إدارة تراخيص الصيد وتنظيم النشاط البحري إلى شركة “سوم تورك” التي أُنشئت حديثًا، لتتولى حصريًا إصدار التراخيص والإشراف على أنشطة الصيد في المياه الصومالية، ضمن إطار يهدف إلى الإدارة المركزية والاستغلال المستدام للموارد البحرية. وتفتح الاتفاقية المجال أمام قطاع الصيد التركي للوصول إلى واحد من أغنى المخزونات السمكية في العالم، في مقابل تعهد بإعادة ضبط قطاع ظل لعقود عرضة للاستنزاف والصيد غير المشروع.
الرأي
تشير مراسم التوقيع في أنقرة من طرف مؤسسة التضامن العسكري “أوياك” بحضور وزير الدفاع ورئيس هيئة أركان الجيش التركي، إلى أن الاتفاقية تحمل طابعًا عسكرياً وأمنيًا يتجاوز بعدها الاقتصادي المباشر ليرتبط بأمن البحار وحماية الموارد. فتنظيم تراخيص الصيد بصورة مركزية يعني عمليًا إنشاء آلية دائمة لرصد حركة السفن، والتحقق من هوياتها، ومراقبة نشاطها داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة بهدف الحد من نشاط الصيد غير المشروع، والتهريب، وهي تهديدات ذات طبيعة أمنية.
وتندرج الاتفاقية ضمن استراتيجية تكرس دور أنقرة كشريك شامل لمقديشو في التنمية وإدارة الموارد. فتركيا التي تدير قاعدة تدريب عسكري في مقديشو، وتشارك في تأمين المؤسسات الصومالية، انتقلت إلى توظيف حضورها الأمني لفتح مسارات اقتصادية طويلة الأمد، تتمثل في إدارة مطار مقديشو ومينائها، والتنقيب عن النفط والغاز أمام سواحل الصومال، وصولاً إلى الاتفاقية الأخيرة التي تمنح قطاع الصيد التركي متنفسًا جديدًا في ظل الضغوط المتزايدة على الموارد البحرية في البحر المتوسط وبحر إيجه.
من منظور الصومال، تستهدف الاتفاقية إعادة بسط السيطرة على ثروة بحرية ظلّت لعقود خارج قبضة الدولة، بسبب ضعف القدرات المؤسسية وانتشار الصيد غير القانوني من قبل أساطيل أجنبية. فالانتقال إلى نظام ترخيص مركزي تديره جهة واحدة قد يمنح الحكومة الصومالية أدوات أفضل لتنظيم القطاع، وتحقيق عوائد مالية، وهو ما يعزز قدرات الحكومة في دولة تطل على أحد أهم الممرات البحرية في العالم. ولا يكفي وضع نظام مركزي دون قدرة عسكرية وأمنية على مراقبة الالتزام به وردع تجاوزه، وهو الدور الذي ينتظر من البحرية التركية.
في المقابل، لا تخلو الاتفاقية من تحديات محتملة، فالأطراف المناهضة للحكومة الصومالية سترى أن الاتفاقية تكرس الاحتكار التركي للموارد الصومالية، كما أن أي إخفاق في إشراك المجتمعات الساحلية الصومالية في الاستفادة من الاتفاق أو تحسين ظروف الصيادين المحليين قد يحوّل الاتفاقية إلى مصدر توتر واحتكاك.