إعلان فصائل عراقية قبول "نزع السلاح" مناورة سياسية لاحتواء الضغوط الأمريكية

الساعة : 16:11
22 ديسيمبر 2025
إعلان فصائل عراقية قبول

الحدث

صدرت في غضون الأيام الأخيرة دعوات لحصر السلاح بيد الدولة من ثلاث شخصيات فصائلية عراقية معروفة ومدرجة ضمن لائحة العقوبات والإرهاب الأميركية، حيث قال أمين عام "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، (الذي بات له وجود وازن في البرلمان بنحو 27 مقعداً) : "نحن نؤمن بحصر السلاح بيد الدولة، وسنعمل على تحقيقه بخطوات واقعية"، وهو ما عبَّر عنه كذلك أمين عام "أنصار الله الأوفياء"، حيدر الغراوي، وقائد "كتائب الإمام عليّ" شبل الزيدي. وقد تزامنت هذه الخطابات مع دعوة رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، لضرورة نزع سلاح الفصائل واحتكار الدولة للسلاح. بموازاة ذلك، قال مسؤول عراقي إن "الإدارة الأميركية اشترطت نزع سلاح الفصائل وتفكيكها قبيل تشكيل الحكومة"، مضيفاً أن "مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي يقود الآن حراكا مع قادة الفصائل بخصوص نزع سلاحها". وبيّن المصدر أن هذا الحراك لقي استجابة من بعض الفصائل. لكن مازالت فصائل أخرى ترفض نزع سلاحها، من أبرزها حزب الله العراقي وحركة النجباء وكتائب سيد الشهداء.

الرأي

تأتي هذه التصريحات باعتبارها استجابة لضغوط أميركية ودولية متصاعدة، ومحاولة لإعادة التموضع سياسياً من قبل هذه الفصائل مع اقتراب استحقاقات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حيث تتزامن مع الاشتراطات الأميركية، وأيضاً مع قرب وصول المبعوث الأميركي مارك سافايا إلى العراق. وتسعى هذه الجماعات المسلحة إلى الانخراط بالحكومة الجديدة، ولا تريد التفريط بثقلها البرلماني الذي حققته بالانتخابات الأخيرة بحصولها على نحو 90 مقعدًا، إذا ما بقيت على تعنتها بالتعامل مع المطالب الأمريكية.

وعلى الرغم من أهمية هذه الدعوات، إلا أن جديتها مازالت محل شك؛ فليس من المتوقع أن تتخلى الفصائل الموالية لإيران عن سلاحها بالمعنى الذي تطلبه الولايات المتحدة، خاصة وأن إيران تعيد ترتيب نفوذها الإقليمي استعدادا لمواجهة جديدة محتملة مع "إسرائيل" و/أو الولايات المتحدة. وعلى غرار حزب الله وحماس، ليس من المرجح أن تنجح عملية نزع السلاح في أي وقت قريب، وستكون استراتيجية تلك الفصائل العراقية هي تجنب التصعيد، ومحاولة التكيف مع الضغوط، وربما قبول بعضها بإعادة التموضع ضمن تشكيلات حكومية رسمية تمنحها غطاءً قانونيا.

من جهة أخرى، فإن الوقت المتبقي لتشكيل الحكومة قد لا يسعف الفصائل لإيجاد صيغة ترضي الضغوط الأمريكية بخصوص سلاحها. ومن ثم؛ فإن هذه المعضلة قد ينتج عنها إما تراجع هذه الفصائل عن واجهة التشكيل الحكومي مع احتفاظها بنفوذها الخلفي، أو إطالة أمد تشكيل الحكومة بحثا عن توافق، وهو ما سيدخل البلاد في حالة من الجمود السياسي والمؤسسي لأشهر قادمة.