أحداث جنوبي اليمن مؤشر على تدهور الثقة بصورة غير مسبوقة بين الرياض وأبوظبي لكنهما ستحتويان أي تصعيد مباشر بينهما

الساعة : 16:05
31 ديسيمبر 2025
أحداث جنوبي اليمن مؤشر على تدهور الثقة بصورة غير مسبوقة بين الرياض وأبوظبي لكنهما ستحتويان أي تصعيد مباشر بينهما

الحدث

شهد اليمن تصعيداً سياسياً وعسكرياً خلال اليومين الماضيين، في المحافظات الشرقية بصورة خاصة، حيث ضغطت السعودية باتجاه انسحاب قوات المجلس الجنوبي الانتقالي من مواقع في محافظتي المهرة وحضرموت، وتسليمها لقوات درع الوطن، مع تحديد مهلة لذلك. بالتوازي، أعلن التحالف بقيادة السعودية تنفيذ ضربة على ميناء المكلا استهدفت شحنة أسلحة على متن سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة الإماراتي. عقب ذلك، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي حالة الطوارئ لمدة 90 يوما، وإلغاء الاتفاقية الدفاعية مع الإمارات، وطلب خروج القوات الإماراتية من اليمن خلال 24 ساعة، وهي خطوة دعمتها بيانات سعودية دعت الإمارات للاستجابة ووقف أي دعم عسكري ومالي لأي طرف يمني. وردت الإمارات برفض "الإدعاءات" حول دورها في اليمن، قبل أن تعلن وزارة الدفاع إنهاءً "طوعيا" لمهمة ما تبقى من قوات إماراتية في اليمن.

الرأي

تشير هذه التطورات إلى تدهور الثقة بين الرياض وأبوظبي بصورة غير مسبوقة منذ بدء الحرب في اليمن؛ وهي فيما يبدو ناتجة عن قراءة إماراتية غير دقيقة لطبيعة الحسابات السعودية الأمنية إزاء مستقبل اليمن. فقد مثلت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي المهرة وحضرموت إنذاراً نهائياً مفاده أن مشروع انفصال الجنوب بات في مراحلة الأخيرة، وأن الكيان الانفصالي سيكون أوسع من مجرد مسألة جنوبية بل بات مسيطراً على حدود البلاد الشرقية بالكامل وحوالي نصف الحدود الشمالي مع السعودية. وهو واقع يعيد تعريف البيئة الأمنية للسعودية التي قد تجد على حدودها الجنوبية دولتين، الأولى محل نفوذ إيراني والأخرى محل نفوذ إماراتي "إسرائيلي"، ما يعقد التهديدات الأمنية التي تواجهها المملكة جنوبا.

حتى الآن، لم يبدِ المجلس الانتقالي الجنوبي استعداده للانسحاب من المهرة وحضرموت، وهو ما يفتح الباب لتوقع مزيد من الضغط العسكري السعودي. كما أن استهداف السعودية للسفينتين في المكلا، يرسل إشارة حول استعداد المملكة لفرض حصار على إمدادات الانتقالي اللوجيستية لمزيد من الضغط عليه. وفي ظل قرارات مجلس القيادة الرئاسي، والتي تشمل إغلاق المعابر الحدودية التي سيطر عليها الانتقالي، فإن الضغوط المالية أيضاً من المرجح أن تكون ضمن أدوات السعودية لإجبار الانتقالي على الخروج من المحافظتين.

وعلى الرغم من انسحاب الإمارات، فإن أبوظبي لا يتوقع أن تتخلى عن نفوذها في الجنوب اليمني، وإن كانت ستعتمد بصورة أكبر على الوكلاء المحليين لمقاومة هيمنة السعودية على البلاد. وهذا الأمر قد يخلق مزيداً من التوترات الأمنية غير المباشرة بين الجانبين، لكن من المرجح أن تحتوي الرياض وأبوظبي أي تصعيد مباشر وتتجنبان تصعيد المواجهة الثنائية.