مساعي "الكاظمي" لاستثمار علاقاته الاقتصادية وخلاف شيعي متنامٍ إنتخابياً
سيكون العراق خلال العام الجاري 2021، أمام استحقاق انتخابي نيابي هو الأكثر إثارةً للجدل، بما يعوّل عليه من تأثير محتمل على مستقبل العملية السياسية، حيث سيحاول رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، الاستفادة من حالة الصراع التي بدأت تتنامى بين صفوف القوى الشيعية، وبخاصة ما بين التيار الصدري، وبنسبة ما "حشد النجف" ذو المرجعية التابعة لـ "علي السيستاني"، وبين الفصائل الولائية لـ "إيران". كما ستستمر حكومة "الكاظمي"، بمساعيها لتقليص نفوذ المليشيات بالرغم من عدم تحقيقها حتى الآن نتائج حاسمة بسبب سيطرة الفصائل على مفاصل مهمة في الدولة.
ورغم مواصلة "الكاظمي" محاولة تحقيق إنجاز اقتصادي من خلال المضي بالمشاريع العملاقة مع الحكومة التركية واستثمار مخرجات مؤتمر المانحين بالكويت، إضافة للنجاحات الأولية في علاقات العراق الاقتصادية مع السعودية، إلا أن ذلك لن يكون كافياً لتحقيق انتعاشة اقتصادية على المدى القريب، خاصة في حال حافظ النفط على أسعاره المنخفضة. والمفارقة أنه قد تعود التظاهرات الشعبية والحراك الجماهيري للتصاعد مرة أخرى، في وسط وجنوب العراق، لكن هذه المرة، يُرجّح أن يتخذ الحراك الشعبي من "السيستاني" وفصائل "حشد العتبات"، حامياً لتحركاتهم، وسيدعم "الكاظمي" هذه التوجهات لأنها ستكون ضد خصومه مما يصب في خدمته مستقبلًا.
استمرار حرب الوكالة بين واشنطن وطهران وسط ضعف في الحضور السني
لا تُبدي الأطراف العراقية، وبالذات المقربة من إيران، حماسة لمجيء الرئيس الأمريكي الجديد "بايدن"، وترى في عمومها بأنه لن يتخذ مواقف سياسة مغايرة بشكل جذري عن مواقف سلفه "ترامب"، ومع ذلك فإن العديد من القوى السياسية والفصائلية تعمل على إعادة تموضعها، واستغلال فترة الأشهر الأولى من ولاية "بايدن" للتعبير عن موقفها، سواءً تلك المتعلقة بتأكيد رفض تواجد القوات الأمريكية في العراق، أو المطالبة بالحقوق المتعلّقة بالمكوّنين الكردي والسني.
بموازاة ذلك، من غير المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة هدوءاً في العراق، وبالرغم من الانخفاض المحتمل لحدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة، إلا إن ذلك لا يعني أنهما سيمتنعان عن الصراع بالوكالة بينهما في الساحة العراقية، فإيران ليست على استعداد للتخلي عن العراق بعد، وكذلك الولايات المتحدة. وستكون عناوين مثل: العمليات الإرهابية، والضربات الصاروخية، والانقسام الشيعي، و"الكاظمي"، حاضرة في معارك الطرفين على النفوذ.
أما الأحزاب السنيَّة، فستبقى العنصر الأقل نشاطًا على الساحة السياسية العراقية، ويرجّح أن تبقى صراعاتها الداخلية مستمرة، فيما سيكون تفاعلها مع المتغيرات بسيطًا وغير مؤثر، ولا توجد في الأفق أحداثاً تنبئ بتغيّرات جذرية على الساحة السنية إلا إذا أسفرت المصالحة الخليجية، وكذلك المصالحة السعودية التركية، عن توحيد مواقف الخليج مع الموقف التركي في دعمها الأطراف السنية وباقي الأطراف غير الموالية لإيران. إلا أن هذا الاحتمال الأخير يبقى غير مؤكد، لا سيما في ظل وجود تنافس تركي خليجي على العراق اقتصاديًا حتى وقتنا الحالي.