آمال ضعيفة في تحقيق اختراقات جذرية قريبة في مشهد الصراع الليبي
شكّل انسحاب قوات الجنرال "حفتر" من تخوم العاصمة الليبية طرابلس في العام 2020 أحد أبرز الأحداث التي أحدثت تغييرات شاملة بالمشهد الليبي على الصعيدين السياسي والميداني، وأطلقت مفاوضات البعثة الأممية راعية الحوار بين الأقاليم التاريخية الثلاثة في (برقة، طرابلس، فزان). وعلى الرغم من ذلك، فإنه من غير المتوقع أن يحمل الربع القادم اختراقات جذرية في المسار التفاوضي بين الأطراف السياسية المتحاربة، مدفوعة بالمصالح المتضاربة بين الجهات الخارجية المتصارعة في المشهد الليبي، خصوصًا مع تفاقم مسألة "شرق المتوسط".
وعليه، ستبقى الآمال منخفضة في أن ينتج عن المسار الأممي تغييراً سياسياً مؤثراً في المشهد أو تغييراً لهيكلة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، في حين سيكون إجراء الانتخابات في الـ24 من كانون الأول/ديسمبر 2021، كما تسعى لذلك البعثة الأممية، بمثابة تحجيم لنفوذ الفاعلين السياسيين في المشهد الحالي، ومحاولة بداية جديدة، مما سيجعلها محفوفة بالصعوبات والعوائق أحياناً، كما أن إجراء انتخابات في المنطقة الخاضعة لسيطرة "حفتر" هو أمر مشكوك في إمكانية حدوثه.
وبالنظر إلى الاتفاق المبدئي في "بوزنيقة"، والذي شمل ترتيب مسألة المناصب السيادية وتوزيعها على أساس المحاصصة الجهوية بين الاقاليم الثلاث التاريخية، لا يمكن الجزم بأن هذا يعد حلاً ناجعاً في معالجة المركزية الإدارية المستشرية في العاصمة طرابلس، خصوصاً أن الحديث كان على تسمية من يشغل هذه المناصب وهو ما يدلل على أنه منطلق من بعد الأزمة الراهنة بين حفتر وحكومة الوفاق ولا حديث مباشر عن انتقال هذه المؤسسات من مصرف مركزي ومؤسسة النفط وديوان المحاسبة إلى الجهات المسمى منها شاغلوها. وبالرغم من إعلان "بوزنيقة"، فقد أعلن حرس المنشآت النفطية عن إيقاف تصدير النفط من ميناء الحريقة، بحجة أن الاتفاق بين الأطراف على إعادة تصدير النفط لم يتم الالتزام به من قبل حكومة الوفاق.
وتأتي المسألة المركزية في حوارات لجنة ال5+5، والتي اتفقت على خروج المرتزقة في ظرف 90 يوم، قد انقضت ولم ينسحب مرتزقة الفاغنر حتى اللحظة من غير تعليق من البعثة الراعية لهذا الاتفاق.
موقف أمريكي صارم من التواجد الروسي وداعم للمؤسسات الدولية والشراكة الأوروبية
ستلقي سياسة "بايدن" الخارجية بظلالها على المعضلة الليبية، خصوصًا وأن المشكلة الليبية تجاوزت كونها بعدًا محليًا صرفًا. وبالحديث عن رغبة "الديمقراطيين" التعبير عن الحالة المؤسسية والريادية الأمريكية، فإن الموقف من روسيا وتمددها في الشرق الأوسط سيكون أكثر حضوراً في الموقف الرسمي الأمريكي باعتباره تهديداً لأمن الطاقة العالمي، وقد يشكّل فرض عقوبات، شملت رئيس شركة "فاغنر" بالأسابيع القليلة الماضية، مؤشرًا قد يتطور ليصبح توجهًا للإدارة الأمريكية الجديدة.
ومع اختيار "أنتوني بلينكلن" وزيراً للدبلوماسية الأمريكية، فإن التوقعات تشير إلى مسار جديد يعيد إحياء الشراكة الأمريكية الأوروبية ودعم المؤسسات الدولية، بما فيها حلف "الناتو". ويرجّح أن تسعى الولايات المتحدة لتوحيد الرأي الأوروبي تجاه ليبيا، وبخاصة في تقريب وجهات النظر بين إيطاليا وفرنسا، وستجعل محدداتها الأساسية في التعامل مع المسألة الليبية، الاستقرار السياسي ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إضافة للاعتراف بما تقره البعثة الأممية من مخرجات.