الحدث:
اعتقلت الأجهزة الأمنية الأردنية على مدار الأيام الماضية عشرات المعلمين والمعلمات، للحيلولة دون مشاركتهم في اعتصام دعت إليه نقابة المعلمين أمام وزارة التربية والتعليم في العاصمة عمّان في الـ29 من آذار/ مارس الماضي. فمن جانبهم، يرفض المعلمون تجميد الاتفاقية الموقعة بين الحكومة ونقابتهم عام 2019، والتي حصلوا من خلالها على امتيازات، كما يحتجون على ما أسموه "محاربة المعلمين بأرزاقهم"، من خلال إيعاز المخابرات للجهات الحكومية بتنفيذ أوامر بإحالات إلى التقاعد والنقل التعسفي لعشرات المعلمين. في هذا الإطار، سجلت نقابة المعلمين ومؤسسات حقوقية اعتقال وتوقيف أكثر من 100 معلم ومعلمة، بينهم نجل نقيب المعلمين، فيما جرى مداهمة بيوت بعضهم ومصادرة هواتفهم. من جهتها، نصبت الأجهزة الأمنية حواجز على شوارع رئيسية بين المحافظات، لمنع المعلمين من الوصول إلى عمّان، وقامت بإيقاف المركبات والتدقيق الأمني على هويات الركاب.
الرأي:
تأتي حملة اعتقال المعلمين ضمن نهج متصاعد لاستخدام الإجراءات الأمنية من قبل السلطات الأردنية في وجه معارضي سياساتها، سعيًا منها لضبط الحالة الداخلية المتأزمة سياسيًا واقتصاديًا خشية الانفلات. فقد طالت الاعتقالات حراكيين وحزبيين ونقابيين ونوابًا سابقين، ممن كانوا بصدد إقامة تجمع سلمي أمام الديوان الملكي للاحتجاج على التعديلات الدستورية واسترجاع أموال الدولة.
ويبدو أن صانع القرار اتخذ قرارًا باعتماد سياسة القبضة الأمنية وإشاعة حالة من التخويف، لمواجهة الكيانات المعارضة، متنكرّا لشهور من دعمه للجنة الإصلاح الملكية التي حملت مضامين تتحدث عن الحريات والحكومات الحزبية، وإشاعة حالة من الانفتاح والتي باتت مغيبة وغير مدرجة ضمن أولويات الدولة ومؤسساتها.
وتتزامن هذه السياسة الأمنية الآخذة في الاتساع داخليًا مع هواجس وتحركات سياسية ماراثونية، بين عمّان وتل أبيب ورام الله حملت عناوين أمنية بامتياز، مرتبطة بمخاوف حقيقية من تصعيد مرتقب في القدس المحتلة والضفة الغربية مع دخول شهر رمضان، وخشية صانع القرار من انعكاسات وارتدادات غير محسوبة لأي تصعيد هناك على الجبهة الداخلية، القابلة للاشتعال في أي لحظة.