الحدث:
دفعت الخشية الأردنية من تدهور الأوضاع في القدس المحتلة، وما يلازمها من تفاعلات وانعكاسات أمنية سريعة مشابهة داخل أراضي المملكة، إلى اتخاذ مجموعة من القرارات الأمنية، كان من أبرزها منع الاعتكاف داخل المسجد الأقصى المبارك إلا في العشر الأواخر من رمضان، إلى جانب قطع الكهرباء وإغلاق أبواب مساجد بالمملكة بعد صلاة الفجر (تم التراجع عنه بضغط شعبي)، لمنع دعوات لإقامة صلوات الفجر العظيم تضامنًا مع الأقصى. وبرّر وزير الأوقاف الأردني، محمد الخلايلة، قرار منع الاعتكاف في المسجد الأقصى بحجة أن الاعتكاف في الأقصى منذ عام 1967 لم يكن سوى في العشر الأواخر من رمضان، نافيًا وجود أي بُعد سياسي لعدم فتح المسجد للاعتكاف.
الرأي:
يأتي سلوك الدولة بالأردن حيال تقييد الاعتكاف ومنع المرابطين من التواجد في المسجد الأقصى الواقع تحت الوصاية الأردنية، وكذا التضييق على أنشطة الأردنيين داخل المملكة، تلبيةً لتفاهمات أمنية عالية المستوى تمت قبيل شهر رمضان المبارك، خلال زيارات رفيعة المستوى من قبل قادة الاحتلال إلى الملك "عبد الله" شخصيًا، بدءًا برئيس دولة الاحتلال ومرورًا بوزراء الدفاع والأمن الداخلي والخارجية، أسفرت كلها عن وضع خطة أمنية لضبط الأمور وتجنب التصعيد في القدس.
لكن على مدار الأيام الماضية، تحدى الفلسطينيون في القدس قرار منع الاعتكاف قبل العشر الأواخر، حيث اعتبروا أن الامتثال له يخدم دعوات المتطرفين اليهود لتقديم قربان الفصح في المسجد الأقصى، ويترك الأقصى دون حماية.
ويخشى صانع القرار الأردني من تدهور الوضع الأمني في الأقصى، وانتقاله إلى داخل مدن المملكة التي شهدت خلال رمضان الماضي تظاهرات وتفاعلًا شعبيًا واسعًا، ما شكّل عبئًا أمنيًا وسياسيًا كبيرًا على الدولة. كما تخشى أجهزة الأمن الأردنية من انفلات عقال السيطرة على الشارع الأردني، وتحول تظاهرات وفعاليات التضامن مع فلسطين إلى موجات رفض واحتجاج على سياسات الدولة، وفشلها في معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية المتفاقمة.