الحدث:
أعلن التلفزيون الإيراني في الـ22 من أيلول/ سبتمبر الجاري مقتل 17 شخصًا من المشاركين في الاحتجاجات الأخيرة، التي اندلعت عقب وفاة الشابة الإيرانية، مهسا أميني، إثر توقيفها على يد عناصر من شرطة الأخلاق بحجة عدم ارتدائها حجاب لائق. وبحسب الإعلان الرسمي، فإن من بين القتلى خمسة من قوات الباسيج والشرطة والجيش قُتلوا في كردستان ومشهد وقزوين وشيراز وتبريز.
الرأي:
لقد امتدت المظاهرات إلى عشرات المدن الإيرانية بما فيها العاصمة طهران، خصوصًا الجامعات حيث اندلعت اشتباكات بين المحتجين وعناصر الأمن أسفرت عن سقوط قتلى واعتقال المئات، فيما تشير محصلة الاحتجاجات إلى حالة احتقان وسط الشباب الإيراني تجاه ممارسات الأجهزة الأمنية الإيرانية.
ومقابل الاحتجاجات، تظاهر أنصار النظام الحاكم تأييدًا له في العديد من المدن الإيرانية، فيما أصدر الحرس الثوري بيانًا أعلن خلاله تعاطفه مع أسرة الشابة "مهسا" كما طالب القضاء بالتعامل بحزم مع مثيري الشغب حسب وصفه. وضمن محاولات احتواء المظاهرات، قرر "مجلس أمن البلاد" التابع لمجلس الأمن القومي تقييد الوصول إلى تطبيقي "إنستجرام" و"واتس آب"، فيما كشف وزير الاتصالات، عيسى زارع بور، عن احتمال تعطيل الوصول إلى شبكة الإنترنت، وهو ما يعيد للذاكرة قطعها لمدة أسبوعين خلال احتجاجات عام 2019.
من جهتها، حرصت واشنطن على توظيف المظاهرات للتحريض ضد النظام الإيراني؛ حيث فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ستة من كبار ضباط شرطة الأخلاق المسؤولة عن اعتقال "مهسا"، ومسؤولين أمنيين وعسكريين بحجة تورطهم في قمع الاحتجاجات، فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاك سوليفان، إن واشنطن ستواصل دعمها لحق الإيرانيين في الاحتجاج الحر. كما يحاول الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، الدخول على خط دعم التظاهرات؛ حيث عرض توصيل الإنترنت إلى إيران عبر الأقمار الصناعية "ستار لينك" بشرط إعفائه من العقوبات المفروضة على إيران.
من جهة أخرى، تكمن خطورة الاحتجاجات الحالية في تزامنها مع تردي الأوضاع الاقتصادية، عقب رفع الدعم عن المواد الغذائية وزيادة التضخم ضمن انعكاسات الحرب في أوكرانيا واستمرار العقوبات الأمريكية، في ظل عدم التوصل لاتفاق نووي. ورغم أن حجم ونطاق المظاهرات مازال أقل مما حدث في احتجاجات 2009 و2018، لكنه يسجل منحنىً تصاعديًا، ومن ثم فإن احتمال تواصلها لا يبدو مستبعدًا.
لذلك، يميل الخطاب الرسمي لاحتواء غضب الرأي العام وإظهار التعاطف مع أسرة "أميني"، كما لم يستخدم النظام حتى الآن كافة الأدوات التي أعتاد استخدامها في مواجهة التظاهرات، مثل الحشود الكبيرة من الباسيج والحرس الثوري أو التوسع في استخدام القوة المميتة، وهي خطوات يُتوقع أن يلجأ إليها في حال توسع نطاق الاحتجاجات.