الحدث:
بدأ طرفا الحرب الأهلية في اليمن إطلاق سراح ما يقرب من 900 أسير حرب، في الـ14 من نيسان/ أبريل الجاري، وستجتمع الأطراف المتحاربة في أيار/ مايو لمناقشة شريحة أخرى محتملة من السجناء سيتم إطلاق سراحهم. وفي اليوم نفسه، اختُتمت محادثات السلام الرسمية المباشرة بين الحوثيين والسعودية في صنعاء بوساطة عمانية؛ حيث غادر الوفد السعودي صنعاء مساء الخميس، فيما قال رئيس اللجنة الثورية العليا للحوثيين، محمد علي الحوثي، إن أجواء محادثات السلام كانت إيجابية، وأضاف: "اتفقنا على الاستمرار في أجواء التهدئة القائمة المنسحبة مع الهدنة وإبقاء التواصل قائمًا". أما "المجلس الانتقالي الجنوبي"، فقد أعلن رسميًا ردًا على المفاوضات السعودية الحوثين أن "الجنوب لا يسعى للانفصال، بل لاستعادة دولته كاملة السيادة، وهو هدف استراتيجي ولن يتراجع عنه تحت أي ظرف". وشدد "الانتقالي" على أن "حل الدولتين (جنوبية وشمالية) هو الطريق الوحيد للحل الشامل وتحقيق السلام والأمن والاستقرار الدائم في المنطقة".
الرأي:
تعكس عملية تبادل الأسرى الكبيرة هذه جدية السعودية والحوثيين إزاء مساعي التوصل لتهدئة طويلة تمهد لاتفاق سلام شامل، رغم عدم صدور إعلان رسمي عقب جولة المفوضات في صنعاء، والتي ناقشت خطة سعودية لتجديد الهدنة، ثم فترة انتقالية مدتها سنتان.
ورغم أن هذه التطورات هي المحاولة الأكثر جدية لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن منذ تسع سنوات، إلا أن هناك مخاوف من عدم مشاركة القوى المكونة للحكومة الشرعية في عملية التفاوض؛ حيث فُرض الاتفاق على جميع الأطراف دون الأخذ في الاعتبار التحديات السياسية والأمنية التي يواجهها اليمن. وفي هذا الإطار، فمن المتوقع أن يواجه أي اتفاق بين السعودية والحوثيين تحديات عديدة خلال الأشهر القادمة، والتي من أبرزها ضمان التزام كافة الأطراف به، خاصةً إذا رأت بعض الجماعات والأطراف المتنازعة أنه يستهدف إرضاء الحوثيين ويهمل تضحيات الشرعية والجيش الوطني والأحزاب الوطنية.
في هذا السياق، يظهر موقف "المجلس الانتقالي الجنوبي" أن الطريق نحو سلام شامل في اليمن مازال طويلًا ومعقدًا، نظرًا للتباين الحاد داخل مكونات معسكر الشرعية نفسه؛ حيث سيعاد رسم خريطة الاصطفاف داخل مكونات الشرعية بين المتمسكين بوحدة اليمن ودعاة الانفصال. كما يشير موقف "الانتقالي" إلى أن السعودية لا يمكنها تحقيق سلام حقيقي وإنهاء الحرب في اليمن، دون أن تصبح المكونات اليمنية نفسها شريكة في مباحثات السلام، وإلا فإن هذه المكونات يمكنها تقويض أي مسار تسوية أو تعطيله على الأقل.