الحدث:
قُتل ضابط كبير وثلاثة أفراد من الشرطة التابعين لقوات العمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزي، في اشتباك مسلح غامض وقع بمقر الأمن الوطني في العريش وفي محيطه. كما أصيب في الهجوم ما لا يقل عن 21 شخصًا من أفراد القوات الخاصة والأمن والوطني، بعضهم بطلقات نارية وآخرون نتيجة صعوبات في التنفس جراء إطلاق الغاز المسيل للدموع داخل المنشأة. وأظهرت قائمة المصابين التي اطلعت عليها وكالة "أسوشييتد برس" أن بين الجرحى ثمانية ضباط برتب مختلفة.
وذكرت مصادر محلية أن أصوات إطلاق رصاص غزير سُمعت منذ الساعة السابعة صباحًا، واستمرت حتى الثالثة مساءً، تزامنًا مع انقطاع جميع شبكات الاتصال وخدمات الإنترنت في المدينة. وشوهد أفراد أمن يعتلون سطح مقر الأمن الوطني ويطلقون الرصاص في اتجاهات مختلفة، وذلك قبل اندلاع حريق كبير في الدور الأخير بالمقر قرب الساعة الواحدة والنصف، مع استمرار سماع أصوات طلقات نارية، قبل أن تحضر سيارات الإطفاء. وأغلقت قوات الأمن مقر مديرية أمن شمال سيناء، ومنعت خروج أو دخول أي شخص منها بالنسبة للموظفين المدنيين.
الرأي:
رغم مرور أكثر من 48 ساعة على الاشتباكات، لم يصدر عن وزارة الداخلية أو أي جهة رسمية أي توضيح بخصوص الحادث، وهو الأمر الذي يعكس خطورته نظرًا للعدد الكبير من الضحايا، كما يزيد الأمر غموضًا ويفتح المجال لتكهنات عدة حول الجهة المسؤولة عنه. وتنحصر الاحتمالات الممكنة والمقبولة، حتى الآن، إما في حدوث هجوم واسع على المنطقة من قبل عناصر تنظيم "ولاية سيناء" (فرع داعش)، أو تمكن بعض المحتجزين داخل المقر من السيطرة على قطع أسلحة ومباغتة العاملين وأفراد الأمن من الداخل؛ بصورة عامة لا يمكن تأكيد أي من الاحتمالين حتى الآن.
جدير بالذكر أن كلًا من مقر الأمن الوطني ومديرية أمن شمال سيناء وديوان عام المحافظة ومكتب المخابرات العامة ومحكمة شمال سيناء، كلها تقع داخل مربع أمني شديد التحصين في منطقة ضاحية السلام شرق العريش، ولا يسمح بدخول المنطقة إلا للعاملين في تلك المقرات، أو المواطنين بعد إظهار البطاقات الشخصية والكشف عليها جنائيًا أو لدى الأمن الوطني في أوقات كثيرة.
ومن ثمّ وفي حالة تنفيذ الهجوم من الخارج، فإن اختراق هذا المربع الأمني يمثل إخفاقًا كبيرًا، ويرسل رسالة فجة حول هشاشة الوضع الأمني في المحافظة رغم الدعاية الحكومية خلال الأسابيع الماضية حول إعلان المحافظة خالية من الإرهاب. صحيح أن الحملة الأمنية الواسعة التي أطلقها الجيش وقوات الشرطة في شباط/ فبراير 2018 أضعفت تنظيم "ولاية سيناء" بصورة كبيرة، لكنّ التنظيم مع هذا أظهر مؤخرًا قدرته على شن هجمات في مناطق جديدة، بما فيها قرب المجرى الملاحي لقناة السويس. ومن المحتمل أن ينتج عن هذا السيناريو، إن صح، عملية أمنية انتقامية ضد خلايا التنظيم.
وفي حال افتراض سيناريو الهجوم من الداخل، فمن المرجح أن تُجري الأجهزة الأمنية في عموم البلاد مراجعة لإجراءات تأمين الأسلحة، ومراقبة المحتجزين داخل المقار الشرطية ومقار الأمن الوطني، وهو ما قد ينتج عنه مزيد من التشدد فيما يتعلق بظروف الاحتجاز التي تواجَه أصلًا بانتقادات حقوقية متواصلة.