محاولة لتجنب الحلول الأمنية في معالجة الحادثة

وفاة الشابة "أرميتا غراوند" في إيران وسط اتهامات لشرطة الأخلاق

الساعة : 15:45
30 أكتوبر 2023
وفاة الشابة

الحدث:

توفيت في الـ28 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري الفتاة الإيرانية، أرميتا غراوند؛ حيث سبق أن أفادت صحيفة "الجارديان" البريطانية نقلا عن شاهد عيان في طهران بأن شرطية من أفراد شرطة الأخلاق تشاجرت مع الفتاة أثناء دخولها محطة مترو الأنفاق "شهداء" لعدم تغطية شعرها ثم دفعتها بقوة، ما أدى إلى سقوطها وارتطام رأسها بالأرض ودخولها في غيبوبة، وجرى نقلها للعناية المركزية في مستشفى فجر العسكري التابع للقوات الجوية في طهران.

الرأي:

تتشابه حادثة "أرميتا غراوند" مع حادثة وفاة الشابة "مهسا أميني" في أيلول/ سبتمبر 2022، والتي أدت إلى اندلاع احتجاجات واسعة وعنيفة في إيران أسفرت عن مقتل المئات، فضلًا عن تجميد عمل دوريات شرطة الأخلاق بقرار من المجلس الأعلى للثورة الثقافية، بهدف امتصاص حالة السخط وسط الشباب والنساء. وقد تراجعت السلطات الإيرانية عن هذا القرار لاحقًا في نيسان/ أبريل 2023؛ حيث أعلنت آنذاك تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد النساء غير الملتزمات بالحجاب، مع توجيه رسائل نصية تحذيرية من العواقب للمخالفات بدايةً من الـ15 من الشهر ذاته، وإحالتهن إلى القضاء في حال تكرار المخالفة، ضمن إجراءات أشارت إلى توجّه السلطات لعدم التراجع في ملف الحجاب الإلزامي بعد امتصاص زخم المظاهرات.

بدورها، حرصت الجهات الأمنية على لململة واقعة "أرميتا" سريعًا، وتجنب تحولها إلى قضية رأي عام، فنقلتها إلى مستشفى عسكري لإنقاذ حياتها قدر الإمكان، ومنعت تصويرها لمنع تكرار حالة الغضب التي أعقبت نشر صور "مهسا أميني" أثناء فترة الغيبوبة بالمستشفى قبل وفاتها، كما احتجزت أجهزة الأمن لعدة ساعات مراسلة صحيفة "شرق"، مريم لطفي، أثناء إجرائها مقابلة مع والدة "أرميتا"، فيما قدم الرئيس التنفيذي لمترو طهران، مسعود درستي، تبريرًا للواقعة قائلًا: "لقد أغمي على الفتاة إثر انخفاض في ضغط الدم، ولم تتعرض لأي اعتداء من الشرطة"، ثم توفيت أرميتا بعد 28 يوما من إصابتها.

إن ملف الحجاب الإلزامي من الملفات المتفجرة في الداخل الإيراني؛ حيث يعكس صراعًا على هوية المجتمع بين السلطات ذات المرجعية الدينية، والشباب والشابات المتأثرين بالثقافة الغربية، وهو ما حوّل حادثة "مهسا" إلى أيقونة تجسد اضطهاد النظام للنساء من وجهة نظر خصومه. وإن علاج قضية الحجاب من المنظور الأمني فقط لن يؤدي إلى حل الأزمة بقدر ما سيؤدي إلى تكرارها واتساعها؛ فالبعد الديني والاجتماعي هما الأساس، كما إن توافر مناخ من الحرية السياسية سيحول دون تحول الحجاب إلى قضية سياسية بالدرجة الأولى.