الحدث:
اعتمد البرلمان الإيراني في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري اتفاقية للتعاون بين إيران وروسيا في مجال أمن المعلومات، تشمل مكافحة التهديدات السيبرانية والمعلومات الضارة، وأُقر الاتفاق بأغلبية 180 صوتًا مقابل 27 صوتًا وامتناع عشرة أعضاء عن التصويت.
الرأي:
تعود جذور اتفاقية التعاون المذكورة إلى عام 2020؛ حيث وقعها آنذاك وزيرا الخارجية، جواد ظريف وسيرغي لافروف، ثم أحيلت إلى لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني لمناقشتها واستكمال الإجراءات البيروقراطية لاعتمادها، وهو ما استغرق نحو ثلاث سنوات. وتمثل الاتفاقية أحدث حلقات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، والذي بلغ ذروته بتقديم إيران طائرات مسيّرة مصنعة محليًا إلى روسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا. بالمقابل، وبحسب تصريحات نائب وزير الدفاع الإيراني، مهدي فرحي، تنتظر طهران استلام طائرات مقاتلة روسية من طراز "سوخوي-35" للمرة الأولى، إضافةً لمروحيات هجومية من طراز "ميل-28" وطائرات تدريب من طراز "ياك-130"، وهو ما سيمثل إضافة لسلاح الجو الإيراني الذي يعتمد على طائرات أمريكية عتيقة من طراز "إف-5" و"إف-14" اشتراها في عهد الشاه، ولا تتوافر لها قطع غيار في ظل العقوبات الأمريكية، وهو ما يؤدي لتكرار حوادث سقوطها.
في السياق ذاته، تساهم الاتفاقية في تطوير الإطار المؤسسي للتعاون بين البلدين في مجالات محددة، بدلًا من الاعتماد على التعاون الآني الذي يخضع لاعتبارات ظرفية مؤقتة. ويمثل المجال السيبراني أولوية لطهران في ظل تعرضها لحوادث متعددة؛ بدايةً من استهداف الولايات المتحدة و"إسرائيل" لأجهزة الطرد المركزي في البرنامج النووي الإيراني ببرمجيات ستوكسنت المضرة، وانتهاءً بعمليات الاختراق السيبراني المتكررة التي تقوم بها جماعة "مجاهدي خلق" الإيرانية ومجموعات هاكرز تابعة لجهات "إسرائيلية" لمواقع إيرانية رسمية، فضلًا عن تعطيل أنظمة مطار طهران. لذلك لجأت طهرات إلى موسكو للاستفادة بخبراتها في المجال السيبراني، فقامت بشراء برمجيات متقدمة للتجسس الإلكتروني والمراقبة الرقمية، وبرامج تتيح مراقبة الاتصالات الهاتفية وتحديد أماكن وهوية المتحدثين.
من جانبه، استنكر رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال الشهر الجاري زيادة وتيرة التعاون الروسي الإيراني في المجالات العسكرية والأمنية، وهو ما يمثل أحد ملفات التوتر في العلاقات الروسية "الإسرائيلية". هذا، بينما تدفع طهران لتعميق التعاون الثنائي في ظل اشتراكها مع موسكو في السعي لبناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، بدلًا من النظام الحالي الذي تسيطر عليه واشنطن وتوظفه لخدمة مصالحها. ويتوقع أن يزداد التعاون الروسي الإيراني خلال الفترة القادمة مع السعي لمأسسته بشكل أكبر في ظل تعرض البلدين لتهديدات مشتركة، خصوصًا من طرف الولايات المتحدة.