نكايةً بإيران وانتقامًا لقتلى "طوفان الأقصى"

تفجير كرمان.. ضربٌ للعمق الإيراني ودلالة على أن المنطقة تقف على حافة التصعيد

الساعة : 12:15
4 يناير 2024
تفجير كرمان.. ضربٌ للعمق الإيراني ودلالة على أن المنطقة تقف على حافة التصعيد

الحدث:

أعلن وزير الصحة الإيراني، مساء الثالث من كانون الثاني/ يناير الجاري، أن العدد الدقيق لضحايا تفجير مدينة كرمان بلغ 95 شخصًا، فضلًا عن نحو 150 مصابًا كثير منهم بحالات حرجة. وفي التفاصيل، جرى تفجير عبوتين ناسفتين وسط المحتفلين بذكرى اغتيال قائد فيلق القدس السابق، اللواء قاسم سليماني، قرب ضريحه في مقبرة "روضة الشهداء" بمدينة كرمان.

الرأي:

حمل الهجوم المزدوج بمدينة كرمان دلالة رمزية من جهة الزمان والمكان؛ حيث نُفذ في الذكرى الرابعة لاغتيال "سليماني" وبالقرب من ضريحه، وأوقع عددًا كبيرًا من الضحايا ليصبح بمثابة الاغتيال الثاني لـ"سليماني" بعد موته. وتشير ضخامة عدد الضحايا وقوة الانفجارين إلى أن الهدف هو النكاية بالشعب الإيراني وإيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين، وهو ما قد يحمل بصمات "إسرائيلية" حتى لو كان التنفيذ بيد جماعات محلية مدعومة من الخارج، وذلك انتقامًا للعدد الكبير من القتلى "الإسرائيليين" في معركة "طوفان الأقصى"؛ حيث تتهم تل أبيب طهران بدعم المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح والخبرات التي مكّنتها من شن هذا الهجوم.

كما يأتي هجوم كرمان عقب سلسلة هجمات مباغتة شنتها "إسرائيل" خلال أسبوع؛ بدأت باغتيال القيادي البارز في فيلق القدس بسوريا ومسؤول دعم محور المقاومة، العميد رضي موسوي، مرورًا بتعطيل محطات الوقود في طهران في هجوم سيبراني واسع، ثم وصولًا إلى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، صالح العاروري، مع ستة من قيادات وكوادر "كتائب القسام" في الضاحية الجنوبية ببيروت. ولا شك أن هذا يضع طهران في معضلة للبحث عن رد مناسب لا يخرق "صبرها الاستراتيجي"، وفي الوقت ذاته يحفظ لها ماء الوجه أمام شعبها وحلفائها، ولردع "إسرائيل" عن مواصلة ضرباتها.

بدوره، يتحسس "نتنياهو" المأزوم في غزة مستقبله السياسي، ويبحث عن صورة نصر يعوض نكسته صبيحة "طوفان الأقصى"، ويراهن على أن طهران الحريصة على تجنب حرب إقليمية قد تبتلع ضرباته دون رد كبير، وفي حال حدوث رد واسع فإن هذا سيخدم أجندته الحريصة على توريط واشنطن في معركة مع طهران.

بصورة أوسع، فإن التسريبات عن ضربات أمريكية بريطانية وشيكة للحوثيين في اليمن، واغتيال شخصية قيادية بوزن "العاروري" في لبنان بعد اغتيال "موسوي" في دمشق ثم تفجيرات كرمان، كل ذلك يشير إلى أن المنطقة مازالت تقف على حافة التصعيد. فطهران قد تزيد من وتيرة هجمات الجماعات التابعة لها ضد الأهداف "الإسرائيلية" والقواعد الأمريكية بالمنطقة، وربما تلجأ لضربات في الحيز الرمادي ضد أهداف أمريكية في الخليج دون تبنٍّ رسمي، وربما يصل الوضع إلى شن هجمات في مناطق بعيدة يمكن التنصل منها، كالتي شهدتها الأرجنتين في تسعينات القرن العشرين ضد السفارة "الإسرائيلية" ومركز ثقافي يهودي في بيونس آيرس.