استعداد إيراني لإشعال كل الجبهات

الشكوك حول أهداف القصف الإيراني على أربيل لا تقلل من أهمية رسائله

الساعة : 15:45
17 يناير 2024
الشكوك حول أهداف القصف الإيراني على أربيل لا تقلل من أهمية رسائله

الحدث:

أعلن الحرس الثوري الإيراني شن هجوم استهدف ودمر ما وصفه بـ"أحد المقرات الرئيسية للموساد الصهيوني في إقليم كردستان العراق" في مدينة أربيل. ووقفًا لبيان الحرس الثوري، فإن القصف جاء "ردًا على الأعمال الشريرة الأخيرة للكيان الصهيوني والتي أدت إلى استشهاد قادة من الحرس الثوري ومحور المقاومة". بالمقابل، قالت مصادر أمنية وطبية عراقية إن من بين القتلى رجل الأعمال الكردي، بيشرو دزيي، المقرب من عشيرة "برزاني"، وعدد من أفراد أسرته؛ عندما سقط صاروخ واحد على الأقل على منزلهم.

كما قالت مصادر أمنية عراقية إن صاروخًا سقط على منزل مسؤول كبير في المخابرات الكردية وآخر استهدف مركز مخابرات كردي. من جانبها، نددت الخارجية الأمريكية بالهجمات ووصفتها بأنها متهورة وتقوض استقرار العراق، فيما اعتبرتها الحكومة العراقية "عدوانًا" على سيادة البلاد، وقالت إنها "ستتخذ كافة الإجراءات القانونية، منها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي". تزامنًا مع تلك الهجمات، شن الحرس هجمات صاروخية أيضًا على أهداف "إرهابية" في سوريا، ردًا على تفجيرين انتحاريين وقعا جنوب إيران وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنهما، وفق الإعلام الرسمي الإيراني.

الرأي:

لا شك أن تصوير إيران لتلك الأهداف باعتبارها "مقرات تجسس للموساد" ينطوي على مبالغة واضحة، حتى إن مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، وهو محسوب على إيران، وصف تلك الادعاءات بأنها "لا أساس لها من الصحة". ومع هذا، فإن ذلك لا ينفي أن العلاقة بين الأشخاص والمقر الاستخباري المستهدف وبين "الموساد" تظل محتملة؛ فرجل الأعمال القتيل مرتبط بتصدير النفط إلى "إسرائيل"، كما إن العلاقات الأمنية بين "الموساد" ومخابرات كردستان معروفة. لذلك، فإن النفي العراقي الرسمي لكون تلك المقرات تابعة لـ"الموساد"، وهو صحيح كونه مقرًا للمخابرات الكردية، قد لا ينفي وجود تعاون قائم من خلاله مع "الموساد".

بصورة عامة، يأتي القصف الإيراني في سياق الرد على الاغتيالات "الإسرائيلية" مؤخرًا، لكن دون أن يتسبب هذا الرد في فعل انتقامي ضدها من الولايات المتحدة أو "إسرائيل". ورغم بيانات الإدانة التي أصدرتها دول غربية عديدة، فمن غير المتوقع أن تتخذ إجراءات عقابية ضد إيران ردًا على تلك. أما من الجانب العراقي، فلا يُتوقع كذلك أن يتجاوز رد الفعل بيانات الإدانة والإجراءات السياسية الرمزية، مثل إلغاء لقاء وزيري خارجية البلدين في دافوس، وهو الأمر المتوقع أيضًا من حكومة كردستان، التي حمّلت بالفعل حكومة بغداد مسؤولية اتخاذ إجراء ضد هذه الهجمات.

من جانب آخر، فإن الاستهداف يخدم أهدافًا أخرى تتعلق بالجدل العراقي الداخلي بخصوص بسحب القوات الأجنبية من العراق، وهو الإجراء الذي تدفع من أجله القوى الموالية لإيران بينما ترفضه كردستان. وكان واضحًا تأييد المواقع الإعلامية التابعة للفصائل العراقية المقربة من إيران للضربة الإيرانية، مع هجوم غير مسبوق على حكومة "السوداني" واتهام الأخير بالتحول إلى عدو لمحور المقاومة، بسبب انتقاداته لعملياتهم التي تستهدف مواقع تواجد القوات الأمريكية في العراق وسوريا.

وهكذا، فبينما تشتعل جبهة البحر الأحمر بحشد دولي ضد الحوثيين، ترسل إيران رسالة واضحة أنها مستعدة لإشعال جبهة العراق في مواجهة التحالف الدولي، وهذه كلها رسائل تستهدف التأكيد على أن إيران وشبكة وكلائها سيواصلون الضغط المحسوب بامتداد الإقليم حتى وقف الحرب في غزة.