عنف الأجهزة الأمنية في مصر أحداث النجيلة يمثل سياسة متبعة وليس حالة انفلات

الساعة : 14:36
14 أبريل 2025
عنف الأجهزة الأمنية في مصر أحداث النجيلة يمثل سياسة متبعة وليس حالة انفلات

الحدث

لقي شابان مصريان مصرعهما في مدينة النجيلة بمحافظة مطروح، بعد أن كانا سلّما نفسيهما إلى الشرطة على خلفية أحداث شهدت مقتل ثلاثةً من أمناءِ الشرطة ليل الثلاثاء الماضي على يد شخصٍ هاربٍ من تنفيذ أحكام. وقالت وزارة الداخلية المصرية إن الشابين قُتِلا خلال تبادل لإطلاق النار إثر مطاردة بالسيارات في مدينة النجيلة بمطروح. ورفضا لرواية الشرطة، عقد اجتماع بحضور جميع العمد والمشايخ والعواقل عن مدن وقرى مطروح، وقرر المجتمعون تعليق كل أشكال التعاون مع أجهزة الأمن في مطروح، وعلى رأسها أقسام الشرطة، إلى حين الانتهاء من التحقيقات. ودعا المجلس إلى لقاء مع الرئيس السيسي لتوضيح الموقف، ونقل صوت أبناء مطروح، ومطالب المجلس بوصفه يضم ممثلين شرعيين عن قبائل وعائلات المحافظة.

الرأي

بحسب رواية السكان المحليين، اعتقلت وزارة الداخلية 23 سيدة من أهل المتهم الهارب وجيرانه للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، ما تسبب في احتقان شعبي في المدينة حتى أطلقت الوزارة سراح النساء على دفعتين، لكنّها طلبت التحقيق مع اثنين من الشبان قالت إنهما قد يحددان مكان وجود الجاني. وبعد أن سلم الشابان نفسيهما بضمانة قبليّةٍ ومحليةٍ، فوجئ الجميع بإعلان مقتلهما "أثناء مواجهة مسلحة مع الشرطة"، بحسب زعم السلطات.

أرست الأجهزة الأمنية المصرية معادلة ردع انتقامية منذ يوليو 2013، تقوم على أن مقتل أي فرد من عناصر الشرطة يجب أن يتبعه مقتل المتورطين سواء بتصفيتهم، وهو ما حدث في حالات كثيرة، أو بمحاكمتهم وصولا إلى تنفيذ عقوبة الإعدام. ولذلك، فإن سلوك الداخلية إزاء حادث مقتل عناصر الشرطة في النجيلة لا يمثل سابقة، كما أنه لا يعد مجرد حادثة انفلات من مسؤولي الشرطة في المحافظة، بقدر ما هي سياسة متبعة. ولذلك؛ سيكون من المرجح أن تعمل السلطات على احتواء غضب الأهالي دون أن يشمل ذلك معاقبة أفراد الشرطة المتورطين في قتل الشابين، كما ستظل أولوية الأجهزة الأمنية هي إلقاء القبض على الشخص الهارب.

من جهة أخرى، من المرجح أن تتوصل السلطات إلى تسوية عبر مجلس العمد والمشايخ، والذي يمثل في جوهره أحد أذرع السلطات الأمنية، وليس مجرد مجلساً شعبياً مستقلاً؛ فالعمد والمشايخ هم موظفون في وزارة الداخلية، تختارهم الأجهزة الأمنية للقيام بمهام حفظ الأمن في القرى والتجمعات السكنية الصغيرة التي لا توجد فيها نقطة شرطة دائمة، كما أنهم يخضعون لفحص أمني دقيق، ونظام رقابة تشرف عليه عدة أجهزة أمنية ورقابية.

ونظراً لكون هذا النظام طويل الأمد في مصر ويرجع إلى العهد الخديوي، فإن الأسر الريفية والقبيلة المستفيدة منه باتت مرتبطة بالدولة وأجهزتها الأمنية أكثر من كونها ممثلة لمصالح السكان. وتحرص هذه الأسر على الموازنة بين حاجتها للحفاظ على مصالحها الاقتصادية ووجاهتها الاجتماعية الناتجة عن نفوذها الأمني، والمستمد بدوره من وظيفتها الرسمية الحكومية، وفي نفس الوقت نقل مطالب السكان للسلطات، وليس معارضة تلك السلطات. في ضوء ذلك، فإن الإعلان عن تعليق التعاون مع أجهزة الأمن لا يمثل إلا خطوة رمزية تهدف إلى احتواء غضب عائلات مدينة النجيلة، كما أنها خطوة ضرورية لاحتفاظ العمد والمشايخ وكبار العواقل بشرعيتهم ومكانتهم إزاء السكان والعائلات الذين يعتبرونهم مسؤولين عن أمنهم.

وبالإضافة لدور العمد والمشايخ، ستوظف الأجهزة الأمنية تأثير حزب النور السلفي الذي يتمتع بقاعدة معتبرة في مطروح من أجل احتواء غضب السكان، وضمان استقرار الوضع الأمني، وإقناعهم بترك المجال للمسؤولين من العمد وأعضاء مجلس النواب وغيرهم للتواصل مع السلطات وضمان معاقبة المتورطين.