الحدث
اعتقلت السلطات السورية قياديين اثنين في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، دون توضيح رسمي من قبل دمشق حتى الآن. من جانبها، ناشدت سرايا القدس الذراع المسلحة للحركة الحكومة السورية الإفراج عن اثنين من قادتها هما: مسؤول الساحة السورية خالد خالد ومسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري، موضحة أن اعتقالهما تم "دون توضيح عن أسباب الاعتقال وبطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة لطالما كانت أرضهم حاضنة للمخلصين والأحرار".
وفي نفس السياق، كشف عضو الكونغرس الأميركي "كوري ميلز"، عقب لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق، أن الأخير أبدى انفتاحاً على تحسين العلاقات مع "إسرائيل"، والتعاون في ملفات مثل منع نقل أسلحة إلى سوريا لاستهداف "إسرائيل".
الرأي
يمثل الحد من نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية، وإبعاد قيادات العمل العسكري الفلسطيني عن سوريا، أحد أبرز الشروط التي أبلغت إدارة ترامب بها السلطات السورية من أجل تطبيع العلاقات ورفع العقوبات عن سوريا. وبحسب تقارير صحفية، فإن إدارة ترامب أبلغت دمشق بذلك معللة أن هذا ضروري لتلبية مخاوف "إسرائيل" الأمنية.
وبالنظر إلى نهج الرئيس السوري البراغماتي، فإنه سيكون من المتوقع أن تتخذ السلطات السورية إجراءات تلبي المطالب الأمريكية، نظراً لأن رفع العقوبات يمثل نقطة جوهرية قد يتوقف عليها استقرار النظام الجديد من وجهة نظر دمشق. كما أن احتواء التهديد الأمني "الإسرائيلي" يمثل أولوية أساسية على المستوى الأمني، ليس فقط لأن الاحتلال بات يهمين أمنياً على الجنوب السوري ويهدد بتقويض قدرة النظام الجديد على توحيد البلاد تحت حكمه، ولكن أيضا لأن الاحتلال أظهر استعداده لتقويض أي محاولات سورية لبناء جيش جديد وهو ما يعني استمرار حالة الهشاشة الأمنية وإبقاء النظام الجديد في حالة ضعف مزمنة.
على الأرجح، تراهن دمشق في حساباتها على كسب الوقت وتقديم تنازلات غير استراتيجية، كما قد تراهن على أن خطوات مثل اعتقال أو إبعاد قادة فلسطينيين يثبت عملياً الاستجابة للشروط الأمريكية، وبالتالي تخفيف الضغوط. لكن يظل من المحتمل أن يؤدي مزيد من التراجعات التكتيكية إلى قيود طويلة الأمد على سوريا، في ظل مسيرة التعافي وإعادة البناء التي تتطلب سنوات طويلة.
من غير المرجح أن تتخذ دمشق خطوات بعيدة مثل الانضمام لاتفاقيات أبراهام، خاصة وأن "إسرائيل" ليس من الوارد أن تتخلى الجولان، لكنّ يظل من غير المستبعد القيام بخطوات أخرى مثل توقيع اتفاقية أمنية جديدة أو تعديل اتفاقية فض الاشتباك بما يمنح "إسرائيل" المزيد من الضمانات الأمنية.