الحدث
اغتال الطيران "الإسرائيلي" رئيس شبكة "الصادق" للصرافة، هيثم بكري، في جنوب لبنان، حيث زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، أن "بكري" كان يدير شبكة لتحويل الأموال من إيران إلى بيروت لصالح "حزب الله". وبالتزامن مع عملية الاغتيال نشر "أدرعي" صور وأسماء ومواقع مكاتب وشركات صرافة في مناطق لبنانية مختلفة، زاعمًا أنها تسهم في تدفق الأموال إلى الحزب.
الرأي
لا تعد عملية اغتيال "بكري" هي الأولى التي تستهدف أفرادًا أو شركات تعمل في مجالات تحويل الأموال والصيرفة خاصة، وفي القطاع المالي بشكل عام؛ فقد استهدف الاحتلال خلال الحرب على لبنان عدة مراكز لمؤسسة "القرض الحسن" التابعة لـ"حزب الله" و"تعاونية السجّاد"، كما اغتالت فرقة من "الموساد" قبل أشهر، الصراف المقرب من الحزب، محمد سرور، في بلدة "بيت مري".
وبالتالي، فإن العملية تندرج ضمن مسار ممنهج ومتواصل في محاصرة مصادر ومسارات تمويل "حزب الله" سواءً عبر المسار العسكري ¾ بالاستهداف المباشر لشبكاته وعناصره المولجين بالملف المالي ومؤسساته المالية ¾ أو المسار الدبلوماسي الذي يتمثل بالضغط الإقليمي والدولي ولا سيما الأمريكي عبر العقوبات المتواصلة على شركات وأفراد على ارتباط بتمويل الحزب، والطلب من الحكومة اللبنانية إغلاق مؤسسة "القرض الحسن"، وتعزيز الرقابة على شركات الصرافة وتقليص تعاملات "الكاش" في السوق، إضافة إلى ضبط الحدود والمعابر بشكل صارم، ومنع الطائرات الإيرانية من الهبوط في المطار، منعًا لأي عمليات لتهريب الأموال والتي كان آخرها منذ أيام بضبط محاولة إدخال 8 ملايين دولار عبر مطار بيروت.
بالتوازي مع ذلك، تشكل عمليات الاستهداف والحصار تحديًا متزايدًا أمام "حزب الله" في الحفاظ على شبكات تمويله ونفوذه، لا سيما في ملف إعادة الإعمار والإسكان، وهو ما بدأ يتمظهر في توقف "القرض الحسن" عن دفع المستحقات المتعلقة بإعادة الترميم والشيكات المستحقة لأصحابها، الأمر الذي قد يدفع الحزب لتخفيف الضغط عنه عبر دفع الشارع للاحتجاج والتظاهر لمطالبة الدولة بالإسراع في ملف إعادة الإعمار.
بالمقابل، ستواصل "إسرائيل" استهداف شبكات تمويل "حزب الله" بشكل مباشر، وما نشر خريطة محلات الصرافة إلا رسالة تحذيرية من التعاون مع الحزب تحت طائلة الاستهداف، وذلك كله بالتوازي مع تصعيد الضغوط الأمريكية والدولية لمتابعة واستكمال مسار تجفيف مصادر تمويل الحزب داخل وخارج لبنان.