التطورات:
شهدت سوريا حراكاً دبلوماسياً مكثفا بعد تولي "أحمد الشرع" رئاسة الجمهورية العربية السورية، حيث تلقى العديد من برقيات التهنئة من عدة دول وهيئات منها: الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي – رئيس مجلس السيادة السوداني – الرئيس الموريتاني -رئيس الوزراء الكندي – سعد الحريري وجهات أخرى متعددة. واستقبل الرئيس السوري العديد من الشخصيات السورية والهيئات الممثلة للطوائف والقوى السياسية في قصر الشعب لتهنئته بمناسبة توليه الرئاسة، كما التقى بوفدي هيئة التفاوض السوري والائتلاف الوطني. وفي سياق متصل، أجرى الشرع برفقة وزير الخارجية عدة زيارات خارجية أولها كانت إلى السعودية ثم تركيا في حين زار الأردن حيث التقى بالملك عبد الله. كما جرت العديد من الاتصالات، منها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واللقاءات الدولية في قصر الشعب شملت الوفود التالية: السلوفيني، الكوري الجنوبي، الصيني، اليوناني، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في حين تلقى الشرع دعوة لحضور القمة العربية الطارئة بشأن فلسطين.
وفي ذات السياق، شارك وزير الخارجية "أسعد الشيباني" في عدد من المؤتمرات الدولية هي: القمة العالمية للحكومات في دبي، مؤتمر ميونيخ للأمن، مؤتمر العلا للاقتصادات الناشئة في السعودية ومؤتمر باريس بشأن سوريا، والتقى خلالها بوزير الخارجية الإماراتي "عبد الله بن زايد" ووزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك" والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون". من جهته، استقبل وزير الداخلية السعودي معاون رئيس جهاز الاستخبارات السوري "موفق دوخي" ويرافقه مدير إدارة مكافحة المخدرات ومدير إدارة المباحث الجنائية وعدد من كبار المسؤولين.
إلى ذلك، عززت الحكومة جهودها الرامية لتحسين الواقع الاقتصادي السوري، حيث استقبل رئيس الوزراء "محمد البشير" وفداً من مجموعة أبو ظبي للاستثمار، وتوصلت الجهود الدبلوماسية إلى رفع تركيا القيود التي كانت مفروضة على تصدير البضائع السورية إلى الأراضي التركية، كما توصلت كل من سوريا والأردن إلى إعادة تفعيل اتفاقيات النقل التجاري وإقرار إعفاء الشاحنات من جميع الرسوم ما بين البلدين، في حين أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية عن طرح مزايدات ومناقصات في قطاع الفوسفات.
وفي سياق منفصل، لا تزال القيادة السورية الجديدة تعمل على بناء المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية والعسكرية، حيث أصدرت وزارة الدفاع قراراً بتعيين العميد "عناد الدرويش" مسؤولًا للشؤون الإدارية للجيش والقوات المسلحة، بينما عيّنت العميد "محمد منصور" مسؤولًا لشؤون الضباط، و "هيثم العلي" قائدا لفرقة حمص و"بنيان أحمد الحريري" قائداً لفرقة درعا، في حين تم تكليف "أبو القاسم بيت جن" بقيادة القوات الجوية السورية، و"مختار التركي" قائداً لفرقة دمشق و"أبو حسين الأردني" قائداً للحرس الجمهوري.
على صعيد آخر، خرّجت وزارة الداخلية دورة جديدة من قوات الشرطة تضم ألف عنصر في ريف دمشق، فيما أجرت وزارة الدفاع مناورات عسكرية تحاكي معركة عسكرية واسعة.
الإجراءات:
● أصدرت وزارة الدفاع قراراً بمنع عمليات نقل وبيع الأصول العسكرية، من سلاح وذخائر وعتاد وآليات وتقنيات بكل أنواعها، وذلك بعد نشاط تجارة السلاح والأصول العسكرية من قبل الفصائل العسكرية وتجار السلاح، فيما قامت بتشكيل فرق عسكرية تتبع لها في دمشق وحماة وحمص ودرعا وإدلب وتدمر.
● تعمل وزارة الداخلية على توحيد كافة القوات تحت إدارتها، حيث دخلت قوات الأمن الحكومية إلى مدينة عفرين في ريف حلب التي كانت تحت سيطرة الجيش الوطني لإعادة تموضع القوات بعد توحيد المناطق تحت إدارة الحكومة الجديدة.
● علق الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا في قطاعي الطاقة والنقل، كما أزال 4 بنوك سورية والخطوط الجوية السورية من قوائم العقوبات.
● أصدر الرئيس السوري قراراً يقضي بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري برئاسة "ماهر علوش" لتمثيل جميع أطياف السوريين بما فيها محافظتين خارج سيطرة السلطات الجديدة وأكثر من 10 ملايين سوري خارج البلاد، وبعدما أنهت اللجنة اجتماعاتها في كافة المحافظات عرضت أوراقها التي ركزت على البناء الدستوري والعدالة الانتقالية والاقتصاد على لجان استشارية مختصة لتحليلها وتسليمها للمجتمعين في مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر ليومين، بمشاركة أكثر من 600 شخصية.
الأحداث:
● قصفت طائرات الاحتلال "الإسرائيلي" مواقع عسكرية في القنيطرة، مما أدى إلى تدمير مستودعات ذخيرة، كما نفذت غارات على مواقع في جنوب دمشق وريف درعا الشرقي تتجمع فيها الآليات العسكرية.
● نفذت القوات "الإسرائيلية" عدة عمليات توغل في أرياف درعا والقنيطرة ودمشق طالت قطع عسكرية ومحارس وأجرت عمليات تجريف قبل الانسحاب، كما تنشط تحركاتها بكثافة في القرى الحدودية ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
● نفذت السلطات السورية عمليات أمنية مكثفة في المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان، خاصة في ريف حمص والقصير وسواها، لاستعادة السيطرة على الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة التي استفادت من الفراغ الأمني، حيث استغلت بعض العصابات اللبنانية حالة الانفلات لنهب ممتلكات السكان المهجورة، كما كانت أبرز أهدافها ضبط أنشطة "حزب الله" بما فيها تصنيع الكبتاغون وتهريب ونقل السلاح، حيث نسقت السلطات السورية مع الجيش اللبناني لضبط التهريب بين البلدين.
● استمر جهاز الأمن العام والاستخبارات السورية بملاحقة فلول النظام واعتقال أبرز عناصر الأمن السابقين ومرتكبي الجرائم في مختلف المحافظات السورية، حيث تم اعتقال عشرات الأشخاص على رأسهم "دريد أحمد عباس" أحد مرتكبي مجزرة كفر شمس في منطقة الحولة بحمص و"منذر أحمد جزائري" أحد منفذي مجزرة حي التضامن و"حسن ياسين الملحم" أحد سجاني فرع فلسطين "235"، بالإضافة لملاحقة تجار المخدرات والسلاح في الحارة ونمر بدرعا وفي جديدة عرطوز وقطنا بريف دمشق، في حين نفذت قوات الأمن حملة لإغلاق أنفاق التهريب في منطقة أطمة الحدودية بريف إدلب.
● استهدف التحالف الدولي بقيادة أمريكا 7 من قادة تنظيمي "حراس الدين" و"داعش"، حيث طالت الضربات الجوية كل من فضل الليبي، أبو عبد الرحمن الليبي، طلحة بيرقدار مسؤول الأمن الداخلي، جعفر التركي وفادي فروح التابعين لتنظيم "حراس الدين" في شمال غرب سوريا، بينما نفذ التحالف مزيجاً من الضربات الجوية والعمليات الأمنية بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" أسفرت عن مقتل 5 أشخاص من تنظيم "داعش" شمال شرق سوريا.
الاستنتاجات:
· يعد نجاح الحكومة السورية في إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية وترميم المؤسسات الحكومية المنهارة من أبرز التحديات التي تواجهها حالياً، حيث إن بقاء حالة الفوضى التي تشهدها البلاد والتي قد تشكل تهديداً لاستقرار الحكومة، خاصة مع تصاعد عمليات فلول النظام البائد واحتمالات تدخل أطراف خارجية بدعم قسد والدروز. وبصورة عامة مازالت خطوات الإدارة السورية محدودة لأنها لم تتلق حتى الآن دعما نوعيا على صعيد الأسلحة والقدرات والتقنيات والتدريب والرواتب يمكنها من تسريع وتيرة تطوير المنظمومة الأمنية، وهذا الدعم مازال معطلا نتيجة العقوبات.
· تشكل العقوبات المفروضة على البلاد عائقاً كبيراً أمام الدول الداعمة للحكومة الجديدة وعلى رأسها قطر وتركيا، وعلى الرغم من الحراك الدبلوماسي الكثيف الذي تشهده البلاد، ولكن من الواضح أن رفع هذه العقوبات مرتبط بتعهدات والتزامات يسعى المجتمع الدولي لفرضها على الحكومة الجديدة تتعلق بالوضع السياسي الداخلي، والمحافظة على الهدوء الإقليمي من خلال ضمان أمن الكيان الصهيوني. وعلى الرغم من اتخاذ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خطوات في رفع العقوبات إلا ان تأثيرها يظل محل شك في ظل غموض موقف إدارة ترامب حتى الآن.
· يسعى الكيان الصهيوني من خلال عملياته في الجنوب السوري لفرض معادلات سياسية وعسكرية وجديدة، حيث يشير تقدمه العسكري في الجنوب إلى نيته السيطرة على بعض التلال الاستراتيجية الحاكمة (تل مسحرة- تل الجابية- تل الحارة)، كما يعمل على كسب أطراف داخل النسيج السوري (الدروز وبعض العشائر في درعا)، من أجل المحافظة على أمن حدوده الشمالية. وفي المدى الأوسع، يتحرك الاحتلال بهدف قطع الطريق على تركيا من خلال فرض هيمنة امنية على الجنوب وفي نفس الوقت يحاول إقناع روسيا بالبقاء في سوريا بهدف الحد من الدور التركي.