تطورات الأجهزة الأمنية
أجرى رئيس المخابرات العامة، اللواء حسن رشاد، مباحثات مع وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، ووفود من الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي"، بالقاهرة، ضمن اجتماعات مصرية قطرية "إسرائيلية" لمناقشة جهود وقف إطلاق النار في غزة. ورفضت مصر بشكل قاطع خرائط انسحاب قدمتها "إسرائيل" تُبقي على قواتها في أكثر من 40% من مساحة غزة، بما في ذلك السيطرة على مدينة رفح، مع مقترح لإقامة "مدينة خيام" قرب الحدود لإيواء نحو 700 ألف فلسطيني تحت إشراف مشترك بين مصر والسلطة الفلسطينية، معتبرة أنها تمثل تهديدًا لأمنها القومي وقد تمهّد لتهجير قسري نحو سيناء. إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية أن مصر تواصل تدريب القوات الفلسطينية، بالتعاون مع الأردن، بهدف تمكينها من فرض القانون وبسط الأمن في غزة.
في سياق متصل، تناولت محادثات مصرية أميركية موسّعة وعد ترامب بالتدخل لحل أزمة سد النهضة، حيث عرضت واشنطن على القاهرة دعمًا حاسمًا لإنهاء أزمة السد، مقابل تسهيل التهجير الطوعي عبر مصر، إلى جانب حصول القاهرة على حزم دعم مالي، فيما أبلغت القاهرة الجانب الأميركي رفضها للمقترح. هذا، واستقبل الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، بحضور وزير الدفاع، عبد المجيد صقر، حيث بحثا التنسيق المشترك في المجالات العسكرية والأمنية، فيما وجّه السيسي نداءً إلى نظيره الأمريكي، لوقف الحرب وإدخال المساعدات، وذلك وسط تصاعد الضغوط الشعبية على القاهرة لإدخال المساعدات وفتح معبر رفح.
على صعيد تطورات الأوضاع في السودان وليبيا، استقبل الرئيس السيسي، ورئيس المخابرات العامة، حسن رشاد، في لقاءات منفصلة، كلاً من رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، والمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح. وجاءت اللقاءات في إطار تحركات مصرية لاحتواء التوتر المتصاعد إثر دخول قوات "الدعم السريع" إلى المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا بدعم ميداني من حفتر، وهو ما دفع القاهرة إلى تعزيز وجودها العسكري في محيط العوينات، وتكثيف الرقابة الجوية والاستطلاع الاستخباري تحسبًا لأي تحرك مفاجئ.
خارجيًا، بحث السيسي مع نظيره الصومالي، حسن شيخ محمود، الأوضاع الأمنية والسياسية في القرن الإفريقي وأمن البحر الأحمر في إطار بروتوكول التعاون العسكري الموقع بين البلدين في آب/ أغسطس 2024.
في شؤون عسكرية، وافقت الولايات المتحدة على صفقة لبيع منظومة الدفاع الجوي "ناسامس" لمصر، تشمل صواريخ سطح-جو، بقيمة 4.67 مليار دولار، بينما كشفت مصادر عن مباحثات متقدمة بين مسؤولين مصريين وصينيين لتوسيع التعاون العسكري، تشمل صفقات تسليح وتدريبات مشتركة، وتبادل الخبرات. ودخلت اتفاقية التعاون العسكري بين مصر والكويت، الموقعة في فبراير 2025، حيّز التنفيذ، حيث تشمل التعليم العسكري، والأمن السيبراني، والصناعات الدفاعية، والطب والقضاء العسكري.
داخليًا، اعتمد وزير الداخلية، محمود توفيق، حركة تنقلات ضباط الشرطة لعام 2025، بعد عرضها على الرئيس، عبد الفتاح السيسي، وشملت تغيير مساعد الوزير لقطاع الأمن الوطني، ومساعد الوزير لقطاع الأمن العام، ورئاسة عدد من مديريات الأمن بالمحافظات.
مستجدات الإجراءات الأمنية
· توقفت قوة المراقبين متعددة الجنسيات (MFO) عن طلعات التصوير الجوي الروتيني وفحص الأنفاق المصرية منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر 2023، فيما ضغطت "إسرائيل" مرارًا على إدارات بايدن وترامب لإعادة تفعيل هذه المهام الرقابية.
· أصدرت النيابة العامة قرارًا يُلزم المواطنين الراغبين في الحصول على خدماتها، مثل استخراج مستندات رسمية، بإجراء كشف جنائي ومالي مسبق، للتأكد من عدم وجود موانع قانونية أو مطالبات مالية مستحقة.
· أحالت السلطات ضابطي شرطة إلى التحقيق بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر اعتداءهما بالضرب والسحل على عدد من المواطنين في محافظة الشرقية.
· قضت السلطات بتأييد حكم الإعدام بحق عصام دياب، المتهم في قضية مقتل اللواء "نبيل فراج" بكرداسة. كما أصدرت أحكامًا بالسجن المؤبد لمتهم، و15 سنة لمتهمة، و10 سنوات لثلاثة متهمين آخرين، في قضية "خلية ولاية الإسماعيلية"، بتهم الانضمام لتنظيم إرهابي.
· قضت السلطات بالسجن المشدد 5 سنوات على أحمد عبد المنعم أبو الفتوح، وبحبس نحو 150 مواطنًا ومواطنة على ذمة التحقيق، بعد ظهورهم عقب فترات من الإخفاء القسري، بينهم 47 مختفين منذ خمس سنوات، بتهم أبرزها "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"بث أخبار كاذبة".
· منع الأمن الوطني مجلس إدارة جمعية "دهميت" النوبية بالقاهرة من عقد مؤتمر تضامني مع أسر عشرة نوبيين مصريين محتجزين في السعودية، صادر بحقهم أحكام بالسجن بين 10 و18 عامًا، على خلفية تنظيم ندوة احتفالية بذكرى حرب أكتوبر في الرياض.
أبرز الأحداث الأمنية
· بثت حركة حسم مقطعًا مصورًا، بعد سنوات من الغياب، يُظهر تدريبات عسكرية لعناصر ملثمة في منطقة صحراوية، معلنة فيه عودتها وتصاعد قوتها، ومنددة بموقف السلطات المصرية من حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة.
· أعلنت وزارة الداخلية تصفية شخصين بدعوى انتمائهما لحركة "حسم" خلال مداهمة شقة سكنية في الجيزة، ووجهت اتهامات لخمسة مقيمين في تركيا بإدارة الحركة من الخارج.
· أوقفت السلطات التركية في مطار إسطنبول المقيم المصري، محمد عبد الحفيظ، أحد المتهمين بإدارة "حسم"، وألغت إقامته ورفضت دخوله البلاد، ثم سمحت بمغادرته إلى جهة مجهولة.
· في واقعة أمنية غير مسبوقة، اقتحم الشابان، محسن مصطفى وأحمد الشريف، مكتب لجهاز الأمن الوطني داخل قسم شرطة المعصرة بمحافظة حلوان، واحتجزا عدد من عناصر الأمن الوطني، احتجاجًا على إغلاق معبر رفح. ومازال مصيرهما مجهولا.
· شنت السلطات حملة أمنية موسعة في عدد من المحافظات، أسفرت عن اعتقال العشرات.
· اعتقلت قوات الأمن عددًا من المتطوعين في حملات جمع تبرعات لإطعام أهالي غزة، وأجبرتهم على وقف التمويل مقابل الإفراج عنهم، بينما لا يزال بعضهم قيد الاحتجاز.
· شهدت عدة عواصم ومدن غربية وعربية احتجاجات أمام السفارات المصرية ومقار إقامة السفراء، وإغلاق رمزي لمداخل بعض السفارات باستخدام الأقفال المعدنية، نظّمها مصريون مقيمون في الخارج ونشطاء دوليون، تنديدًا باستمرار حصار وتجويع قطاع غزة.
· نظم عشرات المواطنين وقفة في القاهرة دعمًا لغزة وتنديدًا بسياسات الحصار والتجويع.
· اندلعت مواجهات بين مواطنين وقوات الأمن في مدينة بلقاس بمحافظة الدقهلية، عقب خروج مظاهرات غاضبة طالبت بإسقاط النظام، إثر وفاة شاب محتجز داخل مركز الشرطة.
· دخل 35 معتقلًا في سجن "بدر 3" في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على حرمان الزيارة منذ أكثر من ثماني سنوات، بينهم قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك للمرة الأولى.
· توفي المعتقلون السياسيون "رضا منصور" داخل سجن برج العرب، و"عبد المنعم السيد" و"كريم بدر" داخل مراكز احتجاز شرطية، نتيجة الإهمال الطبي وظروف الاحتجاز.
· كشفت هيئة الرقابة الإدارية عن انتحال مجهولين صفتها للتواصل مع مسؤولين كبار وأعضاء في المجالس النيابية لجمع معلومات عنهم وجهات عملهم، وسط تحقيقات أولية تشير لاحتمال تورط أجهزة مخابرات أجنبية.
المؤشرات والاتجاهات الأمنية
· من المرجح استمرار توتر العلاقات المصرية "الإسرائيلية" في ظل تمسك الاحتلال بمخطط التهجير وتباين المواقف إزاء مستقبل غزة. وعلى الرغم من موافقة القاهرة على مطلب نزع سلاح حماس وإبعادها عن حكم غزة، فإن استمرار الحرب والمجاعة والتمسك بالتهجير تهدد الاستقرار الداخلي في مصر، كما تنذر بتداعيات أمنية لا يمكن التنبؤ بمآلاتها.
· ثمة محاولة لإعادة إحياء نشاط حركة حسم داخل مصر وتنفيذ عمليات تستهدف شخصيات أو أهداف ليس من الواضح إن كانت مرتبطة حصراً بالحرب في غزة أم أنها ستوجه لأهداف مرتبطة بالنظام نفسه. لكنّ إجهاض الأجهزة الأمنية لهذه التحركات يعكس حالة الاستنفار الأهزة الأمنية المصرية والتنسيق الأمني النشط مع دول أخرى، بما فيها تركيا، والتي من المتوقع أن تشدد القيود على الأشخاص الذين تتهمهم القاهرة بقيادة الحركة.
· يمثل إضراب قيادات الإخوان تحدياً إضافياً للسلطات المصرية في وقت ترى فيه القاهرة أنها تواجه ضغوطا متزايدة وموجة غضب شعبي نتيجة التطورات في غزة. ومن المرجح في ظل هذا التقدير بتزايد الضغوط أن تتخذ السلطات موقفاً متشدداً ضد المعتقلين المضربين، وهو ما قد يؤدي لتصعيد الموقف خاصة إذا نتج عن تدهور حالة المضربين الصحية وفاة أحدهم.