الموجـز الأمنـي السوري - مارس 2025

الساعة : 15:26
14 أبريل 2025
الموجـز الأمنـي السوري - مارس 2025

التطورات:

شهدت البلاد حراكاً دبلوماسياً لافتاً، حيث تلقى الرئيس أحمد الشرع تهاني رمضان والعيد من قادة دول عربية عدة، فيما شارك في "قمة فلسطين" بالقاهرة، ملتقياً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤكداً دعم دمشق للقضية الفلسطينية واتفاق فض الاشتباك لعام 1974. وفي بروكسل، تعهد الاتحاد الأوروبي بـ 2.5 مليار يورو لإعادة الإعمار، بينما أعادت ألمانيا فتح سفارتها بدمشق، في حين استقبل الشرع وفداً تركياً رفيعاً.

داخلياً، وقّعت الحكومة السورية اتفاقاً لاندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسساتها، لقي ترحيباً خليجياً كخطوة نحو الوحدة الوطنية، في وقت شكّل فيه الشرع لجنة لصياغة إعلان دستوري، كما أعلن التشكيلة الحكومية الجديدة والتي احتفظ فيها كل من وزراء الخارجية والدفاع بحقائبهما بينما تم إسناد وزارة الداخلية لأنس خطاب رئيس جهاز الاستخبارات الحالي. من جانبها، رفضت قوات سوريا الديمقراطية ممثلة بالإدارة الذاتية التشكيلة الحكومية وأعلنت أنها لن تتعامل معها، وفي الوقت ذاته جاءت المواقف الإقليمية والدولية مرحبة بتشكيل الحكومة السورية الجديدة.

وعلى صعيد التعيينات العسكرية، تم تعيين العقيد أحمد رزق قائداً للفرقة 80 في الجيش السوري، والعقيد محمد عبد الرحمن الشيخ محمد قائداً لإدارة التسليح العام في وزارة الدفاع، والعميد حذيفة بدوي (أبو حفص بنش) قائد هيئة الإمداد والتموين بوزارة الدفاع، وقائد فرقة الحمزة سابقاً، العميد سيف الدين بولاد (أبو بكر) قائداً للفرقة 76 في الجيش في محافظة حلب، فيما تم تعيين العميد الطيار مصطفى حسين البكور رئيساً لأركان القوى الجوية والدفاع الجوي، وأحد قادة "ردع العدوان" ونائب القائد العام لحركة أحرار الشام "أحمد الدالاتي" محافظاً جديداً للقنيطرة.

من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية عن تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الشرطة بمحافظة دمشق، فيما بدأت قيادة شرطة محافظة السويداء بتسليم رواتب 600 عنصر و40 ضابط تمت إعادتهم إلى الخدمة منهم من كانوا منشقين عن النظام. إلى ذلك، أصدر الرئيس أحمد الشرع قراراَ رئاسياً يقضي بتشكيل مجلس الأمن القومي الذي يقوده الرئيس ويضم في عضويته وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات إضافة إلى مقعدين استشاريين ومقعد تقني تخصصي.

الإجراءات:

·       كثفت وزارة الدفاع قواتها على مستوى العدد والعديد على الشريط الحدودي بين حمص وطرطوس من جهة ولبنان من جهة أخرى لقطع الطريق على قوات "حزب الله" واستمرار أنشطتهم في المنطقة، وأعلنت الاتفاق مع الجانب اللبناني لضبط الحدود.

·       شكلت الرئاسة السورية لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، كما شكل الرئيس لجنة تفاوضية لاستكمال الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتبع ذلك عزم وزارة النفط تشكيل لجان بهدف تسلّم حقول النفط من "قسد" والإشراف على إنتاجها.

·       شكل جهاز الأمن فرق رصد ومتابعة بمناطق سورية عدة ومن بينها الجنوب، مهمتها منع إيران من إعادة إنتاج مجموعات جديدة تتبع لها.

·       افتتحت "قسد" أربع مراكز تسوية في مدينة الطبقة وريفها بمحافظة الرقة، لعناصر نظام الأسد والفارين من قوى الأمن الكردية.

الأحداث:

·       استهدفت غارات جوية "إسرائيلية" محيط مدينة درعا، مما أسفر عن استشهاد مدنيين وإصابة 19 آخرين، كذلك توغلت القوات "الإسرائيلية" في منطقة الحدود الإدارية بين درعا والقنيطرة، حيث دمرت سريتين عسكريتين ونقلت مدفعاً عيار 122 إلى الجولان المحتل قبل انسحابها. إضافة إلى عمليات توغل واعتقالات وتدمير مواقع في الأراضي السورية.

·       واجه أهالي بلدة كويا (غرب درعا) قوات "إسرائيلية" دخلت بلدتهم وحاولت اعتقال عدد من الشبان، ورد الطيران "الإسرائيلي" بقصف أدى إلى مقتل 7 مدنيين وإصابة آخرين، كما استهدفت غارة "اسرائيلية" مبنى سكنياً في دمشق ومناطق في حمص واللاذقية.

·       شهدت منطقة الساحل توتراً أمنياً على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى من عناصر الأمن، وأعلن الفلول عن تشكيل مجلس عسكري بقيادة العميد غياث دلا، في خطوة تحاكي المجلس العسكري الذي تم الإعلان عنه في محافظة السويداء من قبل بعض الفصائل الدرزية، في المقابل استنفرت قوى الأمن والجيش ونفذوا عمليات تمشيط ومطاردة للفلول، تخللتها اشتباكات عنيفة وعمليات قتل بحق مدنيين، وانتهت باستعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل، وبدء ملاحقة الفلول وضباط النظام البائد في الأرياف والجبال.

·       اندلعت مواجهات بين الجيشين السوري واللبناني أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا قبل التوصل لاتفاق مع الجيش اللبناني لوقف التصعيد.

·       اعتدى عناصر مما يسمى "درع جرمانا" في منطقة جرمانا بريف دمشق على جنود من وزارة الدفاع، مما أدى إلى استشهاد أحدهم وأسر آخر، ثم هاجموا قسم الشرطة. أكدت السلطات ملاحقة المتورطين بالتعاون مع الوجهاء، وانتهى الأمر باتفاق لإعادة تفعيل مراكز الأمن، ترافق ذلك مع تصريحات "إسرائيلية" تهدد حكومة دمشق بالتدخل لحماية الدروز في جرمانا.

·       اندلعت مواجهات مع مجموعات مسلحة في الصنمين بدرعا تابعة للمدعو محسن الهيمد الذي يُتهم بأنه كان داعشياً قبل أن ينضم للعمل مع قوات الأمن العسكري بعد سيطرة النظام السابق على محافظة درعا عام 2018. وأسفرت هذه المواجهات عن قتلى وجرحى، وتمكنت القوات الحكومية من تحييد عدد من المسلحين وتوقيف 60 شخصاً، مع استشهاد أربعة من عناصر الأمن.

·       نجحت إدارة الأمن العام في جبلة باعتقال اللواء إبراهيم حويجة، رئيس المخابرات السابق، وضبطت مستودعات أسلحة في حمص والقرداحة والعزيزية. كما فُرض حظر تجوال ليلي في حمص.

·       ألقي القبض على العميد عبد الكريم أحمد الحمادة في مدينة دير الزور، المقرب من ماهر الأسد، والذي كان يشغل منصب مدير إدارة ملف التسوية مع النظام السابق، بالإضافة إلى كونه مستشارًا ومسؤولًا عن التنسيق بين ضباط النظام السابق وقيادات الحرس الثوري الإيراني. كما تم اعتقال القيادي من فلول النظام "فراس العراقية"، وفي ريف دمشق اعتقل المجرم كامل شريف العباس أحد المسؤولين عن مجزرة التضامن بالعاصمة دمشق عام 2013.

·        ألقي القبض على قائد ميليشيات الدفاع الوطني وفي حماة سابقا في المدينة، وآخرين في مناطق متفرقة، كما تم العثور على العديد من مستودعات السلاح ومصادرتها.

·       استقبل مطار حلب الدولي أولى الرحلات الدولية من الأردن، والتي تقل وفداً أردنياً من 29 شخص يضم ممثلين عن هيئة الطيران المدني وأمن المطارات ومختصين في الشحن الجوي والتجارة.

الاستنتاجات:

·       يظل التحدي الأساسي الذي يقيد حركة السلطة الجديدة هي العقوبات الأمريكية التي تحول دون تلقي دمشق دعما حقيقيا فضلا عن بدء مشروعات إعادة الإعمار وتلقي استثمارات. ومن المرجح أن مسار رفع العقوبات سيكون تدريجيا ومرتبطا بخطوات مطلوبة أمريكية من دمشق مثل التصدي لنفوذ إيران، والتعاون لتفكيك منظومة الأسلحة الكيماوية، والالتزام بمحاربة داعش، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب الأمنية والعسكرية في النظام الجديد.

·       تمثل هجمات الساحل أول تحرك مخطط له يعكس وجود قيادة مركزية تعمل على توحيد مجموعات فلول النظام، وتربطها بأطراف خارجية. لكن في المقابل، نتج عن رد الفعل الحاسم من قبل الإدارة السورية، والدعم التركي الميداني، توجيه ضربة كبيرة لهذه الجهود من المرجح أنها ستعطل تحركاتها في الأجل القصير، خاصة وأن العملية فتحت المجل لتواجد أمني أوسع في محافظات الساحل.

·       مازالت الهجمات الإسرائيلية المستمرة تستهدف بصورة أساسية الهيمنة الأمنية على الجنوب السوري تعطيل خطوات السلطة الجديدة نحو بناء قدرات عسكرية مستقبلا. أي أنها لا تستهدف القضاء على السلطة الجديدة في ظل أنه لا بديل يمكنه أن يملأ الفراغ مما سيعيد تفجير الفوضى والحرب الأهلية والتي ستكون لها تداعياتها أمنية خطيرة على كافة دول الجوار.  ومع هذا، ما زال من المبكر الجزم أن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية لن تتطور مستقبلا للعمل على تقويض الحكم الجديد والقضاء عليه لمصلحة أطراف أخرى.

·       من المرجح أن تتقدم تفاهمات دمشق مع قسد بصورة إيجابية، لكنّها تظل ذات طابع تكتيكي، ولا تعني أن قسد تخلت عن مطالبها بخصوص مستوى معين من اللامركزية تسمح للأكراد بممارسة حكما محليا في مناطقهم. وسينتجعن تقدم التفاهمات تراجعا في العمليات التركية ضد قسد خاصة مع تقدم مسار المصالحة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.