الحدث
أعلنت وزارة الداخلية التركية مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة وإصابة تسعة آخرين خلال مداهمة أمنية استهدفت منزلًا لعناصر من تنظيم داعش في ولاية يالوفا، فيما قُتل ستة مسلحين من عناصر التنظيم. وفي اليوم التالي، كشفت الوزارة عن توقيف 357 مشتبهًا بعلاقتهم بالتنظيم في مداهمات متزامنة شملت 21 ولاية.
الرأي
وقع الاشتباك خلال حملة تنفذها أجهزة الأمن والاستخبارات التركية ضد عناصر تنظيم داعش داخل البلاد وخارجها، فقد شهد شهر ديسمبر/ كانون الأول 2025 إعلان النيابة العامة في إسطنبول توقيف 115 شخصًا بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش والتخطيط لتنفيذ هجمات خلال احتفالات رأس السنة. كما أعلنت الاستخبارات التركية توقيف وجلب محمد غورين، أحد قادة تنظيم داعش العاملين على الحدود الأفغانية الباكستانية، إلى تركيا، إضافة إلى توقيف إبراهيم بورتاكوتشين في ولاية ملاطيا للاشتباه باستعداده لتنفيذ هجوم خلال احتفالات رأس السنة.
تعكس هذه العمليات تصعيدًا استباقيًا في المقاربة الأمنية التركية تجاه تهديد داعش، يقوم على الجمع بين العمل الاستخباراتي العابر للحدود والضربات الميدانية المكثفة داخل البلاد. فالتزامن بين المداهمات الواسعة واستهداف خلايا تخطط لهجمات أثناء احتفالات رأس السنة يشير إلى رصد محاولات لإعادة تفعيل التنظيم داخل الأراضي التركية، والعمل على إحباطها. ولا يمكن فصل هذا التصعيد عن المخاوف إزاء تنامي أنشطة التنظيم مجددا في سوريا على وقع الهشاشة الأمنية التي تعاني منها البلاد.
وتكشف حصيلة حادث يالوفا، ولا سيما العدد المرتفع للقتلى من الطرفين، عن حدة الاشتباك مع خلية اختارت القتال حتى النهاية، فمقتل ستة عناصر من داعش، جميعهم يحملون الجنسية التركية، فضلا عن مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة، يشير إلى مستوى عالٍ من الاستعداد للاشتباك المسلح داخل منطقة سكنية. كما يلفت كون القتلى من عناصر داعش من حملة الجنسية التركية إلى تنامي مسارات التطرف الداخلية غير المرتبطة بخلايا وافدة من الأجانب، مثل الخلية التي نفذت هجوماً على كنيسة سانتا ماريا في إسطنبول في عام 2024، ما يشير إلى عملية تجذّر محلي يستغلها التنظيم لإنتاج عناصر مستعدة لاستخدام العنف داخل المجتمع نفسه، وهو ما يفسّر حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت مئات المشتبه بهم بهدف الحد من قدرة التنظيم على التكيف مع البيئة المحلية وإعادة إنتاج نفسه من داخلها.
في المحصلة، يُرجح أن تتوسع الحملة الأمنية خلال الفترة القادمة لتشمل من يحملون فكر التنظيم باعتبارهم يمثلون خطراً كامناً قابلاً للتحول لتنفيذ هجمات في أي وقت، مثلما حدث في هجوم شاب في مقتبل العمر يبلغ 16 عاماً في سبتمبر/ أيلول 2025 على قسم شرطة بأزمير ما أسفر عن مقتل شرطيين.