مقدمة
يعكس هذا التقرير الصادر عن مجمع الاستخبارات الأمريكية/مكتب مدير المخابرات الوطنية، الرؤى الجماعية لمجمع الاستخبارات (IC)، الذي يوفّر يومياً المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والمستقلة، التي يحتاجها صانعو السياسات ورجال الحرب وموظفو إنفاذ القانون المحليين، لحماية أرواح الأمريكيين ومصالح أمريكا في أي مكان في العالم، كما يركّز هذا التقييم على التهديدات المباشرة والأكثر خطورة على الولايات المتحدة خلال العام القادم.
فخلال العام المقبل، ستواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها مجموعة متنوعة من التهديدات، التي تحدث وسط الاضطراب العالمي الناتج عن جائحة "COVID-19" وعلى خلفية المنافسة بين القوى العظمى، والآثار المدمرة للتدهور البيئي وتغيّر المناخ، وعدد متزايد من الجهات المتنفذّة غير الحكومية، والتكنولوجيا سريعة التطور. فتعقيد التهديدات وتقاطعاتها يخلق تحديات جديدة لـ"IC"، فعلى على سبيل المثال، ترتبط التغيرات البيئية والمناخية بمخاطر الصحة العامة والمخاوف الإنسانية، وبالتالي قد تؤدي لعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والتنافس الجيوسياسي.
سيسلّط التقييم السنوي للمخاطر لعام 2021 الضوء على بعض هذه الروابط، لأنه يوفر التقييمات الأساسية للتهديدات الأكثر إلحاحًا للمصالح الوطنية للولايات المتحدة، مع التركيز على الخصوم والمنافسين الرئيسيين للولايات المتحدة.
وقد ترجم مركز صدارة للمعلومات والاستشارات أجزاء من هذا التقرير حيث تم اختيار الملف الإيراني وملف مكافحة "الإرهاب" وملف الصراعات الإقليمية.
الملخص التنفيذي
لقد أظهرت كل من بكين وموسكو وطهران وبيونغ يانغ القدرة والنية على تعزيز مصالحها على حساب الولايات المتحدة وحلفائها رغم الوباء، وأصبحت الصين بشكل متزايد منافسًا نداً، حيث تتحدى الولايات المتحدة في مجالات متعددة، خاصةً اقتصاديًا وعسكريًا وتقنيًا، وتدفع لتغيير المعايير العالمية. كما تقاوم روسيا واشنطن حيثما تستطيع على الصعيد العالمي، مستخدمةً تقنيات تصل إلى (وأحيانًا تشمل) استخدام القوة. وستظل إيران تشكل تهديدًا إقليميًا من خلال أنشطتها المؤذية ذات التأثير واسع النطاق، بينما ستكون كوريا الشمالية لاعبًا معطلًا على الصعيدين الإقليمي والعالمي. ويعمل الخصوم والمنافسون الرئيسيون على تعزيز وممارسة قدراتهم العسكرية والإلكترونية وغيرها من القدرات، ما يزيد من المخاطر على القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها، ويُضعف من قوة الردع التقليدي، ويزيد سوءاً التهديد طويل الأمد الذي تشكّله أسلحة الدمار الشامل.
من جهة أخرى، ستستمر آثار جائحة "كورونا" في إجهاد الحكومات والمجتمعات، ما يؤجج الأزمات الإنسانية والاقتصادية والاضطرابات السياسية والمنافسة الجيوسياسية، حيث ستسعى دول مثل الصين وروسيا إلى تحقيق مكاسب من خلال طرق مثل "دبلوماسية اللقاحات". ولن يسلم أي بلد بالكامل، حتى عندما يتم توزيع اللقاح على نطاق واسع على مستوى العالم، فإن آثار الهزات الاقتصادية والسياسية ستظل مستمرة لسنوات؛ حيث ستواجه البلدان ذات الديون المرتفعة أو التي تعتمد على صادرات النفط أو السياحة أو التحويلات المالية، تعافيًا صعبًا، بينما سيتجه البعض الآخر إلى الداخل أو يتشتت انتباهه بسبب تحديات أخرى.
كما أن التقنيات الناشئة والمدمرة، فضلًا عن انتشار وتغلغل التكنولوجيا في جميع جوانب حياتنا، تشكل تحديات فريدة من نوعها؛ وللتوضيح: تتشابك القدرات السيبرانية بشكل واضح مع التهديدات التي تتعرض لها بنيتنا التحتية وتهديدات التأثير الأجنبي الخبيثة ضد ديمقراطيتنا.
وسيواصل كل من "داعش" و"القاعدة" وإيران وحلفائها المسلحون التخطيط لهجمات إرهابية ضد الأشخاص والمصالح الأمريكية، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة بدرجات متفاوتة. ورغم الخسائر على مستوى القيادات، فقد أظهرت الجماعات الإرهابية مرونة كبيرة، كما أنها تستغل المناطق غير الخاضعة للحكم لإعادة ترميم نفسها من جديد.
كذلك، ستستمر الصراعات الإقليمية في تأجيج الأزمات الإنسانية وتقويض الاستقرار وتهديد الأشخاص والمصالح الأمريكية، وبعضها له آثار مباشرة على أمن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، فإن للقتال في أفغانستان والعراق وسوريا تأثير مباشر على القوات الأمريكية، بينما تظل التوترات بين الهند وباكستان المسلحتين نوويًا مصدر قلق للعالم. كما أن العنف المتكرر بين "إسرائيل" وإيران، ونشاط القوى الأجنبية في ليبيا، والصراعات في مناطق أخرى، بما فيها إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، من المحتمل أن تتصاعد أو تنتشر.
الإجراءات الاستفزازية الإيرانية
ستمثّل إيران تهديدًا مستمرًا للولايات المتحدة ومصالح الحلفاء في المنطقة؛ حيث تحاول تقويض نفوذ الولايات المتحدة ودعم السكان الشيعة في الخارج، وترسيخ نفوذها وإظهار قوتها في الدول المجاورة، وتحويل الضغط الدولي وتقليل التهديدات لاستقرار النظام.
ورغم أن اقتصاد إيران المتدهور وسمعتها الإقليمية السيئة يشكلان عقبات أمام أهدافها، إلا أن طهران ستستخدم مجموعة من الأدوات، كالدبلوماسية وتوسيع برنامجها النووي والمبيعات والأصول العسكرية والهجمات بالوكالة، لتحقيق أهدافها. ونتوقع أن تتعرض إيران لمخاطر قد تؤدي إلى تصعيد التوترات وتهديد مصالح الولايات المتحدة والحلفاء خلال العام المقبل.
- ترى إيران نفسها في صراع مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، الذين يرون أنهم يركزون على الحد من النفوذ الجيوسياسي لإيران والسعي لتغيير النظام.
- ستنعكس تصرفات طهران وتصوراتها عن عداء الولايات المتحدة و"إسرائيل" ودول الخليج، في قدرتها على إبراز القوة من خلال الأسلحة التقليدية والقوات بالوكالة، ورغبتها في انتزاع تنازلات دبلوماسية واقتصادية من المجتمع الدولي.
- فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة على وجه الخصوص، سيتوقف استعداد إيران لشن هجمات على تصورها لحجم الرد الأمريكي، وقدرتها على شن هجمات دون إثارة صراع مباشر، واحتمال تعريض التخفيف المحتمل للعقوبات الأمريكية للخطر.
- ربما يتردد قادة النظام في الانخراط دبلوماسيًا في محادثات مع الولايات المتحدة على المدى القريب، دون عقوبات أو إغاثة إنسانية أو عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)؛ فلا تزال إيران ملتزمة بمواجهة الضغط الأمريكي رغم أن طهران قلقة أيضًا من التورط في صراع شامل.
الانخراط والأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار
ستظل إيران لاعبًا إشكاليًا في العراق، والذي سيكون ساحة المعركة الرئيسية للنفوذ الإيراني هذا العام وخلال السنوات العديدة القادمة، وستكون الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران مصدر التهديد الأساسي للأفراد الأمريكيين في العراق.
- يُعزَى تزايد الهجمات غير المباشرة وغيرها من الهجمات، ضد المنشآت الأمريكية أو القوافل المرتبطة بالولايات المتحدة في العراق عام 2020، إلى الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران.
- ستعتمد إيران على حلفائها من الميليشيات الشيعية والأحزاب السياسية المرتبطة بها لتحقيق أهدافها، من خلال تحدي الوجود الأمريكي والحفاظ على النفوذ في القضايا السياسية والأمنية العراقية. وستواصل طهران الاستفادة من العلاقات مع الجماعات والزعماء الشيعة العراقيين، للالتفاف على العقوبات الأمريكية ومحاولة إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب، من خلال الضغط السياسي والضربات النشطة.
- رغم أن طهران لا تزال طرفًا خارجيًا مؤثرًا في العراق، إلا أن السياسيين العراقيين، مثل رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، سيحاولون موازنة علاقات بغداد مع إيران والولايات المتحدة، لتجنب تحوّل العراق إلى ساحة للصراع بين البلدين.
نفوذ في سوريا وتهديد إقليمي
تسعى إيران إلى فرض وجود عسكري دائم وإبرام صفقات اقتصادية في سوريا مع انتهاء الصراع هناك، ومن شبه المؤكد أن طهران تريد هذه الأشياء لبناء نفوذها الإقليمي ودعم "حزب الله" وتهديد "إسرائيل".
وستبقى إيران قوة مزعزعة للاستقرار في اليمن، لأن دعم طهران للحوثيين، بما في ذلك توريد الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وكذلك الأنظمة المسيّرة، يشكل تهديدًا لشركاء الولايات المتحدة ومصالحها، لا سيما من خلال الضربات على السعودية. كما لا تزال طهران تشكل تهديدًا ضد "إسرائيل"، سواءً بشكل مباشر من خلال قواتها الصاروخية، أو بشكل غير مباشر من خلال دعمها "حزب الله" والجماعات الإرهابية الأخرى.
وستعمل إيران على التملص من رهاناتها في أفغانستان، إلا أن أفعالها قد تهدد الاستقرار؛ فرغم أنها تدعم علنًا محادثات السلام الأفغانية، لكنها قلقة بشأن وجود أمريكي طويل الأمد في أفغانستان. ونتيجة لذلك، ستقوم إيران ببناء علاقات مع كل من الحكومة في كابل وحركة "طالبان"، حتى تتمكن من الاستفادة من أي نتيجة سياسية.
القدرات العسكرية
إن القدرات العسكرية المتنوعة لإيران ونهجها الهجين في الحرب، باستخدام كل من القدرات التقليدية وغير التقليدية، ستظل تشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة في المستقبل المنظور.
- أظهرت إيران استراتيجيتها العسكرية التقليدية، التي تقوم أساسًا على الردع والقدرة على الرد على المهاجم، بإطلاقها صواريخ باليستية متعددة على قاعدة تضم قوات أمريكية في العراق ردًا على مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في كانون الثاني/ يناير 2020. إن إيران تمتلك أكبر قوة صاروخية باليستية في المنطقة، ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها، إلا أن طهران ستسعى إلى تحسين واكتساب أسلحة تقليدية جديدة.
- إن عمليات الحرب غير التقليدية التي تقوم بها إيران وشبكة الشركاء والوكلاء المتشددين، ستمكّن طهران من تعزيز مصالحها في المنطقة، والحفاظ على العمق الاستراتيجي، وتوفير خيارات انتقامية غير متكافئة.
- وسيظل الحرس الثوري الإيراني (فيلق القدس ووكلائه) مركزيْن للقوة العسكرية لإيران.
الهجمات على المصالح الأمريكية والوطن
إننا نقدر أن إيران لا تزال مهتمة بتطوير شبكات داخل الولايات المتحدة، وهو هدف سعت إليه لأكثر من عقد من الزمان، لكن الخطر الأكبر على الأشخاص الأمريكيين موجود خارج الوطن، لا سيما في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
- لقد هددت إيران بالانتقام من المسؤولين الأمريكيين لمقتل "سليماني" وحاولت إجراء عمليات مميتة داخل الولايات المتحدة سابقًا.
- على مدى السنوات العديدة الماضية، ألقت سلطات إنفاذ القانون الأمريكية القبض على العديد من الأفراد الذين لهم صلات بإيران، كعملاء للتأثير أو لجمع معلومات عن منشقين إيرانيين في الولايات المتحدة، وكانت قوات الأمن الإيرانية على صلة بمحاولات اغتيال وخطف في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
- قد تستطيع إيران أن تستهدف بسهولة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، لأنها تمتلك أصولًا ووكلاء في المنطقة لديهم إمكانية الوصول إلى الأسلحة والمتفجرات.
اندلاع نووي
ما زلنا نرى أن إيران لا تقوم حاليًا بأنشطة تطوير الأسلحة النووية الرئيسية التي نرى أنها ستكون ضرورية لإنتاج سلاح نووي. ومع ذلك، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية "JCPOA" في أيار/ مايو 2018، تخلّى المسؤولون الإيرانيون عن بعض التزامات بلادهم واستأنفوا بعض الأنشطة النووية التي تتجاوز حدود "JCPOA". وإذا لم تحصل طهران على تخفيف للعقوبات، فمن المحتمل أن يدرس مسؤولوها خيارات تتراوح بين زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، و تصميم وبناء مفاعل جديد للمياه الثقيلة بسعة 40 ميغاوات.
لطالما وصفت إيران استئنافها لأنشطتها النووية بأنه رد عكسي على انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وأرسلت رسالة مفادها أنها ستعود إلى الامتثال الكامل إذا أوفت الولايات المتحدة أيضًا بالتزاماتها في هذه الخطة.
ومنذ حزيران/ يونيو 2019، زادت إيران حجم ومستوى تخصيب مخزونها من اليورانيوم بما يتجاوز حدود خطة العمل المشتركة الشاملة؛ فمنذ أيلول/ سبتمبر 2019 تجاهلت إيران القيود المفروضة على البحث والتطوير في أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وأعادت استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو المدفونة بعمق. وفي كانون الثاني/ يناير بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20%، وبدأت البحث والتطوير بقصد مُعلن لإنتاج معدن اليورانيوم لوقود مفاعل الأبحاث، وفي شباط/ فبراير أنتجت كميات من معدن اليورانيوم الطبيعي في تجربة معملية.
السيبرانية والاستخبارات والتدخل في الانتخابات
إن خبرة إيران واستعدادها لإجراء عمليات سيبرانية عدوانية تجعلها تهديدًا كبيرًا لأمن الولايات المتحدة والشبكات المتحالفة معها، حيث تمتلك إيران القدرة على شن هجمات على البنية التحتية الحيوية، فضلًا عن القيام بأنشطة التجسس.
كما تنشط إيران بشكل متزايد في استخدام الفضاء الإلكتروني لتمكين عمليات التأثير، بما في ذلك عمليات التأثير العدوانية التي استهدفت الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، ونتوقّع أن تركز طهران على التأثير السري عبر الإنترنت، مثل نشر معلومات مضللة حول التهديدات الوهمية أو البنية التحتية الانتخابية المعرضة للخطر، وإعادة تعميم المحتوى المناهض للولايات المتحدة.
الإرهاب العالمي
نحن نقدّر أن "داعش" و"القاعدة" لا يزالان يمثلان أكبر التهديدات الإرهابية السنية لمصالح الولايات المتحدة في الخارج، حيث يسعيان لشن هجمات داخل الولايات المتحدة، رغم أن الضغط المستمر من قبل الولايات المتحدة وحلفائها على مكافحة الإرهاب أدى إلى تدهور كبير في قدرتيهما على القيام بذلك. كما أن الجهات الفاعلة، الفردية والخلايا الصغيرة الموجودة في الولايات المتحدة، والتي لديها مجموعة واسعة من الدوافع الأيديولوجية، تشكل تهديدًا محليًا مباشرًا بشكل أكبر. لذا، فإننا نرى هذا التهديد المنفرد يتجلى في كل من المتطرفين العنيفين المحليين (HVEs)، المتأثرين بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، ومن هؤلاء أولئك الذين يرتكبون أعمالًا إرهابية لأهداف أيديولوجية نابعة من التأثيرات المحلية، مثل التحيّز العنصري والمشاعر المناهضة للحكومة، وممن يتأثرون بهما أيضًا الأفراد والمجموعات المتشابهة في التفكير في الخارج.
أما من جهة "حزب الله" اللبناني، فقد يشن هجمات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها ردًا على التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، وكجزء من جهوده لإخراج الولايات المتحدة من المنطقة. ومن المحتمل أن يؤدي انتشار التهديد الإرهابي على مستوى العالم، وتعارض الأولويات بالنسبة للعديد من البلدان، وفي بعض الحالات تقليل المساعدة الغربية لمكافحة الإرهاب، إلى توسيع الفرص للإرهابيين وتوفير مساحة لهم للتعافي من النكسات الأخيرة.
داعش "ISIS"
لا يزال "تنظيم الدولة الإسلامية" قادرًا على شن تمرد طويل الأمد في العراق وسوريا وقيادة تنظيمه العالمي، رغم تفاقم خسائر قيادته العليا. ورغم أننا شهدنا انخفاضًا في عدد الهجمات المستوحاة من "داعش" في الغرب منذ أن بلغت ذروتها عام 2017، إلا أن مثل هذه الهجمات لا تزال تمثل أولوية قصوى للتنظيم. ومن المرجح جدًا أن تظل الهجمات المستوحاة من "داعش" تشكل التهديد الرئيسي على الولايات المتحدة هذا العام، بدلًا من المؤامرات المدعومة من الناحية العملية أو الموجهة من قبل التنظيم، نظرًا للتحديات اللوجستية والأمنية التي سيحتاجها للتغلب عليها لنشر ودعم المهاجمين في الولايات المتحدة.
- سيحاول "داعش" توسيع تمرده في العراق وسوريا؛ حيث سيهاجم القادة المحليين البارزين والعناصر الأمنية والبنية التحتية وجهود إعادة الإعمار.
- من شبه المؤكد أن جاذبية أيديولوجية "داعش" ستستمر، حتى لو بدأ جمهورها بالتقلص، إلا أن التنظيم سيستمر في استخدام وسائل إعلامه لتشجيع المؤيدين العالميين على شن هجمات دون توجيه من قيادته، لكن القدرات الإعلامية المتدهورة للتنظيم ستعيق على الأرجح قدرته على إلهام وتيرة هجماته المرتفعة السابقة وجذب مجندين وأنصار جدد.
القاعدة
عانى الكادر القيادي في "القاعدة" من خسائر فادحة في السنوات القليلة الماضية، لكن القادة المتبقين سيشجعون التعاون بين العناصر الإقليمية، وسيواصلون الدعوات لشن هجمات ضد الولايات المتحدة والأهداف الدولية الأخرى، وسيسعون لدفع عجلة التخطيط في جميع أنحاء العالم. كما أن المنظمات الإقليمية التابعة لـ"القاعدة" ستستغل الصراعات المحلية والأماكن غير الخاضعة للحكم، لتهديد المصالح الأمريكية والغربية، وكذلك الحكومات المحلية والسكان في الخارج.
لقد حقق المنتسبون لـ"القاعدة" في منطقة الساحل والصومال مكاسب خلال العامين الماضيين، لكن التنظيم عانى من انتكاسات في أماكن أخرى، بما في ذلك فقدان القادة الرئيسيين أو إدارة عمليات محدودة فقط في شمال أفريقيا وجنوب آسيا وسوريا واليمن.
حزب الله
نتوقع أن يواصل "حزب الله"، بالتنسيق مع إيران والمسلحين الشيعة الآخرين المتحالفين مع إيران، تطوير القدرات الإرهابية كرادع وخيارات انتقامية وكأدوات إكراه ضد خصومه. فقد ازداد تركيز "الحزب" على تقليص النفوذ الأمريكي في لبنان والشرق الأوسط، بعد مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني. كما أن "الحزب" يحتفظ بالقدرة على استهداف المصالح الأمريكية، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل لبنان وفي المنطقة وفي الخارج، وبدرجة أقل، في الولايات المتحدة.
النزاعات وعدم الاستقرار
الشرق الأوسط
سيظل الشرق الأوسط منطقة تتميز بانتشار الصراعات مع حركات تمرد نشطة في العديد من البلدان، ومناوشات بين إيران ودول أخرى، واستمرار الإرهاب وحركات الاحتجاج التي تثير أعمال عنف بين الحين والآخر. وستستمر التقلبات المحلية مع استمرار السخط الشعبي والمظالم الاجتماعية والاقتصادية في الارتفاع، لا سيما في الوقت الذي تكافح فيه المنطقة التداعيات الاقتصادية لوباء "COVID-19"، ويكافح قادتها لتلبية التوقعات العامة للإصلاح السياسي والاقتصادي. ونتيجة لذلك، قد تواجه بعض الدول ظروفًا مزعزعة للاستقرار قد تدفعها إلى الانهيار، ومن الممكن أن تحتد النزاعات التي اندلعت لا سيما إذا تدخلت روسيا وتركيا ودول أخرى، ما يزيد من خطر التصعيد وسوء التقدير.
العراق
من شبه المؤكد أن الحكومة العراقية ستواصل الكفاح لمحاربة "داعش" والسيطرة على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. إن بغداد تعتمد على الولايات المتحدة وعلى دعم خارجي آخر لاستهداف قادة وخلايا "داعش"، ومع ذلك فقد أظهر التنظيم مرونة باعتباره حركة تمرد. ومن المرجح أن تواصل الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران هجماتها ضد أهداف أمريكية، مثل الهجوم الصاروخي في شباط/ فبراير على مطار أربيل الدولي، للضغط على القوات الأمريكية للمغادرة إذا لم تتوصل الحكومة العراقية إلى اتفاق مع واشنطن بشأن جدول زمني للانسحاب. كما سيواجه الموظفون الأمريكيون خطرًا إذا اتخذت الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد الحكومي والاقتصاد المتدهور منعطفًا أكثر عنفًا، أو إذا تورطت بغداد في صراع إقليمي أوسع.
ليبيا
ستواجه حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة تحديات سياسية واقتصادية وأمنية مستمرة، منعت الحكومات السابقة من دفع عجلة المصالحة إلى الأمام. وسيستمر عدم الاستقرار وخطر تجدد القتال في الحرب الأهلية الليبية هذا العام، رغم التقدم السياسي والاقتصادي والأمني المحدود، وقد يمتد إلى صراع أوسع؛ حيث يكافح الخصوم الليبيون لحل خلافاتهم ويمارس اللاعبون الأجانب نفوذهم. ومن المرجح أن تواصل كل من مصر وروسيا والإمارات وتركيا الدعم المالي والعسكري لوكلائها، فيما ستكون نقطة الاشتعال المحتملة هي إذا كانت روسيا وتركيا ستلتزمان بوقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، والذي يدعو إلى رحيل القوات الأجنبية.
سوريا
سيعمّ الصراع والتدهور الاقتصادي والأزمات الإنسانية سوريا خلال السنوات القليلة المقبلة، وستزداد التهديدات للقوات الأمريكية. ورغم أن الرئيس "بشار الأسد" يسيطر بقوة على قلب سوريا، لكنه سيكافح لإعادة السيطرة على البلد بأكمله ضد التمرد المتبقي، بما في ذلك ضد القوات التركية، والمتطرفون الإسلاميون والمعارضة في محافظة إدلب، وسيوقف أي مفاوضات ذات أهمية بالاعتماد على دعم روسيا وإيران. وسيواجه الأكراد ضغوطًا متزايدة من النظام السوري ومن روسيا وتركيا، خاصةً مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الكردية، لاسيما إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها. وستواجه القوات الأمريكية شرق سوريا تهديدات من إيران والجماعات المتحالفة مع النظام السوري، وفي الغالب من خلال هجمات يمكن إنكارها. وسيحاول الإرهابيون شن هجمات على الغرب من ملاذاتهم الآمنة في البلاد، في حين قد يؤدي تزايد القتال أو الانهيار الاقتصادي إلى موجة أخرى من الهجرة.
لقراءة وتحميل الملف/ اضغط هنا