تصاعدت الخلافات بين أبوظبي والرياض حول مجموعة من القضايا الإقليمية، أهمها موقف البلدين من الملفين اليمني والقطري، بالإضافة إلى معضلة أسعار النفط. يأتي هذا الخلاف بالتزامن مع مفاوضات حساسة حول مستقبل متحف اللوفر في أبو ظبي، حيث كشفت صحيفة ” لا تريبيون“ الفرنسية أن الإمارات تسعى إلى إضافة بند جديد في عقدها المستمر مع الحكومة الفرنسية حتى عام 2037، من أجل أن تحد من مشاركات فرنسا في مشاريع ثقافية مع المملكة السعودية.
وفي خلال زيارته لأبوظبي في شهر حزيران/ يونيو، سعى رئيس متحف اللوفر المنتهية ولايته، جان لوك مارتينيز، إلى التوافق مع حكومة بن زايد على اتفاقية سيتم توقيعها هذا الصيف قبل انتهاء فترة ولايته في أيلول/ سبتمبر، والتي تهدف إلى تحقيق توازن بين المطالب الثلاثة لشركاء المتحف.
المنافسة السعودية
بعد عامين ونصف من افتتاح متحف اللوفر في أبو ظبي وبعد أن موّلت الإمارات تجديدات واسعة في قصر "تشاتيو دي فونتينبليو" الفرنسي، أخذت الشركات الخاصة الفرنسية، وعدد من المسؤولين الثقافيين بالاهتمام بمشاريع المملكة العربية السعودية التي شملت عدداً من المشاريع كان أهمها تحويل مدينة العلا القديمة المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى منطقة جذب سياحي بمليارات الدولارات، وهو مخطط يهدف إلى تعزيز الصورة الثقافية للسعودية واقتصادها بما يتماشى مع رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعام 2030. إضافة لذلك، وقعت باريس والرياض اتفاقية لمدة 10 سنوات عام 2018، تمنح فرنسا دوراً بارزاً في مشروع "الدرعية" التراثي، الذي يكلّف حوالي 20 مليار دولار، ويهدف إلى تطوير موقع بوابة الدرعية التراثي في ضواحي الرياض، وبناء حي جديد حول الموقع لجذب السعوديين المغتربين كجزء من طموحات البلاد لمضاعفة عدد سكان المدينة البالغ 5 ملايين، لثلاثة أضعاف بحلول عام 2030.
الهيئة الملكية خلف التطويرات
تعمل الهيئة الملكية لمحافظة العلا، برئاسة بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود ، المقرب من محمد بن سلمان مع الوكالة الفرنسية من أجل التنمية في العلا (AFDU)، ويتلقى الاستشارات من المستشار الفرنسي والرئيس السابق للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) جاك أتالي.
وتسعى العديد من الشركات الفرنسية للاستثمار في المشاريع السعودية الصاعدة في العلا، حيث تتطلع شركة "أكور Accor" إلى تطوير مشروع مجمع خيام بدوية فاخرة يُعرف باسم "عشار"، بالإضافة إلى أن عدداً من شركات الإنشاءات والخدمات الحضرية تنشط لإبرام العقود في العلا، بما في ذلك شركتي فينشي وفيوليا.
تغلغل فرنسي في السوق السعودي
من المهم الإشارة إلى أن الحكومة الفرنسية تمتلك بعض المستشارين العاملين في وزارة الثقافة السعودية، بمن فيهم الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي، فرجينيا كاسولا، والتي عملت كمستشارة سابقة في السفارة الفرنسية بالرياض، كما أنها عملت لدى وزير الثقافة السابق جاك لانج، الذي شارك في العديد من المفاوضات الدبلوماسية والمالية في القطاع الثقافي كرئيس لمعهد العالم العربي الفرنسي (IMA) في باريس. في المقابل، تحاول أبوظبي في الوقت الحالي، استرجاع اهتمام فرنسا بالإمارات، والتراجع عن الانغماس الكبير في السوق السعودي.
على صعيد آخر، ضم التحالف السويسري الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع ALIPH، رئيس محافظة العلا بدر بن عبد الله في مجلس الإدارة في شهر آذار/ مارس، عندما كان "جاك لانغ" هو رئيس المؤسس. يُشار إلى أن المنظمة التي تم إنشاؤها في الإمارات، أسسها رجل الأعمال الأمريكي توماس كابلان.
وكان كابلان، المقرب من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، قد أطلق عدداً من المشاريع في المملكة العربية السعودية، كما قامت المنظمة غير الحكومية التابعة لكابلان، ”بانثيرا Panthera“ بعقد شراكة مع العلا منذ عامين. وشارك "كابلان" في تأسيس "منظمة العدالة للأكراد" مع الفيلسوف الفرنسي الشهير "برنارد هنري ليفي" إضافة إلى تمويله عدة مجموعات ثقافية، كمجموعة "متحدون ضد إيران النووية“ (UANI) ومشروع ”مكافحة التطرف (CEP)“.
تعتبر الإمارات المشاريع الفرنسية السعودية ضارة بمبادرات القوة الناعمة الثقافية التي أبرمتها فرنسا. فيما ترى الرياض أن الإستراتيجية الدبلوماسية الثقافية الفرنسية ليست واضحة، خصوصاً في أعقاب قضية لوحة "سالفاتور موندي" التي اشتراها "بدر بن عبد الله" لصالح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مزاد في كانون الأول/ ديسمبر 2017 مقابل 450 مليون دولار، معتقداً أنها من أعمال ليوناردو دافنشي. بعد القضية، رفض محمد بن سلمان إقراض اللوحة لمعرض اللوفر الكبير في الذكرى السنوية الـ 500 لوفاة دافنشي.
لقراءة وتحميل الترجمة/ اضغط هنا