المصدر: جينس ديفينس وييكلي
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا
تمهيد:
ما بين تلك الأحداث التي اعتُبرت فعليًا محاولة انقلاب في واشنطن في كانون الأول/ يناير 2021 إلى سقوط كابل في آب/ أغسطس، شهد عام 2021 عددًا من الأحداث البارزة التي حوّلت عالم الدفاع وساهمت في تشكيله بشكل مباشر وغير مباشر. وستُلقي مجلة "جينس ديفينس وييكلي" نظرة على الأشهر الـ12 الماضية وتستعرض اللحظات الرئيسية والتطورات المستمرة والتأثيرات المستقبلية.
إخفاق استخباري داخليًا وتعثر في الملف النووي مع إيران
في السنوات القادمة، سيُذكر عام 2021 بعدد من الإخفاقات الاستخبارية؛ حيث بدأ العام فعليًا بفشل كل من وكالة الاستخبارات الأمريكية وسلطة إنفاذ القانون، مدفوعةً بأكاذيب الرئيس المنتهية ولايته "دونالد ترامب" حول انتخابات مسروقة، في اكتشاف أنه في السادس من كانون الثاني/ يناير سيعاني "الكابيتول" من أسوأ هجوم منذ غزو مدينة واشنطن من قبل القوات البريطانية في آب/ أغسطس 1814.
وفي الشرق الأوسط، لم يؤد تغيير الحكومة الأمريكية في كانون الثاني/ يناير إلى ذلك التحسن في العلاقات مع إيران الذي كان متوقعًا هذا العام؛ فرغم أنه عُقدت مفاوضات غير مباشرة لمناقشة عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية 2015، التي حدّت من قدرة إيران على تطوير الأسلحة النووية، إلا أنها فشلت في التوصل إلى اتفاق قبل أن يتم تأجيلها لما بعد الانتخابات الإيرانية في حزيران/ يونيو، والتي أسفرت عن تولي المتشدد "إبراهيم رئيسي" منصب الرئاسة. وقد استؤنفت المفاوضات في الـ29 من تشرين الثاني/ نوفمبر لكن بتوقعات منخفضة؛ حيث يصرّ فريق التفاوض الإيراني الجديد على رفع جميع العقوبات الأمريكية والأوروبية، بما فيها تلك التي لا تتعلق ببرنامجها النووي.
في غضون ذلك، واصلت إيران تخصيب اليورانيوم مع تقليص إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنشطتها، فيما قُدِّر "وقت الاختراق" الذي ستحتاجه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع سلاح، بما يتراوح بين ثلاثة وستة أسابيع مع استئناف المفاوضات. ورغم ذلك، لم يكن هناك أي مؤشر علني على أن إيران تعمل أيضًا على صنع رأس حربي لليورانيوم الخاص بها. وعندما تقاعد رئيس المخابرات العسكرية في الجيش "الإسرائيلي"، الجنرال تامير هايمان، قال إن الأمر سيستغرق حوالي عامين حتى تحصل إيران على سلاح نووي عملي.
ومع ذلك، ذكر الإعلام "الإسرائيلي" في الشهر نفسه أن الجيش سيتلقى 1.5 مليار دولار إضافية، للتحضير لهجوم على برنامج إيران النووي. وبينما يستمر أسطول سلاح الجو "الإسرائيلي" من مقاتلات الشبح من طراز "F-35I" في النمو، فإن توجيه ضربة فعالة طويلة المدى ضد المنشآت المزودة بالحماية والدفاع القوي قد لا يكون خيارًا واقعيًا حتى تتسلم طائرات "KC-46" الثمانية، التي وافقت واشنطن على بيعها في آذار/ مارس، والتي لا يُتوقع تسليم الدفعة الأولى منها حتى أواخر عام 2023، رغم ورود أنباء بأن "إسرائيل" تحاول تسريع هذا الجدول الزمني.
تغير معادلات الردع مع "إسرائيل" وشكوك حول كفاءة "القبة الحديدية"
ومن شأن أي ضربة كهذه أن تشعل حربًا مع "حزب الله" المدعوم من إيران في لبنان، وقد أعطى تصعيد العنف مع حركة "حماس" في قطاع غزة في أيار/ مايو لمحة مسبقة عما ستبدو عليه تلك الحرب؛ حيث تمكّن مسلحو "حماس" من إطلاق ما يقرب من 4400 صاروخ على "إسرائيل" خلال 12 يومًا، أي ما يعادل تقريبًا ما تم إطلاقه خلال حرب 2014 التي استمرت 50 يومًا. ورغم أن الجيش "الإسرائيلي" أفاد بأن "القبة الحديدية" اعترضت 90% من الأهداف التي اشتبكت معها، إلا أن الخسائر المتزايدة والأضرار على الأرض تشير إلى أن عددًا أكبر من الضحايا كان يسقط أكثر مما كان عليه الحال في عام 2014، وقد يكون ذلك بسبب عدم إمكانية إعادة تحميل منصات الإطلاق بالسرعة الكافية.
إن "حزب الله" لديه صواريخ أكثر بكثير من نظرائه في قطاع غزة، كما إن لديه صواريخ باليستية تكتيكية يمكن استخدامها ضد أهداف شديدة الأهمية. نتيجةً لذلك، من المرجّح أن يتم استنفاد مخزون "إسرائيل" من الصواريخ الاعتراضية بسرعة، ما يجبر الجيش "الإسرائيلي" على غزو جنوب لبنان لتأمين مواقع الإطلاق.
من جهتها، واصلت "إسرائيل" محاولاتها السرية بصورة كبيرة لتأخير الحشد الإيراني بضربات جوية ضد أهداف في سوريا، وتخريب المنشآت النووية، والهجمات على ناقلات النفط الإيرانية التي تنقل الوقود إلى سوريا. وقد أثارت هذه الإجراءات في بعض الأحيان ردودًا انتقامية، بما فيها تلك الهجمات ضد ناقلات لها صلات بـ"إسرائيل"، مع هجوم آخر في تموز/ يوليو أظهر أن إيران لديها نسخة صاروخية مضادة للسفن من الطائرات بدون طيار بعيدة المدى، والتي تم استخدامها ضد منشأة بقيق النفطية السعودية عام 2019.
ويبدو أيضًا أن الغارات الجوية "الإسرائيلية" في سوريا أثارت ردود فعل انتقامية ضد القوات الأمريكية لأول مرة، عندما ضربت الطائرات بدون طيار موقع التنف بالقرب من الحدود الثلاثية الأردنية العراقية في الـ20 من تشرين الأول/ أكتوبر. لم يكن الدافع وراء ذلك واضحًا، رغم أن المسلحين العراقيين المدعومين من إيران لا يزالون يحاولون الانتقام لزعيمهم، أبو مهدي المهندس، الذي اغتالته الولايات المتحدة، وكذلك للواء الإيراني، قاسم سليماني، الذي اغتالته في كانون الثاني/ يناير 2020. وفي محاولة منه لتخفيف حدة الخطاب المناهض للتواجد الأمريكي، تفاوض رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، على سحب جميع القوات الأمريكية من العراق بحلول الـ31 من كانون الأول/ ديسمبر. وقد أثار ذلك قلقًا من احتمال انهيار العراق مرة أخرى، وعدم قدرته على مواجهة أي هجوم جديد من قبل متطرفي "تنظيم الدولة الإسلامية" كما حدث عام 2014.
الانسحاب الأمريكي وانعكاسه على ملفات المنطقة
لقد حدث تحسن طفيف في الجيش العراقي هذا العام، لا سيما في قواته الجوية التي تعثرت بسبب نقص قطع الغيار وكبار موظفي الصيانة، إضافةً إلى الاتصالات المناسبة مع مركز القيادة المكلف بتنسيق الضربات الجوية. ومع وجود كل هذه المشاكل، لا يزال "تنظيم الدولة الإسلامية" ضعيفًا رغم مرونته، ولن يكون هناك تغيير حقيقي كبير لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على الأرض نهاية العام، حيث تحوّل دورها إلى استشاري.
بموازاة ذلك، وفي اليمن، استمر القتال بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الحكومية المدعومة من السعودية؛ حيث شن المتمردون سلسلة من الهجمات التي فشلت في السيطرة على مدينة مأرب الرئيسية. كما استمر الحوثيون في مهاجمة السعودية بطائرات بدون طيار وصواريخ، بما في ذلك محاولتان طويلتان ضد ميناء رأس تنورة النفطي على ساحل الخليج. بالمقابل، لم تحرز جهود المملكة لإخراج نفسها من هذا المستنقع أي تقدم يذكر؛ حيث قال وزير خارجيتها في تشرين الأول/ أكتوبر إن أربع جولات من المحادثات السرية السابقة مع إيران قد عُقدت لكنها لا تزال في "مرحلة استكشافية".
وربما يكون هذا التعنت الإيراني قد عزّزه الضغط الذي تمارسه إدارة "بايدن" على الرياض لإنهاء الصراع، الذي تسبب في سقوط العديد من الضحايا المدنيين إضافةً إلى تسببه في أزمة إنسانية في اليمن؛ فقد تم سحب بعض أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية المنتشرة في السعودية عام 2019، رغم التهديد المستمر. من جهتها، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية فقط على صفقتين رئيسيتين لبيع الأسلحة إلى السعودية هذا العام؛ إحداهما تغطي صيانة طائرات الهليكوبتر والأخرى لتزويد صواريخ "AIM-120" المتقدمة جو-جو "AMRAAMs"، لإسقاط الطائرات بدون طيار، ورغم هذا التبرير الدفاعي، إلا أن هناك محاولات في الكونجرس لمنع بيع "AMRAAMS".
بدورها، تكافح الإمارات أيضًا للمضي قدمًا في شراء مقاتلات "F-35A" التي تمت الموافقة عليها في الأيام الأخيرة من إدارة "ترامب"، رغم انسحاب معظم القوات التي كانت لديها في اليمن. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تريد "تفاهمًا متبادلًا واضحًا فيما يتعلق بالالتزامات والإجراءات الإماراتية قبل وأثناء وبعد التسليم"، مشيرةً إلى أن الإمارات ستضطر إلى القبول بالقيود على أماكن استخدام الطائرات، رغم أن علاقاتها مع الصين أصبحت نقطة شائكة كما أفادت التقارير.
في غضون ذلك، أعلنت شركة "داسو" الفرنسية في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر أن الإمارات طلبت 80 طائرة من أحدث طراز "F4" لمقاتلتها متعددة المهام "رافال"، إضافةً إلى تحديث أسطولها من طراز "ميراج 2000-9"، بينما قال قائد القوات الجوية الإماراتية إن الطائرات الفرنسية لم تكن بديلًا عن طائرة "إف-35".
وقد كان تغيير ملكية الشركة واضحًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار الـ12 شهرًا الماضية؛ حيث تضمنت المعاملات البارزة الاستحواذ على شركة الإلكترونيات المتقدمة في السعودية، من قبل صندوق الاستثمارات العامة المملوك للدولة نهاية عام 2020، ما أنهى ملكية شركة "BAE Systems" في مشروع تم إنشاؤه عام 1988.
كما ظهرت العروض العامة الأولية لأسهم الدفاع والاتصالات السلكية واللاسلكية في المنطقة؛ حيث طرحت شركة "مبادلة" للاستثمار الإماراتية حصة 40% في شركة الاتصالات الفضائية "ياه سات" في سوق أبوظبي للأوراق المالية في تموز/ يوليو. كما بدأت الحكومة "الإسرائيلية" أيضًا وضع شركة الصناعات الجوية "الإسرائيلية" "IAI" في عرض عام أولي جزئي طال انتظاره، مع طرح ما يصل إلى 25% من الشركة في بورصة تل أبيب.
تراجع الإنفاق الدفاعي بسبب جائحة "كورونا"
من جهة أخرى، اشتعلت وتيرة عمليات الاندماج والاستحواذ في أمريكا الشمالية، أكبر سوق دفاعي في العالم، هذا العام بصفقات بقيمة 29.8 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، ما أحدث انتعاشًا قويًا بعد أن كانت قيمتها قد بلغت فقط 5.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2020.
هذا، بينما استمر الإنفاق الدفاعي العالمي في التباطؤ هذا العام، مدفوعًا بالضغوط المالية المستمرة من التأثير الاقتصادي لوباء "Covid-19" خلال عام 2020، في حين ارتفع إجمالي تمويل الدفاع العالمي بنسبة 0.6% على أساس سنوي بالقيمة الحقيقية إلى 1.94 تريليون دولار، محدِثًا انخفاضًا من 1% عام 2020 و1.4% عام 2019.
ومع ذلك، من المقرر حدوث تحول في هذا الاتجاه العام المقبل؛ حيث تشير توقعات "ميزانيات جينس للدفاع" إلى أن إجمالي الإنفاق الدفاعي العالمي سينمو بنسبة 4.7% خلال العام المقبل، متجاوزًا حاجز تريليوني دولار للمرة الأولى. وذلك حتى مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع معدلات التضخم؛ فإن هذا يمثل زيادة بنسبة 2.1%، وهو أسرع معدل منذ عام 2018.
ومن المتوقع أيضًا أن يظهر الإنفاق الدفاعي في الولايات المتحدة علامات الانتعاش؛ حيث يُحتمل أن يعكس النمو السنوي الحقيقي بنسبة 1.1% عام 2022 تراجعًا طفيفًا هذا العام، ويزيد الإنفاق بنحو 8 مليارات دولار أمريكي بالقيمة الحقيقية.
لقد تحسنت توقعات الإيرادات الحكومية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث ارتفعت أسعار النفط مرة أخرى فوق 80 دولارًا للبرميل. وعلى العكس من ذلك، فإن تلك البلدان التي كانت تستفيد من انخفاض أسعار النفط، مثل الأردن، ستواجه رياحًا معاكسة أكبر حيث تظل المجالات الأخرى لتوليد الإيرادات، لا سيما السياحة، مقيدة بشدة.