سياسة خارجية أكثر حزمًا في الأمن البحري ... "إسرائ

سياسة خارجية أكثر حزمًا في الأمن البحري ... "إسرائيل" تتبنى استراتيجية أمنية بحرية جديدة مدفوعة بنمو اقتصادي كبير

الساعة : 16:00
19 يناير 2022

المصدر: فيتش سوليوشنز

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا

تمهيد:

إن المخاطر المتزايدة في المنطقة ستدفع "إسرائيل"، مدعومةً بتحسين الأسس الاقتصادية، إلى تبني سياسة خارجية أكثر حزمًا في المجال البحري خلال الفترة القادمة؛ حيث ستسعى "إسرائيل" في المقام الأول إلى حماية مصالحها في مجال الطاقة في البحر المتوسط، من المطالبات الإقليمية التركية البحرية. كما إن الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيدفع الحكومة "الإسرائيلية"، إلى موازنة النفوذ الروسي في المتوسط، بينما سيدفع تدخل إيران المتزايد، بالقرب من الطرق البحرية، "إسرائيل" إلى زيادة أمنها البحري لحماية تدفقاتها التجارية مع الشركاء الآسيويين واحتواء تهديد "حزب الله".

تحسن الوضع المالي لـ"إسرائيل" سيسمح بسياسة بحرية أكثر حزمًا

من المتوقع أن تعزز "إسرائيل" من وضعها الأمني ​​البحري خلال الأرباع القادمة من العام، فيما سيسمح تحسين الأساسيات الاقتصادية للبلاد بتطوير سياسة خارجية أكثر حزمًا، لمواجهة عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد في البحر المتوسط ​​والبحر الأحمر. في الواقع، وبعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2020 بنسبة 2.5%، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد "الإسرائيلي" بمتوسط ​​4.3% بين عامي 2021 و2023. وفي الوقت نفسه، سيتقلص العجز المالي للدولة من أعلى مستوى له منذ ثلاثين عامًا، والذي كان قد وصل إلى 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، إلى 1.8% خلال عام 2023. وستمكن ظروف الميزانية المحسنة السلطات من تبني استراتيجية أمنية بحرية جديدة، لموازنة الطموحات الجيوسياسية المتزايدة للقوى الأجنبية، خاصة روسيا وتركيا، وحماية التدفق المنتظم للتجارة الذي يمر عبر موانئ حيفا وأشدود وإيلات. كما يُتوقع أن تنمو الصادرات والواردات على التوالي بمتوسط ​​سنوي بمقدار 6.7% و6.6% بين عامي 2021 و2023، أي أعلى من المتوسط ​​السنوي بين عامي 2017-2019 الذي بلغ 0.4% و5.0%.

مخاطر النفوذ التركي على مصالح "إسرائيل" شرق المتوسط

ستتبنى "إسرائيل" سياسة خارجية بحرية أكثر حزمًا للدفاع في المقام الأول عن مصالحها في مجال الطاقة، من قواعد تركيا شرق المتوسط. ويُعتقد أن مزاعم أنقرة بالسيادة البحرية ستزيد من المخاطر على صادرات الغاز "الإسرائيلية" المتنامية، والتي يُرجّح أنها ستنمو بمعدل 47.1% بين عامي 2021 و2023 مقارنةً بمتوسط ما بين عامي ​​2017-2019 الذي بلغ 2.0%.

جدير بالذكر في هذا الإطار أنه في كانون الأول/ ديسمبر 2019، وقّعت تركيا اتفاقية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة، تضمنت رسميًا ترسيم الحدود بين المناطق الاقتصادية الخالصة التي يطالب بها الطرفان. لكن الاتفاقية تتعارض مع تفسير "إسرائيل" للممر المائي نفسه، خاصةً وأن هذه هي المنطقة التي تخطط فيها "إسرائيل" مع اليونان ومصر لبناء خط أنابيب الغاز الطبيعي "East Med"، الذي سيصدّر الغاز إلى أوروبا. وبالتالي، فإن هناك مخاطر من تنامي التوترات بين "إسرائيل" وتركيا، والتي ستسعى الأولى لمعالجتها من خلال زيادة نفوذها الأمني البحري في المنطقة.

موازنة حذرة تجاه النفوذ الروسي

ستسعى "إسرائيل" إلى تعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ الروسي المتنامي في البحر المتوسط؛ ففي حين أن وجود موسكو في البحر المتوسط ​​سيظل انتهازيًا إلى حد كبير، إلا أن التقارب النسبي للصراعات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأهميتها العالمية الاستراتيجية، يعني أن روسيا ستظل منخرطة بشدة في المنطقة. وسيكون هذا واضحًا بشكل خاص في ليبيا؛ حيث يدعم الكرملين الجيش الوطني الليبي (المنافس الرئيسي لحكومة الوفاق الوطنية) ويمارس نفوذًا كبيرًا هناك، وفي سوريا؛ حيث تحتفظ موسكو بقاعدة طرطوس البحرية والقاعدة الجوية في حميميم.

هذا النفوذ الروسي، سيدفع السلطات العسكرية "الإسرائيلية" إلى تبني دور موازنة حذر نيابةً عن الولايات المتحدة؛ إذ من المتوقع أن تقلص واشنطن ببطء مشاركتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحت إدارة "بايدن"، التي ترغب في التركيز أكثر على منطقة المحيطين الهندي والهادي. ورغم أن "إسرائيل" ستستمر في التعاون مع روسيا على الأرض في سوريا؛ حيث يسعى كلاهما لإجبار قوات "حزب الله" الشيعية على الخروج من البلاد، إلا أن المرجح أن تحافظ "إسرائيل" على تحالفها القوي مع الولايات المتحدة، من خلال كبح جماح طموحات روسيا لتوسيع نفوذها البحري، في الوقت الذي يُعتبر فيه "حزب الله" في الجبهة الشمالية أكبر تهديد أمني لـ"إسرائيل".

مواجهة التهديد الإيراني للمسارات البحرية

أخيرًا، ستكرس "إسرائيل" مزيدًا من الاهتمام للأمن البحري لمواجهة التهديد المتزايد الذي تشكله إيران على مصالحها، كما إن استعدادها لتنويع صادراتها بعيدًا عن أوروبا والولايات المتحدة (التي تمثل ثلثي سوق صادراتها) يعني أنها ستسعى إلى زيادة تجارتها مع الاقتصادات الآسيوية، خاصةً الصين والهند. وبالتالي، يُرجح أن تمر كميات متزايدة من البضائع عبر نقاط الاختناق الرئيسية مثل باب المندب (الذي يربط البحر الأحمر ببحر العرب ومن ثم المحيط الهندي)، وبالقرب من مضيق هرمز حيث تمارس إيران نفوذًا بحريًا غير مباشر (من خلال الحوثيون في اليمن)، وتأثيرًا مباشرًا كذلك. فإن الهجمات الأخيرة ضد سفن الحاويات المملوكة لـ"إسرائيل"، مثل تلك التي وقعت في طريق ميرسر في الـ29 من توز/ يوليو بالقرب من ساحل عُمان، وما حدث لسفينة الحاويات "لوري" في الـ25 من آذار/ مارس عام 2021، تؤكد الحاجة إلى حماية بحرية أكبر.

في الوقت نفسه، قامت إيران مؤخرًا بتوسيع نطاق استخدامها للسفن لتقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية إلى "حزب الله"، الذي يعتبر التهديد الاستراتيجي الرئيسي لـ"إسرائيل" (انظر الرسم البياني أعلاه)، في لبنان وسوريا. يأتي ذلك بعد أن استخدمت طهران منذ فترة طويلة حرية المرور عبر العراق وسوريا كطريق نقل رئيسي لدعم "الحزب" الشيعي. لذلك يُعتقد أن "إسرائيل" ستزيد من وجودها البحري في البحر المتوسط ​​قبالة سواحل سوريا ولبنان، لاعتراض شحن المساعدات إلى "حزب الله"، أو على الأقل تصعيب المرور من أجل تقليل حدة التهديد.